الديار
لم تتراجع احتمالات خروج الاحداث عن السيطرة على الحدود الجنوبية بعد زيارة مستشار الرئيس الاميركي لشؤون الطاقة عاموس هوكشتاين الى بيروت، التي وصفتها مصادر رفيعة المستوى بانها «لزوم ما لا يلزم»، فخطر التصعيد لا يزال قائما، بوجود حكومة يمينية متطرفة لا تأبه لما تعتبره «املاءات» اميركية، غير قابلة للصرف، لان واشنطن، لا تضغط على نحو جدي لوقف «الجنون» الاسرائيلي الذي قد يشعل المنطقة والعالم. وبالامس،ارتكبت قوات الاحتلال جريمة حرب جديدة ضد القطاع الصحي واستهدفت الهيئة الصحية الاسلامية في بلدة حانين الجنوبية ما ادى الى استشهاد عنصرين، ولم يتاخر رد حزب الله الذي استهدف كريات شمونة «ومرغليوت» ومسكاف عام، بصواريخ موجهة، ادت الى انقطاع الكهرباء عن المستوطنات الثلاثة، فيما عادت الى الواجهة من جديد التحذيرات الامنية الاسرائيلية من عبور «قوات الرضوان» الحدود باتجاه المستوطنات في اي حرب محتملة، من خلال تاكيد الجنرال احتياط اسحاق بريك ان القوات الاسرائيلية غير مجهزة لرد هجوم مماثل على الرغم من الاستنفار والتعزيزات الموجودة على طول الحدود الشمالية!
«تبريد» الجبهة؟
هكذا جاء هوكشتاين محذرا من «نفاد» فرصة التوصل الى حل دبلوماسي دون ان يقدم اي ضمانة بعدم حصول تصعيد اسرائيلي، وكذلك لم يحمل ما يمكن الرهان عليه لبلورة صيغة مقبولة على جانبي الحدود لاتفاق ينهي الاحتلال الاسرائيلي للاراضي اللبنانية، بعد ان تبين ان الخلاف لا ينحصر في رفض حزب الله اي نقاش حول الملف الى ما بعد توقف الحرب على غزة، وانما لعدم وجود استعداد اسرائيلي للبحث الجدي في اقفال الملف نهائيا عبر الابقاء على مسألة مزارع شبعا خارج النقاش، راهنا، ما حول مهمة المبعوث الاميركي الى مهمة «تبريد» للجبهة، دون ضمانات بعدم اشتعالها في ظل «عجز اميركي» فاضح، والاصح عدم رغبة، في التاثير في حكومة الحرب في كيان الاحتلال.
هوكشتاين «يجس النبض»
هكذا غادر هوكشتاين لبنان مساء امس، تزامنا مع وصول السفيرة الاميركية الجديدة ليزا جونسون الى عوكر، دون التوصل الى حل وسط موقت لعدم تطور الامور نحو الاسوأ، ما دام اتفاق الحل النهائي غير ممكن راهنا. ووفقا لمصادر مطلعة، حاول المبعوث الاميركي «جس نبض» الجانب اللبناني عن دور مستقبلي للجيش اللبناني عبر نشر 10 آلاف جندي على مساحة 7 كلم من الحدود مع ضمان انسحاب حزب الله، ملمحا الى تولي واشنطن مهمة الدعم اللوجستي لهذه القوات، الا انه لم يحصل على اجابات حاسمة من الجانب اللبناني، وقد ابلغ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بوحبيب كما الرئيس نبيه بري وقائد الجيش جوزاف عون عن وجود ما اسماه «نافذة امل» للحل الدبلوماسي مشددا على «ضرورة العمل على تهدئة الوضع في جنوب لبنان، ولو لم يكن ممكنا التوصل الى اتفاق حل نهائي في الوقت الراهن». ودعا الى العمل على حل وسط مؤقتا لعدم تطور الامور نحو الاسوأ. فيما شدد ميقاتي على أن الاولوية يجب أن تكون لوقف اطلاق النار في غزة ووقف الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان والخروقات المتكررة للسيادة اللبنانية.
«نافذة ضيقة»
وبعد اللقاء الذي استمر لأكثر من ساعة وربع الساعة مع بري قال هوكشتاين «نحن في مرحلة ووقت صعب يتطلبان العمل بسرعة للبحث في كيفية الوصول الى حل دبلوماسي للأزمة يسمح للشعب اللبناني بالعودة الى منازله في جنوب لبنان والعودة الى حياتهم الطبيعية كما ينبغي ان يتمكن سكان الشمال في «إسرائيل» من عودتهم الى منازلهم. وردا على سؤال اذا ما كان يشعر ان هناك إرادة من الجهتين للوصول الى حل؟ قال هوكشتاين «لقد سمعتم ما قالته الحكومة الاسرائيلية بأن هناك نافذة ضيقة وانهم يفضلون حلاً دبلوماسياً، وأعتقد ان هذا هو الواقع نحن نعيش الآن في أزمة ونود ان نرى حلا ً دبلوماسياً وأعتقد ان الجهتين تفضلان الحل الدبلوماسي ومهمتنا ان نصل الى حل دبلوماسي.
لماذا فشل هوكشتاين؟
وبراي اوساط دبلوماسية، فان تواضع نتائج زيارة هوكشتاين سببها الضعف الاميركي في التعامل مع اسرائيل والتخبط في ادارة الازمة، فقد سبق لوزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن ان غادر خائبا بعد فشله في اقناع اسرائيل بضرورة ضبط ايقاع المواجهة في غزة والضفة الغربية ومنح السلطة الفلسطينية حصتها من الاموال الضريبية لمنع اندلاع انتفاضة جديدة، وخلص في نهاية جولته في القاهرة الى اعلان «مريب» قال فيه أن التقارب بين الدول العربية وإسرائيل هو «الطريقة الفضلى لعزل ايران ووكلائها الذين يتسببون بالكثير من الأضرار للولايات المتحدة وللجميع تقريبا في المنطقة»، وكأن الازمة الآن في طهران وليس في تل ابيب.
«استخفاف اسرائيلي»
ولعل ابرز مظاهر الاستخفاف الاسرائيلي بادارة بايدن مخاطبة وزير المال بتسئيل سموتريتش لوزير الخارجية الأميركي بالقول عبر منصة «اكس»، أهلاً وسهلاً بك في إسرائيل لكن لن نحول إلى السلطة شيكلاً يصل إلى عائلات «النازيين» في غزة، وسنعمل على فتح بوابات غزة لهجرة طوعية للاجئين مثلما تعاملت الأسرة الدولية مع اللاجئين من سوريا وأوكرانيا. وهو ما دفع صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية الى القول «من غير السهل على الأميركيين جعل إسرائيل تقدم تنازلات تكتيكية في مجال المساعدات الإنسانية أو حجم النشاطات العسكرية، وهم حتى الآن لا يعرفون متى وكيف ستسمح إسرائيل بعودة سكان شمال القطاع إلى بيوتهم أو الذين بقوا منهم، ربما تلزم المفاوضات السياسية الأميركيين باتخاذ قرار استراتيجي، وهو مواجهة الحكومة الإسرائيلية؟! ودون ذلك لا مجال للحديث عن اي تسويات».
انجازات حزب الله «بعيون» اسرائيلية
في هذا الوقت، ارتفع نسق النقاش في دولة الاحتلال حول ما يجري على الحدود الشمالية، وفي هذا السياق، اقرت صحيفة «اسرائيل اليوم» بان حزب الله حقق في جهد قتالي محدود إنجازاً استراتيجياً غير مسبوق وهو إخلاء كل بلدات خط المواجهة من سكانها، وأصبح المجال ساحة حرب، ويمثل هذا التهجير ذروة ضعفنا، تقول الصحيفة التي تنتقد ايضا المساعي لتحقيق اتفاق سياسي، واشارت الى انه لن يضمن لسكان بلدات الشمال الأمن المطلق حتى لو سيطر الجيش الإسرائيلي على جنوب لبنان، من خط الحدود الحالي وحتى الليطاني، في عملية قتالية ناجحة، وقالت انه ستبقى لدى حزب الله قدرات هجومية صاروخية على كامل المجال الشمالي ووسط البلاد أيضاً.
نصرالله «فنان» في ادارة الصراع
ولفتت الصحيفة الى ان «حسن نصر الله كان وسيبقى فناناً عظيماً في إدارة الصراع والقتال حتى النهاية، وفي امتناعه عن التدهور إلى حرب شاملة، يركز أساساً على ضربة معنوية لدولة إسرائيل، وإهانة كرامتها. ويسعى لهذا أيضاً في هذه الأيام، في مطالباته بمزارع شبعا». اما الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين الذي يسعى لتسوية نقاط الخلاف، يبدو بعيداً عن فهم آلية الابتزاز هذه، فإسرائيل مطالبة بتنازل عن امور حقيقية ودائمة، ومناطق إقليمية، مقابل إنجازات سائلة عديمة القيمة الدائمة، مثل الاتفاقات السياسية، أو إبعاد مؤقت لقوات حزب الله عن خط الحدود، وللاسف فان التوقعات الإسرائيلية العابثة ليست جيدة؛ فقد عبر عنها الانسحاب من لبنان في أيار 2000، بفرضية كاذبة تقول إن الحزب سيضع سلاحه مع الانسحاب من كل أراضي لبنان، ومنذ ذلك الحين وتهديدات حزب الله تتعاظم.
كيف حصل الخرق الامني؟
في هذا الوقت، تتواصل التحقيقات في الخرق الامني الذي سمح باغتيال القيادي في المقاومة وسام الطويل، ونائب رئيس المكتب السياسي في حركة حماس صالح العاروري، ووفقا للمعلومات، بات من شبه المؤكد ان الخرق الاساسي، وربما ليس الوحيد، الذي سمح بتشخيص وجود العاروري في الشقة المستهدفة تم عبر خرق احد الهواتف الموجود مع احد الاشخاص او الموجود في الشقة او في محيطها. ولم يستثن حتى الان احتمال وجود عملاء على الارض. اما بالنسبة لاغتيال الشهيد الطويل، فبان محسوما ان استهدافه قد تم عبر عبوة ناسفة كانت موضوعة على جانب الطريق، وهنا تتجه التحقيقات الى التعمق اكثر في الاحتمالات، واذا كان من المرجح ان يكون التفجير قد حصل عبر تفجير تقني عن بعد، فان عدم استخدام الشهيد للهواتف الخلوية، واتخاذه لاحتياطات امنية مشددة، فتح الباب امام ترجيح استخدام تقنيات تعمل على «بصمة الصوت» في تحديد الهدف. لكن لا شيء نهائي والتحقيقات مستمرة.
المواجهة مفتوحة جنوبا
ميدانيا، ارتكب الطيران الحربي جريمة حرب جديدة من خلال غارة استهدفت مقر الهيئة الصحية في بلدة حانين، حيث استشهد عنصران في الدفاع المدني هما الشهيد علي محمود الشيخ علي (رشاف) ، والشهيد ساجد رمزي قاسم (عيتا الشعب)، كما تم تدمير سيارة اسعاف». وتعرضت اطراف بلدتي طير حرفا والجبين وحولا ووادي الدلافة لقصف مدفعي. وسقطت قذيقة فوسفورية وسط الخيام في الحي الشرقي. وشن الطيران الإسرائيلي 4 غارات على بلدة الخيام وغارة على أطراف بلدة يارين وقصف مدفعي على بلدة عيتا الشعب بعد الظهر. في المقابل، رد حزب الله على استهداف مقر الهيئة الصحية الاسلامية بقصف مستوطنات كريات شمونة، ومرغليوت، ومسكاف عام ، حيث ادى ذلك الى انقطاع الكهرباء، كما استهدفت المقاومة تجمعا لجنود العدو الإسرائيلي في محيط موقع المطلة بالأسلحة الصاروخية، وكذلك استهدفت التجهيزات التجسّسية في تلة الكوبرا بالأسلحة المناسبة ما أدّى إلى إصابتها وتدميرها، واستهدفت ايضا تجمعا لجنود العدو الإسرائيلي في محيط موقع بركة ريشا بالأسلحة الصاروخية وأوقعت فيه إصابات مؤكدة بين قتيل وجريح.
خطر دخول «الرضوان» للمستوطنات؟
وفي اقرار صادم، حول الخلل المستمر في جهوزية جيش الاحتلال، اقرالجنرال احتياط يتسحاق بريك، الذي بات احد مستشاري نتانياهو غير الرسميين منذ السابع من تشرين الاول، ان الوضع في الشمال «هش» ولا يزال حزب الله قادرا على اختراق الحدود. وكتب في صحيفة «معاريف» انه قبل خمس سنوات، عندما كنتُ مفوضًا لشكاوى الجنود، مررت على جميع المواقع عند الحدود اللبنانية وهضبة الجولان، على مدار أسبوعين. وزرت كلّ واحدٍ من المواقع لمدة أربع ساعات، ووجدت عدم كفاءة المواقع وغياب جهوزيتها، سواءً للأمن الجاري أوْ للحرب. وأضاف «مرّت خمسة أعوامٍ ولم يحدث أيّ شيء جيِّدٍ. وبحسب تقرير جنود سرية احتياط الذين خدموا في المواقع العسكرية عند الحدود الشمالية، قبل ثلاثة أشهر من نشوب الحرب الحاليّة على غزة، فإنّه ليس فقط لم يتغير أيّ شيءٍ نحو الإيجاب، وإنّما العكس هو الصحيح، حيث استمر التدهور وبكلّ قوة، وهو مستمر حتى يومنا هذا.
الفوضى على الحدود الشمالية
وكشف بريك عن ملخص وثيقة جنود الاحتياط الصادمة. ووفقًا للوثيقة، فإنّ الخطر الأساسي في الجبهة اللبنانية هو محاولة احتلال قوات مشاة تابعة لحزب الله (قوة رضوان) عددًا من المواقع العسكرية والمستوطنات عند خط الحدود على أنّه إنجاز استراتيجي في الحرب. وأوضح أنّ الأمر لا يقتصر على أنَّ المواقع العسكرية ليست جاهزة بمستوى يتلاءم مع الخطر، وإنّما هي ليست جاهزة للقتال بمستوى مواقع عسكرية في خطوط بمستوى خطورة أقل بكثير. ولفت الى ان الوضع عمليًا في مواقع الخط الأماميّ من ناحية الجهوزية، البنى التحتية والنهج الشامل هو على حدود الفوضى، هناك تنقص أمور تافهة في كلّ موقع عملياتي عند الحدود، بشكل يسمح لحزب الله بالسيطرة على الموقع مجانًا تقريبًا.
الجيش الاسرائيلي غير جاهز!
ولفت بريك إلى أنَّ مقاتلي حزب الله يعرفون مواقع الجيش عند الحدود اللبنانية أفضل من كثيرين منّا، الجهوزية الحقيقية للبنية التحتية والقطاع للحرب، فإنّ الوضع صادم. ولفت إلى أنَّ الجيش الإسرائيليّ يقول لجنوده عند الحدود اللبنانية يوجد خطر حقيقيٍّ لهجومٍ بريٍّ ينفذه آلاف من مقاتلي حزب الله، وغايتهم الإستراتيجيّة السيطرة على مواقع عسكرية ومستوطنات محاذية للحدود. وحتى الان يقول بريك «ان الجيش الإسرائيليّ لم يفعل الحدّ الأدنى الأساسي من أجل إحباط هذه الإمكانية، بأن يُسلِّح ويُجهِّز المواقع العسكريّة والمستوطنات الموجودة عند الحدود لمواجهة هذا السيناريو بالضبط.»
وزارة الصحة امام «امتحان» المصداقية
صحيا، تبدو الحكومة ووزارة الصحة امام امتحان للمصداقية بعد ان اعلنت الوزراة في بيان قبل اسبوع ان الجلسة الحكومية التي ستعقد اليوم الجمعة ستقر خطة مستدامة تضمن عدم انقطاع الادوية السرطانية وتسمح بتمويل تأمين الادوية المقطوعة عن عدد كبير من المرضى. وفي الانتظار، استبق المكتب الصحي المركزي في «التجمع الوطني الديموقراطي» واللجنة الصحية في «تجمع الأطباء»، الجلسة واصدرا بيانا دعوا فيه وزارة الصحة العامة الى توفير اعتمادات للادوية المستعصية، وخصوصا ادوية السرطان، وطالبا بمواجهة انتشار بعض هذه الادوية في السوق السوداء، حفاظا على جودة الدواء وصحة المريض»، ولفتا الى أن «ملف الأدوية المزورة راوح مكانك، فعدد كبير من الأدوية أكان أدوية أمراض مستعصية، أو أدوية أمراض مزمنة، ما زالت تدخل بشكل غير شرعي إلى لبنان من مصادر عديدة، وأبرزها يكون دواء مزورا أو منتهي الصلاحية أو محفوظا بطريقة خاطئة، وهذا يؤدي اليوم إلى أضرار كبيرة ووفاة المريض. وختما مطالبين الوزارة بـ «اتخاذ قرار حاسم، ووقف تهريب الادوية ومنع دخول الدواء المزور.