مريم نسر
الديار
مع دخول العدوان الصهيوني على غزة شهره الخامس، لا شيء يوحي بإيقافه رغم تصدّر المفاوضات المشهد، فذلك لم يمنع استمرار التصعيد على مختلف الجبهات، ولم يمنع رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو من استمرار تهديده بالهجوم على رفح علّه يكسب وقتاً إضافياً من عُمر حرب مهما أطالها نهايته في نهايتها...
يريد الإسرائيلي من هذه العملية أن يقول إنه بسط سيطرته على غزة وفرض نوعاً من الحصار عليها بوصوله الى الحدود وبمشاركة بعض الأنظمة العربية خاصة مع الحديث عن بناء الجدار الحدودي من قبل المصريين وبتمويل إماراتي، ورغم أن الأميركي لديه قناعة أن الدخول الإسرائيلي الى رفح ومد الحرب شهراً إضافياً أو أكثر سيكون من دون طائل ولن يغيّر شيئاً في مسار المعركة إلا أنه لا يمارس أي ضغط حقيقي ضد إقدام الجيش الإسرائيلي على التوسّع وارتكاب المجازر ضد أهل غزة.
يحاول الأميركي التمايز في الخطاب العلني عن الإسرائيلي حتى لا يدفع الكلفة المعنوية والإعلامية لسلوك نتنياهو الذي يستطيع منعه ولكن لا يريد أن يدفع ثمن المنع فيقوم بتصريحات علاقات عامة للتبرؤ من الجرائم الإسرائيلية التي تُرتكب ضد الفلسطينيين، وبخاصة أن مِن الملفت جداً أن كل المجازر التي ارتكبها الصهاينة، سبقتها تحذيرات أميركية من هذا النوع، وكأن التحذير الأميركي صار ضوءاً أخضراً للعدو الصهيوني، هنا يكمن الوجه الواضح للنفاق الأميركي.
يهدف الإسرائيلي من عملية رفح كما عملية مستشفى الشفاء، حيث انه يحمل شعارين:
الأول: عدم استثناء أي مكان يحتمل فيه بيئة حاضنة للمقاومة وبالتالي تشكيل ضغط نفسي على المواطنين لكسر إرادة المقاومة.
والثاني: البحث عن أهداف عسكرية.
أما التريث الذي يمارسه العدو قبل التوجه الى رفح فـله سببان: الأول: خلو المنطقة من أهداف وتشكيلات عسكرية للمقاومة الفلسطينية.
والثاني: تجنّب إسقاط هيبة الجانب المصري بشكل كامل من خلال اجتياح محور فيلادلفيا والحرج الذي سيسببه وجود أكثر من مليون نازح فلسطيني بالقرب من الحدود المصرية.
ورغم النية الإسرائيلية العدوانية ورفض نتنياهو لجزء كبير من ورقة حركة حماس التفاوضية، إلا أنه سيُكمل بالمفاوضات بناءً على مقترح باريس، ما يعني أن المفاوضات مستمرة، إلا أن رئيس وزراء العدو أراد من خلال رفع صوته أن يقول لليمينيين المتطرفين في حكومته انه الى جانبهم بمعنى أنه يريد أن يوازن معهم، تماماً كما تريد أميركا التي لن تعلن إيقاف الحرب و "إسرائيل" مكسورة، كي لا يحصل خلل بالتوازنات الدولية خاصة وأن ذلك سيلحقها، لذا فإن إيقاف الحرب ليس تفصيلاً عادياً وإنما سيأتي بسياقات يحاول الأميركي إيجادها كي لا تخرج "إسرئيل" مهزومة.
ورغم كل المحاولات الأميركية - الإسرائيلية المستمرة، إلا أن القضية الفلسطينية انتقلت من السكوت والقضم التدريجي لها الى السيطرة على الإعلام والفكر العالمي، واقع فرضته عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول من العام الماضي، وبعد مرور أكثر من أربعة أشهر على العدوان الصهيوني على غزة وما لحق بها وبأهلها من خسائر وأوضاع مأساوية يعيشون فيها، من ناحية، ومن ناحية أخرى، ما ألحقته المقاومة من خسائر بالعدو، إلا أن النتائج ستكون عكسية بحيث أن القضية الفلسطينية ستَقوى والكيان المؤقت سيَضعف، وإن كان كل هذا النفاق العالمي والعلني هو من أجل بقائه.