"الفرّامة" أنقذت اللبنانيّين: صفر عجزٍ… وإنجاز
"الفرّامة" أنقذت اللبنانيّين: صفر عجزٍ… وإنجاز

أخبار البلد - Monday, January 22, 2024 10:11:00 AM

كتب داني حداد في موقع mtv:

عاصفتان يترقّبهما لبنان هذا الأسبوع، الأولى مناخيّة والثانية برلمانيّة. قد تشلّ الأولى بعض الطرقات التي ستغرق بالمياه، بينما ستفتح الثانية الطريق نحو إسقاط أسوأ موازنة في تاريخ لبنان أرسلت من الحكومة الى مجلس النوّاب، قبل أن تقع تحت "فرّامة" لجنة المال والموازنة.

كانت الساعة قرابة التاسعة ليلاً حين غادر النائب إبراهيم كنعان المجلس النيابي يوم الجمعة، استعداداً للجلسة التي دعا إليها الرئيس نبيه بري يومَي الأربعاء والخميس. قام كنعان، طيلة أشهر، بجهدٍ استثنائي مع نوّاب اللجنة، عبر ٢٦ جلسة كانت نتيجتها إدخال بعض الطمأنينة إلى القلوب التي أقلقتها عجائب الموازنة وضرائبها غير المنطقيّة وغير المدروسة.

وعلم أنّ التقرير الذي سيقدّمه كنعان في بداية جلسة الأربعاء يتضمّن إشارة الى "غياب الرؤية الاقتصاديّة والاجتماعيّة لمشروع الموازنة المحال إليها، وتدنّي نسبة الاعتمادات المخصّصة للنفقات الاستثماريّة، لاسيما في ضوء إرجاء ١٨ قانون برنامج بما يعادل أكثر من 1.658 مليار ليرة لبنانية"، بالإضافة الى "تميّزه بالعشوائيّة في استحداث الضرائب والرسوم وبدلات الخدمات وتعديل القائم منها، وبالعشوائيّة أيضاً في لحظ بعض الاعتمادات".

وأعطى كنعان أمثلةً عدّة عن العشوائيّة، منها أنّ "بعض الرسوم جرى رفع قيمتها 10 أضعاف كرسوم السير، في حين جرى رفع قيمة سواها 40 ضعفاً كبعض رسوم الطابع المالي، وجرى رفع البعض الآخر 180 مرة كالرسوم على المواد الكحوليّة المنتجة محليّاً".
يضيف التقرير: "أما رسم تسجيل التاجر أو المحل التجاري في سجل التجارة فرفع 25 ألف مرة، ورسم تسجيل شركة الأشخاص 50 ألف مرة، ورسم تسجيل شركة الأموال 150 ألف مرة، وتُضاعف هذه الرسوم إذا كانت تتعلّق بأجنبي، مما يدلّ على غياب الرؤية الاقتصاديّة الواضحة التي تقضي في هذه الظروف الاقتصاديّة الصعبة بتشجيع الاستثمار وتوسيع الاقتصاد واستجلاب رؤوس الأموال الأجنبيّة".
ومن مفاجآت الموازنة تلقّي اللجنة كتاباً من وزارة الماليّة، بعد مراجعتها، يتضمّن زيادةً كبيرةً في الواردات ما ينفي الحاجة إلى زيادة الواردات عبر الضرائب والرسوم.

وبلغة الأرقام، نشير الى أنّ التعديلات التي أدخلتها لجنة المال على مشروع قانون الموازنة تناولت 87 مادة من أصل 133 مادة، فألغت 46 مادة، وعدّلت 73 مادة، وأقرّت 14 مادة كما وردت، وأضافت 8 مواد. ويدلّ ذلك على حجم الجهد الذي بُذل.

ولم تَفُت كنعان الإشارة، في تقريره، الى أنّ درس مشروع قانون موازنة العام 2024 من قبل لجنة المال والموازنة أفضى إلى إصلاحاتٍ بنيويّة، "حيث أصبح العجز صفراً مما يوجّه رسالة إيجابيّة للداخل والخارج على السواء. وهذه هي المرة الأولى التي تكون فيها موازنة من دون عجز.
وبنتيجة تصفير العجز، أمكن الاستغناء عن إجازة الاستدانة لتغطية العجز المقدّر في الموازنة. وهذا أمر مهم في ضوء عدم قدرة الحكومة على الاستدانة منذ تخلّفت عن تسديد أقساط قروض سندات اليوروبوند اعتباراً من 20 آذار 2020".

ووضعت اللجنة حدّاً لعشوائيّة منح القروض الإنمائيّة وتغطية كلفة فوائدها من المال العام ولاسيما في ضوء عجز المصارف عن التسليف وتسديد القروض الممنوحة سابقاً.
كما وضع حدّ لعشوائيّة استحداث الضرائب والرسوم وبدلات الخدمات والغرامات بما لا يراعي لا الأوضاع الاقتصادية غير السوية، ولا أوضاع المواطنين بتحميلهم فوق قدرتهم بأضعاف.
وأيضاً الحد من عشوائيّة فتح الحسابات الخاصة لدى مصرف لبنان والتوجه نحو تكريس حساب الخزينة الموحد، وأخذ أوضاع الإدارة العامة في الاعتبار والعمل على تحسين أوضاع العاملين فيها قدر الإمكان، إلى أن تتوفر الإمكانيات لوضع سلسلة رتب ورواتب جديدة تعيد إلى الرواتب والأجور قدرتها الشرائيّة الصحيحة.

يمكن القول، اختصاراً، إنّ لجنة المال والموازنة أضاءت ما هو أكثر من شمعةٍ بكثير في النفق المظلم الذي دخل فيه لبنان منذ العام ٢٠١٩. عملٌ جدّي ومسؤول واجه عملاً حكوميّاً عشوائيّاً عبر موازنة غير مدروسة، وواجه شعبويّةً باتت "ترند" سياسيّاً لبنانيّاً في الأعوام الأخيرة حيث يكثر الكلام وتقلّ الأفعال، وواجه، أيضاً وأيضاً، اليائسين والمعطّلين، وأحرج من تحوّل التشريع لديهم menu a la carte.
وهذه، للحقّ، ليست المرّة الأولى التي يكسب فيها ابراهيم كنعان الرهان، ويثبت أنّ الإصلاح ليس مهمّةً مستحيلةً، فقط إن توفّرت النيّة والإرادة. وإذا كان العجز بلغ الصفر، فإنّ لجنة المال والموازنة تستحقّ علامةً قريبةً من العشرين على عشرين.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني