النهار
أسوأ من الخسائر الانية للحرب الدائرة جنوباً، والتي لا يقوى لبنان على التعويض عنها من دون احتضان دولي غير متوافر حتى تاريخه، فان التداعيات المستقبلية لمعضلة النزوح السوري الى لبنان، تتجاوز الخسائر البشرية المادية في الجنوب، لانها تتعلق بمستقبل البلد والمحافظة على هويته وناسه، اذ كشف وزير الشؤون الاجتماعيّة هيكتور الحجّار، أن ما يجري في لبنان أكثر من توطين، معتبراً الأمر عملية استبدال للمواطنين اللبنانيين بمواطنين سوريين بغطاء دولي، وشدّد على أن هذا الخطر المحدق بكلّ اللبنانيين يحتّم على ميقاتي اتخاذ موقف تاريخي يكتبه على ورقة يذهب بها إلى بروكسل في 27 أيار المقبل كي ينصفه التاريخ، لا الاكتفاء بالتحاور فيما هو مستمرّ بالإصغاء للمجتمع الدولي. وقال في هذا الإطار: “إن الأوروبيين أبلغوه خلال جولته الأوروبيّة الأخيرة بتخفيض سقف المساعدات الماليّة للنازحين السوريين المقيمين في لبنان، وإنّ مسؤولاً فرنسياً في الاتحاد الأوروبي كاشفه بأنّ مصير السوريين في لبنان سيكون مماثلاً لمصير اللاجئين الفلسطينيين، وعلينا كلبنانيين أن ننسى الحدود التي رسمتها فرنسا وانجلترا، واعتبر حجّار أنّ سايكس ـ بيكو يُعاد رسمه في المنطقة مع تغيير ديموغرافي في لبنان”.
ودعا الحجّار ضمن برنامج “مع وليد عبود” على شاشة تلفزيون لبنان، رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى “أن يتّخذ موقفاً في ملفّ النزوح السوري لا أن يكتفي بالإصغاء كي لا يتشرّد اللبنانيون على أرصفة العالم”، مشيراً إلى أنّ “الفرصة لا تزال متاحة لفكفكة قنبلة النزوح، شرط أن يتصرّف لبنان كدولة ذات سيادة بمقدورها أن تقول لأوروبا نساعدك في حماية البحر إذا ساعدتنا في حماية البرّ”.
في مجال اخر، بدت لافتة كلمة الرئيس نجيب ميقاتي في مستهل جلسة مجلس الوزراء امس لجهة تعدد الملفات التي تناولها. فمن مسألة تجديد تأكيده على مخاطر الوضع الامني في الجنوب، وموقف لبنان المندد بالاعتداءات الاسرائيلية، فضلاً عن اهمية انتخاب رئيس للجمهورية، توقّف ميقاتي أمام حجم الخسائر التي مُني بها الجنوب بفعل تلك الاعتداءات، داعياً للمرة الاولى ربما إلى إعلانه منطقة منكوبة زراعياً وتعليمياً.
قد يكون كلام ميقاتي عن وضع الجنوب الاول من نوعه لجهة الإضاءة على حجم الخسائر في ظل التعتيم الكامل حول حجم الأضرار، وغياب أيّ زيارات أو جولات لوزراء أو مسؤولين حكوميين إلى البلدات والقرى التي تتعرض يومياً للاستهداف. وقد جاء عقب اجتماع عقده مع 14 سفيرا لدول عربية وغربية وممثلي المنظمات الدولية في حضور وزراء، لتقييم الوضع الإنساني والميداني جنوباً، حيث يجري العمل على تأمين مساعدات دولية تصل إلى 70 مليون دولار كشف عنها المنسق المقيم للأمم المتحدة عمران ريزا خلال الاجتماع.
في جانب آخر، تلقّف ميقاتي أي تفاعلات لما وصفه بملامح ازمة ديبلوماسية مع قبرص على خلفية ملف الهجرة غير الشرعية، على ضوء الحملات التي برزت في الصحف القبرصية ضد لبنان، فوضع الوزراء في نتيجة اتصاله بالرئيس القبرصي، فضلاً عن نتائج المحادثات التي جرت في اجتماع اللجنة الوزارية المكلّفة ملف النازحين.
لم يغفل ميقاتي الرد على الانتقادات التي طاولت حكومته ايضاً في موضوع اعادة هيكلة المصارف، على خلفية طيّ مشروع القانون الذي طُرح على طاولة مجلس الوزراء قبل اسابيع ثم سُحب من التداول تحت ذريعة انتظار ملاحظات الوزراء. والواقع بحسب المعلومات المتوافرة، ان الملف وُضع فعلاً على الرفّ، بعدما فوجئت الحكومة باقتراح قانون تقدم به نواب في كتلة “التنمية والتحرير” تحت عنوان “حماية الودائع المصرفية المشروعة وإعادتها إلى اصحابها”. وقد جاء تقديم النواب لهذا الاقتراح في وقت تدرس الحكومة مشروع قانون في الاطار عينه، ما عكس تناقضاً وغياب التنسيق في موضوع دقيق وحساس يمسّ اموال المودعين وهيكلة القطاع المصرفي، على نحو عكس عدم جدية على كِلا الضفتين في التعامل معه.
وكان الكلام عن هيكلة المصارف مناسبة لاستعراض العلاقة مع صندوق النقد الدولي في ضوء ما نشرته “النهار” امس عن اجواء الصندوق والمخاوف من امكان انهاء الاتفاق الاوّلي الموقّع مع لبنان. وكان توضيح لنائب رئيس الحكومة سعادة الشامي بصفته رئيس الوفد المفاوض مع الصندوق بأن التواصل لا يزال قائماً مع المؤسسة الدولية، وكاشفاً ان الصندوق ليس الجهة المخولة فسخ أيّ اتفاق لأن الاتفاق الذي يمهد للدخول في برنامج مع لبنان يدخل في صلب المهمات التي أُسِّس الصندوق من اجلها لمساعدة الدول التي تحتاج إلى مساعدة.
وفي حين انجز مجلس الوزراء إقرار رفع الحد الادنى للأجور إلى 18 مليون ليرة كما أقرته لجنة المؤشر، فاته من ضمن رزمة المواضيع التي تناولها في سياق تنشيط عمل الحكومة، التوقف عند ملف الانتخابات البلدية والاختيارية التي يُفترض ان تشكل أولوية مع بدء العد العكسي لانتهاء ولاية المجالس الممددة في نهاية أيار المقبل.
وحول الانتخابات البلدية، قال وزير الداخلية بسام مولوي الذي زار بكركي مساء امس مولوي: “موضوع تأجيل الانتخابات البلدية والاختيارية لم يُحسم بعد والتأجيل لا يمكن أن يحصل إلا بقانون والوزارة ملزمة بإجراء الانتخابات وتطبيق القانون الحالي”. وأضاف “الوزارة ستبدأ من الغد في أول مرحلة من دعوة الهيئات الناخبة وأول محافظة ستكون جبل لبنان”.
داخليا، نشطت حركة قضائية مطلبية، اذ نظّم “اتحاد المودعين في مصارف لبنان” اعتصاما، أمام مصرف لبنان، تنفيذاً لمقررات “ملتقى المودعين والمحامين” الذي انعقد بتاريخ ٢١ آذار الفائت. شارك في الاعتصام، اضافة الى المودعين والمحامين والناشطين، النائب شربل مسعد، وقد رفعوا الاعلام اللبنانية ولافتات دعت الى “إيفاء الودائع ضمن مهلة زمنية قصيرة مع تعويض الخسائر وخاصة لمودعي الليرة”.
بدورهم اهالي ضحايا انفجار المرفأ نفذوا اعتصامهم الشهري، امام تمثال المغترب، واعترضوا على اعادة بناء مرفا بيروت قبل الشروع في اعادة تحريك الملف القضائي.
وقضائيا، ثلاث محطات، اولها قبول الطعن بموازنة 2024 وابطال 8 مواد منها، وثانيها، وقف مجلس شورى الدولة تنفيذ قرار الحكومة باعادة ثلاثة قوانين الى مجلس النواب،
وثالثها الادعاء على المدير العام لامن الدولة اللواء طوني صليبا في ملف فرار الموقوف داني الرشيد.