النهار
بمقدار كبير من الغموض والشكوك والمخاوف التي تسود الواقع اللبناني في ظل اشتداد الاخطار المتأتية من تحول الحدود الجنوبية والمنطقة الحدودية مع إسرائيل الى جبهة حرب مفتوحة دخلت قبل أيام شهرها الرابع، يجري المبعوث الأميركي كبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون الطاقة آيموس هوكشتاين اليوم جولة جديدة من اللقاءات مع المسؤولين الرسميين الذين ترقبوا عودته بانشداد واضح الى ما يمكن ان ينقله من اقتراحات واتجاهات وأفكار يفترض ان تتركز على أولوية خلق الظروف اللازمة لوقف التدهور الميداني على الحدود الجنوبية. وإذ بدا لافتا ان المراجع الرسمية اللبنانية حاذرت الإسراف في التوقعات المتصلة بمهمة هوكشتاين، فضلت التريث في أي تقديرات استباقية لمحادثاته التي ستشمل كلا من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الخارجية عبد الله بو حبيب وقائد الجيش العماد جوزف عون، وعكس ذلك حالة الحذر الشديد التي تولدت عن تعقيدات إضافية تواجه مهمة الوسيط الأميركي وتجعل نجاحه في احداث اختراق إيجابي راهنا امرا شديد الصعوبة، الا اذا كانت ثمة مفاجأت مرشحة للظهور في كواليس الديبلوماسية الحارة والمكوكية الضاغطة اللتين تتبعهما الولايات المتحدة لمنع توسع حرب غزة الى لبنان والمنطقة. وفي ظل ذلك تجمع المعطيات المتوافرة على ان الشق الأساسي والعاجل من مهمة هوكشتاين يتصل بمحاولة أميركية متقدمة لتهدئة الجبهة الجنوبية اللبنانية وتقليص رقعة خطر اشتعالها وتبريدها تمهيدا للشق الثاني المتعلق باحياء جهود هوكشتاين لاطلاق مفاوضات في شأن اتفاق لبناني – إسرائيلي برعاية اممية وأميركية لانهاء النزاع على الخط الأزرق الحدودي. وتنفي المعطيات نفسها في هذا السياق ان يكون الوسيط الأميركي في وارد اثارة مسالة بت النزاع المعقد على مزارع شبعا المحتلة اقله في اطار مهمته الحالية علما ان الكثير مما تردد أخيرا في لبنان حيال هذا الامر بدا “من صناعة محلية” صرفة ولم يكن الاميركيون وراءه كما ثبت. ولعل ما ينبغي الإشارة اليه ان الاصداء التي يفترض ان تتركها مهمة هوكشتاين قد يتردد صداها في الكلمة الجديدة التي سيلقيها الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الأحد المقبل في الساعة الثانية بعد الظهر، في مناسبة مرور أسبوع على اغتيال القيادي في “حزب الله” وسام الطويل.
وقبيل ساعات من وصول هوكشتاين الى بيروت التقى الرئيس بري امس نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب الذي وضعه في أجواء لقائه مع الموفد الاميركي في روما مساء الاثنين الماضي. وقال بو صعب في انعكاس لمناخات المفاوضات الديبلوماسية المتصلة بمهمة هوكشتاين “تعودنا في الأزمات وفي الحروب مع العدو الإسرائيلي أن هناك في نهاية المطاف حلولا يجب ان يعمل عليها، والرئيس بري كان له دائما الدور الأساسي لطرح الحلول لإبعاد شبح الحرب عن لبنان. ونأمل أن تؤسس الزيارة غدا ( اليوم) لخطوة الى الأمام لتحقيق الإستقرار المطلوب للبنان”. ولفت الى ان “الإهتمام من قبل الإدارة الأميركية وحتى المطالب عند العدو الاسرائيلي، هي وضع الإستقرار في منطقة الجنوب وشمال الاراضي الفلسطينية المحتلة من أجل عودة المستوطنين الى مستوطناتهم والحرب لا تعيد المستوطنين الى مستوطناتهم بل تجعلهم يهجرون اكثر الى أبعد من المستوطنات التي يتواجدون فيها، لا بل يمكن لهذا الموضوع ان يمتد ليس لأشهر انما لسنوات، الحرب ليست هي الحل .. فنحن أيضا لدينا هدف هو إعادة سكان القرى اللبنانية الحدودية الى قراهم ومزارعهم، الحل هو في الأطر الدبلوماسية والجهد الدبلوماسي ولا أحد يستطيع التوصل الى حل آخر، ومن يتوهم ان الحرب يمكن ان تحل “شغلة” كهذه طبعا حساباته خاطئة”.
الـ 1701
في أي حال ظلت ظاهرة توافد المبعوثين الدوليين والغربيين الى لبنان تتصدر المشهد اللبناني وتعكس تصاعد القلق الخارجي من اتساع المواجهات الميدانية الجارية بين إسرائيل و”حزب الله” عبر الحدود الجنوبية. وفي هذا السياق كان لقاء وزيرة خارجية المانيا انالينا بيربوك امس مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في السرايا في حضور وزير الخارجية عبدالله بو حبيب وشدد ميقاتي على “ان لبنان يحترم القرارات الدولية كافة بدءا باتفاق الهدنة، بهدف تحقيق الاستقرار الدائم جنوب لبنان”. وطالب بدعم الجيش لتمكينه من القيام بمهامه”. وقال “حان الوقت لايجاد حل دائم وعادل للقضية الفلسطينية، وبالتالي البدء بوقف اطلاق النار واطلاق مسار دولي لحل نهائي وشامل على قاعدة الدولتين”. أما الوزيرة الالمانية، فشددت على اهمية “تطبيق القرار الدولي الرقم 1701 “.
كما اجتمع ميقاتي مع المنسقة الخاصة للامم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا، التي وضعته في أجواء الاجتماع الذي سيعقد الأسبوع المقبل بين الامين العام للامم المتحدة وجميع مديري ومسؤولي البرامج السياسية للأمم المتحدة في العالم. كما اطلعت فرونتسكا من الرئيس ميقاتي على مضمون رسالته الموجهة الى الامين العام والأمم المتحدة في ما خص القرار 1701 والأوضاع في الجنوب.
تحذيرات المعارضة
وسط هذه الأجواء تتصاعد تحذيرات القوى المعارضة من تداعيات أي مفاوضات محتملة على حساب السيادة الداخلية قد تندرج في اطار توظيف سياسي لحساب فريق “الممانعة”. وبعد التحذيرات المتكررة التي اطلقها رئيس حزب “القوات اللبنانية ” سمير جعجع في هذا الإطار اكد رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل بدوره على أن “الاولوية حماية لبنان وان لا تحصل اي تسوية على حساب سيادة الدولة”، مشددا على رفضه ان “تكون بيروت جائزة ترضية مقابل الحدود”. وقال الجميّل اثر لقائه السفير الفرنسي هيرفيه ماغرو” نقلنا له هواجسنا بما يتعلق بتطورات الجنوب ولدينا قلق، اذ ان لا احد يتحدث باسم لبنان لان المفاوضات تحصل مع حزب الله ولبنان متروك فيما أولويتنا حماية بلدنا وشعبنا”. أضاف “الكل يهمه عودة الفلسطينيين الذين نزحوا من غزة، فيما لا احد يتكلم عن اللبنانيين الذين نزحوا داخل لبنان وعشرات الآلاف الذين تركوا قراهم وللاسف ان الدولة لا تتحدث بالموضوع والخطورة ان هناك اتصالات ومفاوضات والكل بالنسبة له ينتظر الحل بين الاسرائيلي وحزب الله، فيما لبنان الرسمي غير موجود وهذا ما يخلق قلقا كبيرا لدينا والاولوية ان لا تحصل اي تسوية على حساب سيادة الدولة وما يهمنا تطبيق القرار 1701 لمنع اي اعتداء علينا ولكن يهمنا أيضا تطبيق القرار 1559 الشرط الاساسي لاستعادة لبنان لقراره الحر وتستعيد الدولة القرار وتشرف على الدفاع”.
الوضع الميداني
اما على الصعيد الميداني وعلى رغم انحسار نسبي في وتيرة المواجهات امس قياسا بالأيام السابقة تواصلت العمليات العسكرية الإسرائيلية في قرى وبلدات الجنوب واستهدف القصف الإسرائيلي منزلاً في كفرشوبا-حاصبيا. وفي وقت لاحق، نعى “حزب الله” نابغ أحمد القادري (أبو علي)، من بلدة كفرشوبا. كما تمكنت عناصر من الصليب الاحمر بمؤازرة من “اليونيفيل” والجيش من سحب جثة تعود الى مواطن من صيدا قبالة مستعمرة المطلة. واستهدف القصف المدفعي الاطراف الشرقية لبلدة ام التوت في القطاع الغربي، واطراف بلدة الخيام، وتلة حمامص في سردا وباب ثنية قرب منطقة الشاليهات في الخيام. واغار الطيران الإسرائيلي على أطراف بلدة الناقورة وجبل اللبونة واستهدف قصف مدفعي بلدات عيتا الشعب ورميش ويارون. وبعد الظهر افيد عن مقتل المواطن حسن علي طويل الذي كان يقود سيارته على طريق كفركلا ديرميماس .
في المقابل اعلن “حزب الله” انه استهدف موقع المرج ثم موقع الجرداح .