ممر سوفالكي لربط كالينينغراد بروسيا واقع بين عضوين في الناتو.. لِمَ كل هذا الرعب الأوروبي؟
ممر سوفالكي لربط كالينينغراد بروسيا واقع بين عضوين في الناتو.. لِمَ كل هذا الرعب الأوروبي؟

خاص - Wednesday, March 20, 2024 5:08:00 PM

كشفت الأيّام القليلة الماضية، أن وصول قوات الجيش الروسي إلى حدود نهر دنبيرو، يعتبر بمثابة خط أحمر ممنوع المساس به بالنسبة لأوروبا. ويحمل هذا النهر قيمة استراتجية مهمة حيث يفصل شرق أوكرانيا عن غربها، والخط الدفاعي الأخير قبل كييف.
فقد اتفقت ألمانيا وفرنسا على توحيد جهودهما لبدء إنتاج الأسلحة داخل أوكرانيا، في محاولة منهما لتعزيز دعم المعدات والتجهيزات العسكرية المقدّم لكييف.

والتقى في هذا الصدد، كل من المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك خلال ما يُطلق عليه صيغة "مثلث فايمار" لمناقشة سبل تقديم المساعدة بطريقة أفضل لكييف وإظهار جبهة أوروبية موحدة. و"مثلث فايمار" هو تحالف إقليمي يضم فرنسا وألمانيا وبولندا تم إنشاؤه عام 1991 في مدينة فايمار الألمانية، وتهدف المجموعة إلى تعزيز التعاون بين الدول الثلاث في القضايا العابرة للحدود والقضايا الأوروبية.

 وهذا في وقت تعاني فيه القوات الأوكرانية بشدّة من الشح بالذخيرة فيما تكافح لكبح التقدم الروسي، ما يفاقم مخاوف من انهيار الخطوط الدفاعية، مما قد يقرب الجيش الروسي من العاصمة كييف مرّة أخرى.
وقد أثار ماكرون توترات مع حلفائه قبل أكثر من أسبوعين بتصريحه أنه لا ينبغي استبعاد أي شيء عندما سُئل عن إرسال قوات عسكرية إلى الأراضي الأوكرانية. وأضاف أن الغموض الاستراتيجي ضروري لردع موسكو. وسرعان ما أدى الأمر بشولتس والبيت الأبيض إلى الإعلان عن رفضهما لهذا الخيار، بينما حذّر بوتين حلف شمال الأطلسي (الناتو) من مخاطر نشوب صراع نووي إذا تم إرسال قوات مسلحة لمساعدة أوكرانيا.
في حين، رفض المتحدث باسم شولتس، ستيفن هيبستريت، تلميحات بأن المستشار وماكرون لا يقدّران بعضهما البعض، وهو أمر قد يعرّض التقدم في مجالات تشمل دعم أوكرانيا والدفاع الأوروبي المشترك للعرقلة.

وأكد هيبستريت في مؤتمر صحفي أن الزعيمين تربطهما علاقة جيدة تمامًا على حد قوله، حتى لو اختلفا حول بعض القضايا على غرار إرسال قوات للقتال في الحرب مع روسيا، الأمر الذي رفض ماكرون استبعاده.

 وهذا ما تم التداول به في الآونة الأخيرة، حيث كثر الحديث عن سيناريوهين محتملين في ما يتعلق بالمستقبل القريب للصراع، السيناريو الأول: نشر قوات فرنسية على طول نهر دنيبرو. أما السيناريو الثاني: تمركز القوات الفرنسية على الحدود مع بيلاروسيا.
والهدف الرئيسي من نشر القوات الفرنسية هو بعث رسالة للكرملين مفادها ألّا يذهب الجيش الروسي أبعد من ذلك، وإلا سيواجه خطرًا بالتعرض للنيران.
بدوره، وبعد فرنسا، صرح وزير الدفاع البريطاني أنه لا يمكن استبعاد سيناريو إرسال قوات بريطانية لأوكرانيا، وألمانيا تنوي المغامرة ومنح أوكرانيا صواريخ متوسطة وبعيدة المدى، بامكانها ضرب العاصمة الروسية موسكو.

لما كل هذا الرعب الأوروبي؟ وماذا يعني وصول روسيا إلى نهر دنيبرو؟

في أوكرانيا تم وضع ستة خطوط دفاعية أمام القوات الروسية منذ نشوب الحرب الروسية – الأوكرانية، وآخر خط دفاع يقع على ضفاف نهر دنيبرو، ويرى الإتحاد الأوروبي أنه بحال وصول روسيا إلى النهر، يعني ذلك أنه ما من رادع أمام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للسيطرة على كامل أوكرانيا وربما مواصلة الزحف لبلوغ الحدود البولاندية.
وهنا يكمن الرعب الأوروبي من تحقق هذا السيناريو، ما يعني أن روسيا عند سيطرتها على كييف سيسقط حكم الرئيس الأوكراني الحالي فولوديمير زيلينسكي، عندها تكون مسألة "غزو" بولاندا مجرّد مسألة وقت بالنسبة للأوروبيين.

 
لماذا قد يغامر الكرملين بمهاجمة أحد دول الناتو؟

السبب هو ممر "سوفالكي"، ويقع هذا الممر بين بلدين عضوين في حلف الشمال الأطلسي وهو المعبر البري الوحيد الذي يمكن لروسيا من خلاله أن تصل إلى كالينيغراد،  ما يشكل طموحًا لـ"الدب" بربط كالينينغراد بروسيا عبر خط بري يقع تحت سيطرتها التامة. وكالينينغراد مقاطعة إدارية تابعة لروسيا، لا تربطها أي حدود برية بها، حيث تطل على بحر البلطيق وتقع بين دولتي ليتوانيا وبولندا، لكنها اعتبرت طوال تاريخها مدينة عسكرية، فإطلالتها على بحر البلطيق جعلت منها خيارًا ممتازًا لإقامة قواعد عسكرية.... كل هذا متلازم مع خشية أوروبية من تولي دونالد ترامب الرئاسة الأميركية في الانتخابات المقبلة واحتمالية تخلي الولايات المتحدة عن دورها القيادي في الدفاع عن أوروبا، ففرنسا تتجهز على ما يبدو لأسوأ السيناريوهات لسد الفراغ الذي قد يخلفه ترامب، وتولي قيادة الدفاع عن أوكرانيا.

مع ذلك تظل بيلاروسيا كلمة السر والتي بحال بقيت الأمور تأخذ منحًا تصعيديًا بين روسيا والدول الأوروبية من المحتمل أن نشهد مواجهات عسكرية عند الحدود البيلاروسية – الأوكرانية، وهذا ما يفسر نشر أسلحة نووية في العمق البيلاروسي، كرسالة ردع لكن يبدو أن الفرنسيين والبريطانيين لم يأخذوا الرسالة الروسية على محمل الجد، فيما الولايات المتحدة تبدو أنها فهمت الرسالة واتخذت من دعم اسرائيل في حربها في غزة ذريعة للتراجع عن دعمها لأوكرانيا، إنما من المستبعد كل الاستبعاد أن لم تتخلى عنها كليًا نسبة لأهميتها الاستراتيجية.

نشهد مرحلة جديدة من الصراع الروسي - الأوكراني، حيث من المتوقع أن يعود الحديث عن هذه الحرب بشكل أوسع من جديد، بعدما خطفت الحرب في غزة الإهتمام العالمي، في حقبة جديدة في عالم الجيوسياسة، ترسم الممرات والأقاليم الانفصالية أبرز معالمه حديثًا، من ناغورني كاراباخ، إلى أروناشال باريديش، وأرض الصومال، ودونيتسك وسواها من الأقاليم الإنفصالية شرقي أوكرانيا وصولًا إلى كالينينغراد وممر سوفالكي الإشكالي.

فهل يشعل نهر دنيبرو بحال اقتراب روسيا منه حربًا نووية كما توعد بوتين دول أوروبا والناتو إذا تم اتخاذ قرار نشر قوات مسلحة لدعم كييف بوجه الكرملين؟

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني