الجمهورية
فادي عبود
«من الواضح إنّو بساطنا قصير وإجرَينا أقصر»، نبدأ بهذا المثل لنحلّل واقعنا تجاه ما يجري في المنطقة وما هي مصلحة لبنان اليوم.
في مقابلة لرئيس الوزراء الاسرائيلي السابق ايهود باراك مع جريدة le point في 7 كانون الاول 2023، أدلى بتصريحات في غاية الاهمية وخطيرة جداً. وللعجب لم يأت أحد على ذكرها في وسائل الاعلام العالمية والعربية وحتى في صحفنا المحلية، ومرّت المقابلة مرور الكرام ولم يعلّق أحد عليها.
لم نفهم لماذا، وهذا مثل واحد من أمثلة عدة، فهناك تصريحات اخرى حول المواضيع نفسها ومرّت مرور الكرام ايضاً، هذا يدل الى انّ الموضوع اكبر منّا، فعدم تفسير هذه التصريحات يَحضّنا على ان نكون حذرين ولا نتعاطى بأمور اكبر منا ونحن لا نؤثر فيها بأيّ طريقة كانت.
موقفنا واضح وطرحناه في مقالات سابقة، مصلحة لبنان تقضي بوجود سلاح دفاعي على طريقة الـguerillas ليحمي اراضيه فقط لا غير، ونكرّر انّ واقعنا لا يسمح لنا ان نتدخل في قضايا اي دولة او ندعم اي قضية خارج بلادنا، لأن لا قدرة لنا على تغيير اي معادلة بين اللاعبين الكبار، وكل ما سيصيبنا هو الاذى.
ونشدد على اننا لا نفهم حقيقة ما يجري، ألا يَحضّنا هذا الغموض على ان نلتفت الى المصلحة اللبنانية فقط؟ ولنعطي امثلة قريبة على جهوزيتنا لأن نخوض حرباً عسكرية مهما صغرت، اليوم إنّ كلفة طائرة محاربة من طراز F35 أميركية الصنع هي 177 مليون دولار (عم نضرب عالعالي). إنّ الايرادات المقدّرة في موازنة 2024 هي 3.5 مليارات دولار، هذا يعني اننا قادرون على شراء 20 طائرة، هذا اذا اعتبرنا اننا لم نصرف اي قرش على المعاشات والكهرباء والطحين وغيرها، وبالطبع سيرتفع سعر كل طائرة اذا احتسبنا السمسرات والحصص لكل فريق.بالنتيجة سيكون لدينا 20 طائرة مُحاربة قابعة في المطار، ولن يكون لدينا حتى أموال باقية للتدريب والصيانة والفيول، وجُلّ ما سنقوم به هو ان نتصور مع الطائرات في الخلفية مع ابتسامات عريضة.
ونستذكر تجربة طائرات السيكورسكي لمحاربة الحرائق، التي صدأت في مكانها بسبب غياب الصيانة والتدريب الصحيح. وهذه كانت مهمة محددة تقتصر على مكافحة الحرائق ولا تضاهي محاربة عدو شرس، ولكننا فشلنا في تحقيقها.
للأسف هذا هو واقعنا اليوم، فلنوقِف المكابرة ومحاربة طواحين الهواء...
ختاماً نكرّر، يجب الالتفات الى المصلحة اللبنانية فقط، ونجري حسابات صحيحة، فنحن لسنا على اطلاع بما يتم الاتفاق عليه بين الكبار، ولن نتمكن من تغيير اي معادلة.
مصلحتنا تقضي بتقوية اقتصادنا لتأمين الازدهار والحقوق للناس الذين عانوا كثيراً وما زالوا يعانون يومياً. انّ معالجة مشكلاتنا الداخلية تكفينا، وهناك مخزون وافِر من المشكلات التي تحتاج للمعالجة. وبالطبع ومهما كان موضوع المقال، نذكّر بأهمية إقرار قانون للشفافية المطلقة والبيانات المفتوحة لأنها السبيل الوحيد لوضع لبنان على سكة الازدهار الاقتصادي.