"كورونا" وباء هدد حياة سكان كوكب برمته، خطف الأرواح وسجن الناس في منازلهم، لم يرحم أحداً ولم يفرق بين شخص وآخر أو دين أو طائفة أو مستوى معيشي.
لكننا في لبنان، شعب لا يقبل بالأوبئة التي تساوي بين الناس كسبب حقيقي للموت، لذلك بقيت نسبة الوفيات الناتجة عن الوباء منخفضة!
طبعاً، فنحن شعب اعتاد أن يموت ذلاً وفقراً وجوعاً باسم الطائفة والزعيم! حتى في ثوراتنا نزلنا الى الشارع ننادي باسقاط كل الزعماء والحكام الا "فلان"!
رهنونا للخارج تارة واستجدوا أموال المغتربين باسمنا من دون أخذ اذننا تارة أخرى! منهم من وهبنا للتبني بـ200$ دولار بالشهر حتى نعيش من فتات تكسير الدولار في جحور الصرافين ومنهم من طمأن المغتربين أن ما يحكى اشاعات دونكيشوتية، أما البعض الآخر فمنّنا بفواتير قيل انها مدعومة و"ربحنا جميلة" بأننا لا نزال ندفعها على أساس سعر الصرف الرسمي! آه وكيف ننسى من سخر من فقرنا فطلب من موظف أحد السوبرماركات بأن يعطيه كمية "حبش" بـ1000 ليرة لأن "الوقية" غالية الثمن ويريد تذوقها مسبقاً!
مواقف تدفعنا للتوقف والسؤال ألهذه الدرجة أصبحنا "رخيصين" ولا نساوي دولاراً واحداً؟! أو أن مصيبتنا تضحك لدرجة السخرية والاستهزاء!
من منا يمكنه أن ينكر أننا شعب عاش ولم يستطع أن يفعل شيئاً الا بعد أن يغرق بالدين؟ هل أنت لبناني منذ أكثر من 10 سنوات؟ اذا أهلا بك في مذلة الديون لتتمكن من شراء منزل أو تأسيس عمل أو شراء سيارة...
وترانا نسأل: أيهما مذل أكثر؟ فقرنا أم المواقف السياسية حياله؟
أنظروا الى علي بابا وعصابة السارقين التي لطالما رافقته في الحكايات، جميعهم جاثون يبكون على صيتهم الذي ضاع في لبنان الحبيب! فهنا في هذه الدولة الصغيرة تفوقنا على هذه العصابة ولم نترك مغارة مليئة بالذهب ولم ننهبها!
علي بابا يبكي على صيته والشاب اللبناني يبكي على مستقبله والرضيع يبكي من الجوع لحليب أصبح سعره يساوي أطنانا من الذهب المفقود!
وهذه الدموع ليست الوحيدة، فهناك دمعة المسنّ الذي تشرّد على الطرقات وكان ينتظر فضلات طعام الأغنياء ليأكله من حاويات النفايات، الا أن هؤلاء الذين كانوا أغنياء احتجزت أموالهم فاحتفظوا بفضلاتهم!
والأهم والأخطر من الدموع هو وباء "الانتحار" الناتج عن الفقر والعوز وعدم امكانية الاستمرار!
فإن كنا نحن الشبان الذين لا مسؤوليات كبيرة فوق رؤوسهم قد يئسنا وفقدنا الأمل، ما هو حال رب العائلة الذي أنجب أطفالاً واستقدمهم الى هذه المقبرة الجماعية التي اسمها لبنان!
في أقل من يومين أكثر من 4 أشخاص انتحروا للسبب نفسه! نعم، تعددت أنواع الذل في لبنان وبقي الانتحار واحداً!
فانتبهوا أيها اللبنانيون من هذا الوباء الفتّاك، دعوا قلوبكم تتوقف من القهر ولا تنتحروا، حتى ترتاح ضمائر من سرقوكم وباعوكم باسم الطائفة والحرب والدين! موتوا بذبحات قلبية وجلطات دماغية واستغنوا عن وباء الانتحار، حتى تبقى الصورة التي تمثلكم وكأنّكم متّم واقفين شامخين في وجه الفقر كأرز لبنان!
لا تودّعوا الحياة القاسية بالاستسلام القسري! دعوا صحتكم تستسلم للفقر والذل حتى تبقى كراماتكم مرفوعة في دولة لا كرامة لها