الشرق - بلومبرغ
تستعد إسرائيل لبيع كمية "شبه قياسية" من السندات هذا العام، لتمويل حربها على غزة، وفق ما أوردت "بلومبرغ"، الأحد، نقلاً عن مسؤولين مطلعين في وزارة المالية الإسرائيلية.
وأصبحت مهمة الحكومة الإسرائيلية أكثر صعوبة، بعدما خفضت وكالة "موديز إنفستورز سرفيس"، تصنيف إصدارات حكومة إسرائيل بالعملتين المحلية والأجنبية إلى "A2" من "A1"، بنظرة مستقبلية "سلبية"، بعدما كانت وضعت التقييمات قيد المراجعة تمهيداً لخفض التصنيف.
وقال المسؤولون في وزارة المالية الإسرائيلية، الذين تحدثوا إلى "بلومبرغ"، إن الحكومة الإسرائيلية من المرجح أن تعتمد بشكل كبير على أسواق الدين المقومة بالشيكل، في الوقت الذي تزيد فيه إصداراتها.
وأضاف المسؤولون أن الحكومة ستبيع أيضاً المزيد من السندات المقومة بعملات أجنبية، ولا سيما من خلال الصفقات التي يتم التفاوض عليها بشكل خاص.
وتتعرض إسرائيل لضغوط متزايدة، بما في ذلك من الولايات المتحدة، لإنهاء حربها في غزة، وتخفيف معاناة المدنيين الفلسطينيين، ومع ذلك، لا يزال القتال محتدماً، ويقول الجيش الإسرائيلي إن الأمر قد يستغرق حتى العام المقبل لتحقيق أهدافه.
قيمة السندات ربما تصل 58 مليار دولار
وتتطلع الحكومة الإسرائيلية إلى جمع أموال من السندات في عام 2024 أكثر من أي عام مضى، باستثناء عام 2020، عندما اضطرت إلى الإنفاق والاقتراض بكثافة، لاحتواء تداعيات جائحة فيروس كورونا وعمليات الإغلاق، بحسب المسؤولين.
ويتفق المحللون في القطاع الخاص مع هذا الرأي، حيث قال أليكس زابيزينسكي، كبير المحللين الاقتصاديين في شركة "ميتاف دي إس للاستثمارات" إن إجمالي قيمة إصدارات السندات ستصل إلى نحو 210 مليار شيكل (58 مليار دولار)، ما يمثل زيادة بمقدار الثلث مقارنة بالعام الماضي.
وأوضح زابيزينسكي أن إجمالي قيمة إصدارات السندات بلغ 265 مليار شيكل في عام 2020.
وأفادت "بلومبرغ" بأن عبء الدين سيقع بشكل كبير على السوق المحلية، والتي تستفيد منها السلطات في تلبية نحو 80% من احتياجاتها التمويلية لتقلل من اعتمادها على تدفقات رأس المال الأجنبي المتقلبة.
وأشارت إلى أن هذه الاستراتيجية تركز على صناديق التقاعد الإسرائيلية وغيرها من المؤسسات الاستثمارية الكبيرة، والتي تدير معاً مدخرات تبلغ قيمتها ما يقرب من 3 تريليون شيكل.
ويرى مزامل أفضل، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة "إي إف جي لإدارة الأصول" في لندن، أن هذه الأموال كافية لضمان ثبات تكاليف الاقتراض في إسرائيل على الأقل خلال الأشهر الستة المقبلة أو نحو ذلك.
ارتفاع الإنفاق الحكومي بـ19 مليار دولار
وانخفضت الإيرادات الحكومية في إسرائيل بشكل حاد منذ اندلاع الحرب على غزة، ومن المقرر أن يرتفع الإنفاق بما يعادل 19 مليار دولار هذا العام، وهو مبلغ ليس بالقليل بالنسبة لاقتصاد يبلغ حجمه 521 مليار دولار، لتغطية تكاليف الدفاع وبرامج مثل إعادة بناء المستوطنات المدمرة.
لكن مسؤولين في مكتب المحاسب العام، الذين يشرفون على إدارة ديون إسرائيل البالغة 300 مليار دولار، يعتقدون أن الضغوط الاقتصادية ستخف حدتها مع تقليص الجيش الإسرائيلي بعض العمليات، والسماح لمزيد من جنود الاحتياط بالعودة إلى وظائفهم.
وقال هؤلاء المسؤولون، إن المستثمرين متفائلون بشأن التوقعات المالية للبلاد، وذلك بناءً على الاجتماعات والمحادثات الأخيرة التي أجروها في الولايات المتحدة وأماكن أخرى، ولكنهم اعتبروا أن تزايد الإنفاق الدفاعي في إسرائيل يشكل مصدر قلق.
"موديز" تخفض تصنيف إسرائيل إلى "A2"
وخفضت وكالة "موديز إنفستورز سرفيس"، تصنيف إصدارات حكومة إسرائيل بالعملتين المحلية والأجنبية إلى "A2" من "A1"، بنظرة مستقبلية "سلبية"، وأرجعت هذا الخفض إلى أن الحرب في غزة، وتداعياتها وعواقبها الأوسع "تزيد بشكل ملموس المخاطر السياسية على إسرائيل، فضلاً عن إضعاف مؤسساتها التنفيذية والتشريعية وقوتها المالية في المستقبل المنظور".
وذكرت الوكالة أن "البيئة الأمنية الضعيفة تنطوي على مخاطر اجتماعية أعلى، وتشير إلى مؤسسات تنفيذية وتشريعية أضعف مما توقعته المؤسسة سابقاً"، مشيرة إلى أن آفاق التصنيف السلبية تحمل في طياتها مخاطر التصعيد التي تشمل حزب الله في شمال إسرائيل، وهو ما قد يكون له "تأثير سلبي على الاقتصاد أكثر بكثير مما يُفترض حالياً" في ظل السيناريو الأساسي الذي وُضع سابقاً.
وحال تصعيد الصراع، توقعت "موديز" أن تتعرض الموارد المالية الحكومية "لضغوط أكبر في مثل هذا السيناريو". وبشكل عام، فإن عواقب الصراع في غزة على الملف الائتماني لإسرائيل "سوف تتكشف على مدى فترة طويلة من الزمن". وألمحت وكالة التصنيف الائتماني إلى أن التأثير السلبي على مؤسسات الدولة والمالية العامة "قد يكون أكثر خطورة؛ مما تقدره الوكالة حالياً".
وعلى الصعيد المالي، قالت وكالة التصنيف الائتماني إن المالية العامة في إسرائيل "تتدهور"، كما أن الاتجاه الهبوطي المتوقع سابقاً في نسبة الدين العام "بدأ ينعكس"، وتوقعت أن يكون عبء ديون إسرائيل "أعلى بكثير مما كان متوقعاً قبل اندلاع الصراع"، بحسب "موديز".
ورجحت "موديز" أن يستمر تعرض إسرائيل المرتفع للمخاطر السياسية "في المستقبل المنظور، حتى حال خفض حدة القتال أو توقفه في غزة".
محافظ بنك إسرائيل: هناك حاجة إلى إجراءات
وقال أمير يرون، محافظ بنك إسرائيل المركزي، الأحد، إن "اقتصاد إسرائيل قوي، وسيتعافى من تأثير الحرب"، لكنه دعا الحكومة إلى "معالجة القضايا التي أثارتها وكالة موديز".
وأضاف يرون أن من المهم "عمل الحكومة والكنيست على معالجة القضايا الاقتصادية التي أثيرت في التقرير" من أجل تعزيز ثقة الأسواق وشركات التصنيف في الاقتصاد الإسرائيلي.
وتابع: "عرفنا كيفية التعافي من الأوقات العصيبة في الماضي والعودة بسرعة إلى الازدهار، واقتصاد إسرائيل لديه القدرة لضمان حدوث ذلك هذه المرة أيضاً".
وحث يرون، الحكومة على "الحفاظ على الانضباط المالي وتقليل الإنفاق على السلع غير المتعلقة بالحملة العسكرية" في غزة.
وذكرت "موديز" أن معدل الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في إسرائيل قد يصل على الأرجح إلى 67% بحلول 2025 مقابل 62.1% في 2023.
وقال يرون، إن المعدل كان مرتفعا في الماضي خلال فترات أزمات اقتصادية في إسرائيل، لكن "لم يحدث أي تأخير على الإطلاق في سداد الحكومة لديونها".
ووافق المشرعون بشكل مبدئي في الأسبوع الماضي على الميزانية الرسمية المعدلة لعام 2024، والتي تضمنت إضافة عشرات المليارات من الشواقل لتمويل الحرب وتعويض المتضررين ورفع عجز الميزانية المتوقع هذا العام إلى 6.6% من الناتج المحلي الإجمالي من 2.25%.