عماد مرمل - الجمهورية
يستمر السباق بين مساري التصعيد والاحتواء على الجبهة اللبنانية مع فلسطين المحتلة، فيما يتواصل تدفق الموفدين الدوليين إلى بيروت للتحذير، الذي يبلغ احياناً مرتبة التهديد، من خطر الانزلاق نحو الحرب الكبرى والمدمّرة.
أما اللافت على وقع زيارات الموفدين ورسائلهم، فهو التجاهل المستمر لأصل المسألة، وهي انّ المواجهة في لبنان ليست سوى صدى للمعركة في قطاع غزة، وانّ وقف العدوان الاسرائيلي على الفلسطينيين وحده يسمح بفتح باب الأخذ والردّ حول تسوية الوضع الملتهب عند الحدود الجنوبية.
ويراقب الرئيس السابق لـ«الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط بقلق ما يحصل في غزة وعلى الحدود اللبنانية امتداداً الى الساحات الأخرى في المنطقة، وسط شعور لديه بأنّ قيادة الاحتلال الإسرائيلي متفلتة من الضوابط، وبالتالي يَصعب توقّع او تفسير تصرفاتها استناداً الى المعايير المنطقية.
الّا انّ ما ترتكبه «إسرائيل» من فظائع ضدّ الفلسطينيين لا يبدّد اطمئنان جنبلاط الى النتيجة النهائية، حيث يبدو واثقاً في عجز الاحتلال عن القضاء على المقاومة والقضية، مهما أمعن في جرائمه.
ولا يخفي جنبلاط في كلامه لـ«الجمهورية» تخوفه من إمكان ان تتدحرج المواجهات بين «حزب الله» وجيش الاحتلال على الجبهة الجنوبية مع فلسطين المحتلة إلى حرب واسعة، لافتاً الى انّ وجود مجموعة من المجانين والمتهورين على رأس السلطة في الكيان الاسرائيلي يُبقي هذا الاحتمال وارداً في اي وقت.
وينبّه جنبلاط الى انّ من يراهن على الخلافات الداخلية في «إسرائيل» مخطئ في حساباته، معتبراً انّه إذا سقط رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لأي سبب فلن تحلّ مكانه حمامة سلام بل سيأتي من هو «أضرب منه».
ويشير جنبلاط الى انّه يعرف جيداً حرص الرئيس نبيه بري على أهل الجنوب ولبنان، وسعيه الى حمايتهما من اي عدوان إسرائيلي، ولكن الوضع معقّد ودقيق، ويبدو مفتوحاً على كل الاحتمالات، ما يستدعي التعاطي معه بأعلى درجات الحذر والحكمة.
ويلفت إلى انّ المطلوب من حضرة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين ان «يُخلّصنا» من ملف الحدود البرية، على قاعدة تثبيت الحقوق اللبنانية واستعادة المهدور منها، موضحاً انّه يلتقي مع كلام الامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله، الذي أشار الى وجود فرصة لتحرير الاراضي اللبنانية بكاملها، ومشدّداً على انّ التفاوض له أسس يجب احترامها.
ويلاحظ جنبلاط، انّ الجولة الأخيرة لوزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن في المنطقة كانت «بلا طعمة» ومجرد تضييع للوقت، مستغرباً كيف انّه لم تصدر عن بلينكن في كل المواقف التي أطلقها خلال جولته عبارة وقف إطلاق النار، من أجل فتح أفق ما، لإنهاء العدوان على غزة.
ويعتبر جنبلاط انّ الإدارة الأميركية لا تزال تغطي تل ابيب بالكامل في حربها الهمجية وإن اختلفتا حول بعض التفاصيل، ولكنه جزم بأنّهما لن يستطيعا تحقيق هدفهما بالقضاء على «حماس»، لأنّ هذا الهدف مستحيل.
ويدعو جنبلاط السخفاء من المنظّرين في لبنان والعالم العربي الى أن يدركوا انّ المشكلة الحقيقية لإسرائيل واميركا ليست مع حركة «حماس» فقط بل مع الشعب الفلسطيني بمجمله، مشدّداً على أنّ المشروع الأساسي للغرب والكيان هو تهجير الشعب الفلسطيني والتخلّص منه، اي إلحاق نكبة جديدة به.
ويشيد جنبلاط بموقف دولة جنوب إفريقيا التي جرّت اسرائيل الى محكمة العدل الدولية بعد الدعوى التي رفعتها عليها بتهمة ارتكاب الإبادة الجماعية، الأمر الذي أظهر جنوب إفريقيا «عروبية» اكثر من بعض العرب.