العربية
على الرغم من الخلافات بين البلدين، التقت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، في بكين رئيس مجلس الدولة (مجلس الوزراء) الصيني لي تشيانغ ونقلت إليه رسالة تعاون مشترك.
وفي قاعة فوجيان المزخرفة بمبنى قاعة الشعب الكبرى غرب ميدان تيانآنمن ببكين، قالت يلين اليوم الأحد، "لا يمكن إحراز تقدم في العلاقات مع الصين إلا بالتواصل المباشر".
فيما أكد المضيف الصيني أن بلاده تريد أن تكون شريكاً لا خصماً للولايات المتحددة.
أتى هذا اللقاء بينما يسود التوتر منذ سنوات العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم، بسبب خلافات حول قضايا عدة، في مقدمتها التجارة.
كما جاء في وقت تستعد أميركا لانتخابات رئاسية قد تعيد المرشج الجمهوري دونالد ترامب، الذي غالباً ما صعد تجاه بكين ولا يزال، مجدداً إلى البيت الأبيض.
ما يعيد طرح التساؤلات حول أفق الحرب التجارية الجارية بين البلدين، سواء فاز ترامب أم الرئيس الحالي جو بايدن.
حرب تجارية
فقد تطورت سياسة الولايات المتحدة تجاه الصين من حرب تجارية على وقع رسوم جمركية مشددة في عهد ترامب، إلى إجراءات هادفة تفرض على قطاع التكنولوجيا أو على الاستثمارات في عهد بايدن.
لكن اختبار القوة أيا كان الفائز في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل من المتوقع أن يستمر، وفق ما يرى العديد من الخبراء.
تزداد تشدداً
ففي بلد يسوده حاليا استقطاب شديد على مختلف المستويات، ثمة موضوع واحد يلتقي حوله الجمهوريون والديمقراطيون، وهو السياسة تجاه بكين التي لا يمكن برأي الخبراء سوى أن تزداد تشددا سواء عاد المرشح الجمهوري إلى البيت الأبيض أو بقي فيه الرئيس الديمقراطي لولاية ثانية.
وفي السياق، قال جوشوا ميلتزر الباحث في معهد بروكينغز للدراسات "أعتقد أن الضغط لا يمكن سوى أن يذهب في اتجاه واحد في واشنطن، نحو المزيد من الهجومية" تجاه الصين، حسب ما نقلت وكالة فرانس برس. وأوضح أن "هناك ضغوطا في الكونغرس للمضي أبعد".
كما رأى أن بايدن لا يتوقع "التوصل إلى اتفاق مع الصين"، بل تسعى إدارته بالأحرى إلى "التكيف مع واقع الصين" و"ضم الحلفاء إليها"، مع العمل على "خفض المخاطر من الناحية الأمنية أيضا".
في المقابل، اعتبر الباحث أن ترامب سيعمد إلى تشديد الضغط على بكين لحملها على تطوير موقفها، وهو ما يتفق مع النهج الذي اتبعه خلال ولايته الرئاسية ومع اتفاق تجاري انتزعه مع الصين في ظل التصعيد حول رسومه الجمركية المشددة
لكن إن كان الحزبان يتفقان على الخطوط العريضة، فإنهما يختلفان حيال النهج الواجب اتباعه، على ما أوضح جاميسون غرير المحامي في مكتب "كينغ أند سبالدينغ" الدولي.
ضم الشركاء أو الانعزال
فبمعزل عن الاختلافات، يعتبر الطرفان أن بكين تطرح مخاطر، وهو توجه طغى على الحزبين منذ حوالي عشر سنوات.
وكان ترامب أعلن سابقا أنه يعتزم فرض رسوم جمركية بنسبة 60%، في زيادة يتوقع أن يقابلها ردّ صيني، ما يهدد بحسب الخبراء بشل التجارة بين القوتين الاقتصاديتين الأوليين في العالم.
وحذر ميلتزر قائلا "أعتقد أننا سنرى عودة أكبر بكثير إلى الرسوم الضريبية، أعتقد أننا سنرى كذلك تعاونا أقل بكثير مع الحلفاء"، مضيفا أن "الولايات المتحدة ستكون أكثر عزلة بكثير حول بعض هذه المسائل".
"قيود في مجال التكنولوجيا"
أما بايدن، فمن المتوقع في حال فوزه بولاية ثانية أن يواصل سياسته الحالية القاضية باتخاذ تدابير محددة الهدف، يقابلها تعزيز التعاون مع بكين حول مسائل مثل التغير المناخي وإيجاد هامش أكبر للتفاوض مع زوال ضغط الحملة الانتخابية الذي يدفعه إلى الظهور في موقع متشدد تفاديا لانتقادات معسكر ترامب.
وأيا كانت نتيجة الانتخابات، فإن الرئيس المقبل سيسعى للحفاظ على التفوق التكنولوجي الأميركي.
قيود في مجال التكنولوجيا
وفي السياق، اعتبر تريولو خبير المسائل الصينية في شركة "أولبرايت ستونبريدج غروب" للاستشارات أن "الحكومة الأميركية ستبقي على القيود في مجال التكنولوجيا وستضيف إليها حتى" قيودا في مجالات أخرى مثل التكنولوجيا الحيوية والسيارات الكهربائية والسيارات الذكية.
لكن إدارة ترامب في حال فوزه قد تبذل بحسبه جهودا أقل من أجل إعادة توطين مراكز إنتاج أشباه الموصلات في الولايات المتحدة وكذلك من أجل رصد استثمارات كبرى في الإنتاج المحلي للسيارات الكهربائية وفي سلاسل إمداد حساسة.
ولفت تريولو إلى أن القيود قد تشمل أيضا نقل البيانات إلى شركات أو منظمات تتخذ مقرا في الصين.
يذكر أن بايدن عند وصوله إلى البيت الأبيض في 2021، أبقى على الرسوم الجمركية المشددة التي فرضها سلفه، وأضاف إليها سلسلة من التدابير المحددة الأهداف قلصت من إمكانية حصول بكين على التكنولوجيا المتطورة ولا سيما في مجال بعض الرقائق الإلكترونية وحدّت من الاستثمارات الأميركية في هذا البلد.
بموازاة ذلك، شجعت الإدارة الأميركية نقل أنشطة الشركات إلى الولايات المتحدة، كما يسعى المسؤولون لتعزيز الاكتفاء الذاتي في مجالات أساسية بما فيها إمدادات الطاقة النظيفة.