ليس جديدا الحديث عما ستكون عليه العلاقات السعودية - الإسرائيلية في المستقبل في الوقت الذي بات فيه التطبيع بين الطرفين أمرًا أكثر من مطروح. وإذا كانت الحرب على غزة والتضامن الواسع الذي أبدته الدول العربية الداعمة للقضية قد رسم علامات استفهام حول شرعية هذا الطرح، ثمة من يعتبر أن التطبيع سيأتي يوما ما دون أي شك.
وبعدما أوردت وكالة رويترز معلومات مؤخرًا عن استعداد سعودي لقبول الالتزام الإسرائيلي بإقامة دولة فلسطينية في محاولة للوصول الى اتفاق دفاعي مع أميركا، عاد الحديث عن إمكانية تشكيل هذا الالتزام خطوة باتجاه التطبيع أو على الأقل عودة الحديث عنه.
في هذا السياق، أشار الدكتور في العلاقات الدولية علي مطر الى أنه "من الواضح أن العلاقة بين السعودية والكيان الاسرائيلي ستؤدي في نهاية المطاف الى اقامة اتفاق وصفقة تطبيع بين الطرفين وهذا ما كان واضحًا قبل عملية طوفان الاقصى".
واعتبر في حديث لـvdlnews أن "هذه الصفقة مؤجلة نوعًا ما اليوم الى أن يكون هناك، ومن ضمن سلة متكاملة في الاتفاق، رؤية حول كيف سيكون مستقبل فلسطين وقطاع غزة الى أن يتم وقف الحرب نهائيا وتبدأ ترتيبات الحل السياسي وهذا ما أكدته السعودية".
ولفت مطر الى انه "من الواضح أن الاتفاق بين الطرفين سيحصل"، موضحًا أن "السعودية أعلنت أنه في حال حصلت على شروطها من قبل الكيان الاسرائيلي اي الاتفاق السياسي والحصول على اتفاق دفاعي مع واشنطن مقابل موافقة الحكومة الاسرائيلية على الاعتراف بوجود إمكانية لحل الدولتين الى جانب توقف الحرب في غزة وبدء اعادة الاعمار، فالمملكة على ما يبدو ستذهب نحو اتفاق تطبيع مع الكيان الاسرائيلي".
وحول امكانية تأثير الهدنة المرتقبة في غزة على مسار التطبيع بين السعودية واسرائيل، قال إنه "في حال حصلت الهدنة فهي لن تؤدي مباشرة الى الاعلان عن الاتفاق"، مضيفًا: "يجب أن يتبع الهدنة حصول وقف دائم لاطلاق نار وأن يتم الانتهاء من صفقة تبادل الاسرى وأن يبدأ الحديث في الترتيب السياسي في فلسطين، بعد ذلك يبدأ الحديث عن حصول اتفاق بين الطرفين".
ورأى مطر أن "هذا الأمر بات واضحًا من خلال الاعلانات المتبادلة والحديث المتبادل الا أنه ليس بالسهولة المرتقبة أو بالوقت السريع المرتقب".
وعما اذا كان التطبيع مع اسرائيل يشكل أولوية بالنسبة للمملكة من أجل ضمان سعيها لاحتلال المكانة الاولى بين الدول العربية، اعتبر أنه "لكي تبقى السعودية في المكانة الاولى بين الدول العربية والاسلامية ينبغي أن ترفض التطبيع والعلاقة مع الكيان الاسرائيلي لا بل عليها أن تتمسك بالقضية الفلسطينية لأن هذه الاخيرة هي القضية المحورية لكل العرب والمسلمين الذين من المفترض أن تمثلهم السعودية".
وقال مطر في حديث لموقعنا إنه "لكي تحتل السعودية المكانة الاولى عليها أن تتبنى القضية الفلسطينية بدلا من أن تتخلى عنها من خلال التطبيع مع الكيان الاسرائيلي والاعتراف بوجوده".
ولفت الى انه "يبدو أن محمد بن سلمان هو الذي يعمل اليوم من أجل الحفاظ على سلطته على كرسي العرش وهو بالتالي يريد هذا الاتفاق ليثبت نفوذه في المملكة ويبني علاقات أفضل مع الولايات المتحدة الاميركية من خلال هذا الاتفاق"، مشيرًا الى أن "هذا الأخير سيبين بطبيعة الحال أن المملكة تخلت عن القضية الفلسطينية لأنه لا يمكن اليوم التوافق مع العدو الاسرائيلي خاصة أمام ما نراه من ابادة جماعية للفلسطينيين ".
وبالنسبة الى ردة فعل الدول العربية لاسيما إيران من هذا الاتفاق المحتمل، لفت مطر الى أنه "من الطبيعي أن تتحفظ الدول الاسلامية والعربية على قيام السعودية بالتطبيع مع الكيان الاسرائيلي لانه يفترض ان تتقدم هذه الاخيرة العالم العربي والاسلامي"، متسائلًا: "كيف لها أن تتقدم وهي تتخلى عن القضية الفلسطينية وتطبع مع الكيان الاسرائيلي؟".
وختم: "هذا سيثير بطبيعة الحال حفيظة الدول الاسلامية والعربية ومنها ايران لكن لا أظن أن ذلك سيؤثر على العلاقة معها لأن هذه العلاقة مفصولة بطبيعة الحال عما تقوم به السعودية كدولة في المنطقة".
تبقى الفترة المقبلة هي الوحيدة الكفيلة بتحديد مسار كافة العلاقات التي كانت قائمة بين دول الشرق الأوسط المشتعل. وإذا ما أصبح من المؤكد لدى البعض أن ما حملته حرب غزة من دلائل وحقائق سوف تعيد ترتيب موازين القوى، فهذا يؤشر إلى أن ثمة من يرى في إعادة توازن القوى فرصة لتعزيز مكانته على الساحة الدولية.