ابتسام شديد - الديار
ملامح أزمة ديبلوماسية بين لبنان وقبرص تحدث عنها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مؤخرا، بعد الهجوم الذي شنته صحف "إسرائيلية" على لبنان، بسبب تدفق المهاجرين السوريين من لبنان الى الجزيرة. فقضية التهريب بالمراكب غير الشرعية عادت الى الضوء مع توقيف السلطات القبرصية مجموعة من المهاجرين في زوارق آتية في المياه الإقليمية من لبنان، بعد فترة غاب فيها الملف وخفت عمليات التهريب، بسبب العوامل المناخية والأمنية.
فمن المتعارف عليه ان التهريب ينشط صيفا ويختفي شتاء بسبب الطقس، علما ان العمليات الأمنية من قبل الجيش أدت الى ضبط العمليات التي كانت تنفذها العصابات المنظمة.
الصدمة القبرصية تركت أصداء في الداخل اللبناني، مع العلم ان الاحتجاج القبرصي ليس جديدا، اذ سبق وأطلقت السلطات القبرصية نداءات للمجتمع الدولي والى لبنان للمساعدة في مواجهة تدفق المهاجرين غير الشرعيين عبر البحر.
الأزمة القبرصية كما تقول مصادر سياسية هي امتداد للأزمة اللبنانية، فلبنان يرزح تحت عبء النزوح السوري بسبب الحرب السورية، الأمر الذي انعكس تزايدا في عمليات التهريب عبر المعابر البرية، لينتقل بوتيرة متفاوتة الى المعابر البحرية. وتضيف المصادر ان لبنان عاد الى التخبط في عاصفة التهريب مع بدء فصل الصيف بسبب عدة عوامل، فالمشكلة ليست في الموقف اللبناني، فالأجهزة الامنية ليست مقصرة في هذا الصدد، لكن المهربين على قدر عال من الحرفية، واكتسبوا خبرات تجعلهم يختارون بدقة النقاط المناسبة غير الخاضعة للمراقبة او التي يصعب ضبطها، أضف الى ذلك فان ازدياد أعداد النازحين السوريين في الداخل اللبناني يفاقم التهريب الى الخارج، بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تدفعهم الى ركوب البحر والمخاطرة، طمعا بحياة ومستقبل آمن لهم في أوروبا والدول المناسبة.
لا يمر أسبوع من دون توقيف مراكب مهاجرة، ويسجل للقوى الأمنية والجيش ان أكثر من ثلث العمليات يتم رصدها ومنعها وتوقيف المهربين، إلا ان القوى الأمنية غير قادرة على ضبط الموضوع كليا من الجهة اللوجستية، وبسبب الإمكانات البشرية المحدودة، وعدم القدرة على ضبط كل الشاطىء اللبناني، في الوقت الذي صار ثابتا ان مراكب المهاجرين لا تخرج من المرافئ الرسمية للدولة، بل من نقاط موزعة على امتداد طول الشاطىء.
معالجة الأزمة مع قبرص يفترض البحث في اسبابها ومسبباتها الحقيقية، فثمة ترابط قوي بين ما يعانيه لبنان من تداعيات النزوح وتدفق النازحين إليه، قبل انتقالهم الى قبرص او أي وجهة خارجية . فالأجدر قبل تحميل لبنان وزر المسألة، يجب مساعدته لمنع تدفق النازحين السوريين الى أراضيه، وتخفيف الضغوط التي يسببها هؤلاء في المجتمع اللبناني المضيف، فيما العمل الأهم ملقى على عاتق المجتمع الدولي الذي يشجع النازحين على البقاء خارج بلادهم عبر دعمهم ماديا، بدل تشجيعهم على العودة الى سورية بعد انتهاء الحرب فيها، مما يفاقم العبء على لبنان ويزيد من معاناة السوريين ويدفعهم الى البحث عن التأشيرات الأوروبية من قبرص الى إيطاليا وألمانيا والسويد.