فادي عيد - الديار
في الوقت الذي لا تزال فيه الساحة الداخلية منشغلة بالتكهنات وتتباين التوقعات حول المسار الذي سيسلمه المشهد الجنوبي بالتزامن مع الإستحقاق الرئاسي المعلق على مبادرة تكتل "الإعتدال الوطني"، تكشف النائبة التغييرية الدكتورة نجاة صليبا، أن تحديد طبيعة ودور الموفد الاميركي آموس هوكشتاين على هذين الصعيدين، يتطلب بالدرجة الأولى، التركيز، وقبل الدخول في الحديث عن مهمته، "تحديد الجهة التي تفاوض المندوب الأميركي، والتي لا تمثّل الآن الدولة اللبنانية، لأنها سلطة لا ترقى إلى مستوى الدولة، والتي تفاوض من أضعف نقطة قد تكون موجودة فيها في الوقت الحالي، حيث من الواضح أنهم مستعدون للمساومة على كل شيء من أجل البقاء في السلطة، لأن هذه السلطة التي لا تضع في أولويتها مصلحة الدولة واللبنانيين، هي سلطة مهترئة وضعيفة ولا تمثل إلاّ جزءاً قليلاً من اللبنانيين".
وتشير الدكتورة صليبا في حديثٍ لـ "الديار"، إلى تجربة ترسيم الحدود البحرية، معتبرةً أنه "كان واضحاً أيضاً أن السلطة لم تفاوض في حينه كدولة، بل كانت تفاوض كأحزاب تسعى لتحقيق مصلحتها، ولذلك ومن هذه الزاوية، تأتي قراءة تحركات هوكستين الذي تمّ تعيينه كمفاوضٍ لأميركا كونه خبيراً في النفط، إذ أنه قام بأعمال سمسرة مع السلطويين ونجح في ترتيب صفقة على حساب الشعب اللبناني، ولذلك أرسلته واشنطن مرةً جديدة من أجل التفاوض على الحدود البرية، علماً أن اختصاصه ليس الحدود البرية، ولكن بما أنه بات خبيراً في التعامل مع السماسرة في لبنان، من أجل التوصل إلى اتفاقيات جديدة على حساب الشعب اللبناني أيضاً، ولذلك من الضروري معرفة مهمة هوكشتاين الفعلية، لأن اختصاصه الأساسي ليس الحدود البرية، كما من الضروري تحديد والجهة التي يفاوض معها وموضوع هذا التفاوض".
ورداً على سؤال حول الملف الرئاسي وما إذا كان مرتبطاً بمهمة هوكشتين أو فقط بمبادرة كتلة "الإعتدال الوطني"، تقول صليبا إنه "عندما اجتمعنا كنواب التغيير مع نواب كتلة الإعتدال، أكدوا لنا أن مبادرتهم أتت بالتنسيق مع الرئيس نبيه بري، الذي نعتبره يمثل الثنائية الشيعية وليس المجلس، إذا جاز التعبير، والإعتدال أخذوا الضوء الأخضر من بري، ولكن مبادرتهم توقفت لأنهم وبعدما كانوا يقولون إن الرئيس بري وعدهم بفتح المجلس لجلسات متتالية، وليس لعدة جلسات، ثم خرج أحد من قبله يناقض هذا الأمر، وأيضاً توقفت هذه المبادرة مع القوات اللبنانية، بسبب الشرط الذي وضعته بأن لا يكون سليمان فرنجية من بين المرشحين، ولذلك ومن هنا، فإننا نعتبر أن مبادرة الإعتدال كانت محاولة جديدة من بري لإقناع النواب بانتخاب فرنجية ولكنها سقطت".
وحول حلّ معضلة عدم امتلاك أي طرف الأكثرية في مجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية، تؤكد النائبة صليبا، أن "الحل يكمن بكل بساطة بالعودة إلى الدستور، وتطبيق الآليات الديمقراطية، ونحن كنواب لا ننتظر دعوة الرئيس بري، إذ بإمكاننا أن نتداعى وأن يتواجد 86 نائباً داخل القاعة لافتتاح الجلسة، لذا نؤكد أن لا حل لأزمة الشغور الرئاسي إلا بتطبيق الدستور، وفتح المجلس النيابي وانتخاب رئيس الجمهورية".
وعن حراك "اللجنة الخماسية"، ترى النائبة صليبا أن "الخماسية وُلدت من أجل مساعدة لبنان على انتخاب رئيس الجمهورية، وإن لم تكن هذه الإنتخابات على طاولتهم، فلن تكون هناك مهمة لهم أوسبب لوجود الخماسية".
وعن وضع الجبهة الجنوبية، تكشف النائبة صليبا أن "الوضع اليوم بالغ الخطورة لأن حزب الله تفرّد بقرار الحرب من دون الأخذ بالإعتبار قرار الدولة، ولكن مع تطور الأحداث، فإن ما من جهة سواء كان الحزب أو الدولة أو المواطنين قادراً على استشراف واقع الحرب والسلم اليوم، لأن هذا القرار ليس بيد حزب الله أو الدولة، بعدما قدمه الحزب إلى إسرائيل التي باتت تمتلك قرار الحرب، وبتنا كلنا تحت رحمتها، وهي التي تقرر ذلك وفق مصالحها الخاصة".
ورداً على سؤال عن الواقع الداخلي وما يُطرح عن "تهميش المسيحيين في الدولة"، تشير النائبة صليبا، إلى أن "البعض يقول بأن التمثيل المسيحي مخطوف في الدولة، والأسباب تعود إلى الفراغ الحاصل في رئاسة الجمهورية، والذي أدى إلى عدم انتظام في عمل المؤسسات الدستورية، وإلى عدم إجراء التعيينات في المراكز المسيحية كعدم تعيين حاكم لمصرف لبنان، ولذا، فإن مسؤولية المسيحيين، إذا جاز التعبير، أو مسؤولية النواب، تقتضي بأنهم إذا كانوا يريدون أن تعمل المؤسسات بشكل صحيح، أن يبادروا إلى انتخاب رئيس الجمهورية، وبعدها يكون الحديث عن التمثيل المسيحي الحقيقي".