نظم المركز الإسلامي برئاسة المهندس علي نور الدين عساف، لقاءً حوارياً مع رئيس الهيئات الإقتصادية اللبنانية الوزير السابق محمد شقير تحت عنون: لبنان بين الأزمات والحلول، مساء أمس في مركزه في عائشة بكار، بحضور حشد كبير من النواب والوزراء والنواب السابقين وقيادات إقتصادية ورسمية وإجتماعية وشخصيات بيروتية.
بداية إفتتح الحوار رئيس اللجنة الثقافية في المركز الدكتور محمد النفي، الذي تحدث عن أعمال وإنجازات شقير مشيداً بدوره الفعال والهام على مختلف المستويات السياسية والإقتصادية والإجتماعية، طارحاً عدداً من المشاكل والتي تنعكس بشكل مباشر على حياة المواطنين وحياتهم اليومية، وكيفية معالجتها.
واستهل شقير حديثه بالتأكيد على أن الجميع كان متخوف من سقوط الدولة جراء الأزمة الاقتصادية لكن هذا الأمر لم يحصل جراء فعالية الهيئات الإقتصادية وقوة القطاع الخاص المبادر والناجح بالداخل والخارج، مشيراً الى ان القطاع الخاص تمكن من أن يتدبر أموره، في ظل عدم وجودأي دعم حكومي، أو قطاع مصرفي يقف إلى جانبه.
وقال شقير "في موازاة كل هذه المعاناة كان لا يأتينا من الدولة خلال السنتين الماضيتين سوى المصائب، ولعل آخرها الموازنة وما تضمنته من ضرائب جديدة مرهقة.
وبالنسبة لموضوع الأجور، قال شقير "استطاع القطاع الخاص أن يعيد الإعتبار لرواتب العاملين لديه. لكن العاملين في القطاع العام لا يزالوا مظلومين، على الرغم من المرسوم الذي صدر عن مجلس الوزراء بشأن زيادة رواتب القطاع العام لأنه غير واضح ولا نعرف كلفته ولكن ما نعرفه أنه سيعطي القليل من حقوق القطاع العام" مشدداً على أنه "في النهاية مهما عمل القطاع الخاص بدون القطاع العام لا يمكنه السير كما يجب، كما أننا مهما حاولنا فإننا بحاجة إلى قطاع مصرفي قوي".
وبالنسبة لموضوع إعادة الودائع، اكد شقير أن الودائع مقدسة، أولاً المطلوب من المسؤولين مصارحة المودعين، وثانياً يجب تحديد المسؤوليات عبر تراتبية المسؤولية، أول مسؤول الدولة، ثاني مسؤول هو مصرف لبنان، وثالث مسؤول هي المصارف. وقال "المسألة بكل صراحة بحاجة لجرأة، ونحن في الهيئات الإقتصادية وضعنا خطة تعافي في العام 2022 ترتكز بشكل أساسي على موضوع إعادة الودائع ضمن برنامج زمني محدد، وكذلك على الحفاظ على القطاع المصرفي لأنه يشكل المحرك الأساسي للإقتصاد، وهذه الخطة تم عرضها على الجميع وعلى صندوق النقد الدولي، لكن النقطة الأساسية في خلافنا مع الصندوق هو أنه لا يريد الإعتراف بأموال المودعين.
واعتبر شقير أن أكبر عملية فساد حصلت في لبنان بين العام 2020 و2021 عبر موضوع الدعم، حيث تم هدر أكثر من 14 مليار دولار من الاحتياطي الإلزامي أي من أموال المودعين، مشيراً إلى أن الاقتصاد غير الشرعي بات يشكل بين 55 و60 في المئة من حجم الاقتصاد الوطني.
وقال شقير رداً حول موضوع الأمن في لبنان، "أولاً أود أن أوجه تحية كبيرة للقوى الأمنية والعسكرية لقيامهم بمهام بطولية والامساك بالوضع الأمني والحفاظ على الاستقرار في ظل ظروف معيشية وحياتية بالغة الصعوبة، وفي ظل تدني قيمة رواتبهم لحوالي 40 دولار شهرياً.
وعن الاستثمارات الخارجية، قال شقير أن جذب المستثمر الأجنبي والعربي والخليجي لن يأتي كما في الماضي بالعاطفة وبالكلام الجميل أو استناداً إلى علاقات تاريخية أخوية، بل المطلوب اليوم تقديم رزمة قوانين مشجعة ومحفزة للاستثمار، والتي وحدها هي تجذب المستثمرين.
ورداً على سؤال حول الوقت المطلوب لإعادة النهوض بلبنان، أكد شقير أن لبنان دولة صغيرة وتعداد سكانها صغير، في المقابل تمتلك إمكانيات هائلة وكبيرة من قطاع خاص حيوي وجالية كبيرة تعمل في الخارج، ومغتربين، لذلك أنا على يقين أنه إذا تم انتخاب رئيس جمهورية وتشكيل حكومة جديدة وتعديل القوانين لجذب الاستثمارات وإجراء الإصلاحات الضرورية، واعتقد أن البلد خلال سنتين إلى ثلاث سنوات يعود للنهوض من جديد وبقوة كبيرة، لافتاً في هذا الإطار إلى الحركة الاقتصادية النشطة التي تمت في العام 2023 وتوجت في صيف 2023 والتي حققت الكثير من التقدم والنمو.
ولفت شقير إلى أن محاربة الفساد يكون في اتخاذ قرار صارم باتجاهين، خصخصة إدارة مؤسسات الدولة وتنفيذ قانون الشاركة بين القطاعين العام والخاص، وتنفيذ المكننة الشاملة في مؤسسات الدولة وإداراتها العامة، مشدداً في هذا المجال على ضرورة هيكلة القطاع العام لجهة إجراء دراسات دقيقة حول الفائض من الموظفين في دوائر محددة وحاجات الدوائر الأخرى لتقييم هذه الأمور وإعادة توزيعهم. كما شدد على ضرورة تحسين الأجور في القطاع العام، لكن على أن يرتبط ذلك بإنتاجية الدولة وزيادة مداخيلها.
وبالنسبة لموضوع النزوح السوري، حذر شقير من أن لبنان يمر في أخطر أزمة وجودية جراء التداعيات الخطرة للنزوح السوري، معتبراً أن مؤتمر النازحين الذي تم تنظيمه مطلع الاسبوع في الأمن العام برعاية وزارة الداخلية والبلديات وضع خارطة طريق لمعالجة النزوح السوري، مشدداً على ضرورة تكاتف كل القوى السياسية لمعالجة هذا الموضوع ضمن القوانين والأنظمة المرعية الإجراء وضمن الأصول وبعيداً عن أي مظاهر تتعارض مع تقاليدنا وأعرافنا وأخلاقياتنا.
ورداً على سؤال سياسي يتعلق بالأزمة السياسية وضرورة تغيير النظام في لبنان، شدد شقير على أنه ليس المطلوب على الإطلاق هذا الموضوع. وقال "أن البلد يعود إلى الانتظام العام ويستعيد عافيته شرط أن يتم تطبيق اتفاق الطائف بشكل كامل، وأنا متأكد أن كل شيء سيتحسن في البلد".