الشاعر هنري زغيب
في بادرة تجعل الفن في خدمة الإِنسانية، أَنشأَ الممثل والمخرج البلجيكي ستيفان دوغْروتْ Stéphane De Groodt ما سماه Confinure "مربَّـى الحجْر"، تعاوُنًا مع البلجيكي الآخَر ﭘـيار ماركوليني صاحب مصنع الشوكولا، بتصنيع أَوعية زجاجية منوعة من مربّيات مختلفة.
وهو بهذه التسمية دمج الكلمتين الفرنسيتين: Confiture(الـمُرَبّـى) وConfinement (الحجْر) لتصبح Confinure.
تباحَثَ دوغْروتْ مع أَصدقائه السينمائيين لوضع أَسمائهم على تلك الأَوعية، فإِذا بها تَصدر حاملةً مثلًا: مُربَّى المخرج كلود لولوش Claude Lelouch للرين كلود (وهو الخوخ المعروف عندنا بــ"الرنكلوت")، أَو مُربَّى الممثلة الفرنسية وعارضة الأَزياء كارول بوكيه Carole Bouquet لثمرة الوَلَع (passion fruit)، أَو مُربَّى الممثلة الأَلمانية ديانا كروغر Diana Kruger للمانغا، أَو مُربَّى ستيفان دوغْروتْ للكرز.
وهكذا أَصدر مصنع الحلويات في بلجيكا عشرة أَنواع من الـمُرَبَّيات الطبيعية على أَسماء عشرة نجوم من عالم السينما الأُوروﭘــيين المشهورين، ثمنُ الوعاء الزجاجي الواحد 10 يورو، يذهب ريعها كليًّا إِلى الأَطفال المرضى أَو المعوَّقين القابعين في المستشفيات، محجورين لن يغادِروا أَسرَّتهم إِلى الحياة الطبيعية حتى بعد رفْع الحجْر في البلاد.
هكذا، يشتري هواةُ السينما "مُربَّى الحجْر" زجاجاتٍ مصمَّمةً فنيًّا على أَسماء ممثلاتهم وممثليهم المفضلين، يصل ريعُها مساعدةً إِلى الأَطفال المرضى، في بادرة نبيلة تجمع العمل الفني إِلى عمل إِنساني يسعدُ أَطفالًا قَسَت عليهم الحياة بحجْر دائم، كأَنما الـمُربَّيات بمذاقها السُكَّري تُحلِّي مرارة ساعاتهم الطويلة في غرفة المستشفى، وتفتح لهم نافذةَ حريةٍ يتطلَّعون منها صوبَ شعاعِ أَملٍ قد يحمل رجاءَ الخلاص منيرًا بعضَ يأْسٍ في زمن الوحدة الطويل.
وفي لبنان أَيضًا صدَرت في فترة الحجْر وتصدُر مبادراتٌ فنيةٌ ذاتُ أَشعةٍ من أَمل، حملَها فنانون لبنانيون مبدعون شجَّعوا الزراعة الطبيعية، وأَصدروا أَعمالًا، مَرحَةً أَو غاضبةً، عوَّضَت عن الحجْر، وخفَّفَت بعضًا من كآبة شعبٍ غارقٍ في معظمه بين عتمة اليأْس وظلمة الغضَب، ما دلَّ على أَن القطاع الفني في لبنان ليس قاصرًا عن فتْح كُوَّةٍ من بسمةٍ وأَمَل وسْطَ قطاع سياسي يتخبَّط في رمال متحركة كلَّما تحرَّك فيها السياسيون غَرِقُوا أَكثرَ، وأَغرَقوا البلاد في حممٍ تفجَّرَت براكينَ غضب على مصيرٍ سبَّبَه سياسيون يشهَقون من ثقافة عليا حتى يتفقَّدَ بعضُهم كلماته العربية، كما استعان أَحدُ الوزراء خمس مراتٍ في تصريحه بكلمة SO الإِنكليزية، غيرَ مُدركٍ أَن هذه الـSO آيلةٌ به وبطاقمه كلِّه إِلى "سُوَات" متدحرجةٍ من فشَل إِلى فشَل.
أَليس SO يا عباقرةَ الحُكْم في آخِر هذا الزمان؟
|
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
اضغط هنا