نداء الوطن
لم تكد وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا تغادر لبنان أول من أمس، بعدما بلّغت المسؤولين بالأخطار التي تلوح من الجنوب، حتى تقدمت الى الواجهة الأنباء التي تفيد بأنّ الولايات المتحدة دخلت مباشرة على الخط في مسعى يستبدل الحرب بالسياسة. غير أنّ هذه التطورات التي تقدّم الحوار على النار، لم تغيّر الواقع الميداني على الحدود الجنوبية. فوفقاً للأنباء مساءً، أنّ عدة بلدات جنوبية تعرضت للقصف الإسرائيلي بوتيرة أعادت الى الأذهان عنفاً مماثلاً في حرب تموز 2006. وفي المقابل، كان «حزب الله» يتحدث عن سلسلة عمليات نفّذها ضد المواقع الإسرائيلية. ونعى سقوط 3 عناصر.
ما هي المستجدات السياسية التي غيّرت دفة التوقعات أمس؟
على خلفية المحادثات التي أجراها وزير الدفاع الأميركي لويد اوستن في إسرائيل، سمع من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت «أنّ اسرائيل عازمة على دفع قوات «حزب الله» الى بعد حوالى 10 كيلومترات من الحدود كجزء من صفقة ديبلوماسية لإنهاء التوترات مع لبنان»، حسبما نقل موقع «أكسيوس» الأميركي عن ثلاثة مسؤولين إسرائيليين وأميركيين. وفي المقابل تشعر الإدارة الأميركية بـ»قلق عميق من أنّ المناوشات الحدودية المتصاعدة قد تؤدي إلى حرب شاملة ستكون أسوأ من الصراع في غزة»، كما أفاد الموقع.
وقال مسؤولون إسرائيليون إنّ نتنياهو وغالانت أبلغا أوستن «أنّ إسرائيل لا يمكن أن تقبل أنّ عشرات الآلاف من مواطنيها قد نزحوا لعدة أشهر بسبب الوضع الأمني على الجانب الآخر من الحدود». وأضافوا: «إنّ إسرائيل تريد اتفاقاً يتضمّن دفع قوات «حزب الله» بعيداً بما يكفي بحيث لا تكون قادرة على إطلاق النار على القرى والبلدات الإسرائيلية على طول الحدود، ولا تكون قادرة على شن غارة مثل تلك التي شنتها «حماس» في 7 تشرين الأول الماضي».
وأفاد هؤلاء المسؤولون أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الدفاع أبلغا أوستن أنه كجزء من هذا الاتفاق «يريدان عدم السماح لـ»حزب الله» بالعودة إلى مواقعه على طول الحدود التي دمّرتها إسرائيل في الشهرين الماضيين».
وأشار «أكسيوس» الى أنّ أوستن أبلغ نتنياهو وغالانت «أنّ إدارة بايدن تتفهم المخاوف الإسرائيلية وستدفع في اتجاه حل سلمي، وأنها تطلب من إسرائيل إعطاء الوقت والمساحة للديبلوماسية وعدم اتخاذ خطوات تؤدي إلى تفاقم التوترات». وفي هذا الإطار، وبحسب مسؤولين إسرائيليين، قال نتنياهو وغالانت «إن إسرائيل مستعدة لإعطاء فرصة للديبلوماسية، لكنها تريد رؤية تقدم في الأسابيع القليلة المقبلة».
وفي سياق متصل، وعند هذا المنعطف الخطر الذي يقف أمامه لبنان، ولا سيما الجنوب، لا يزال موضوع المؤسسة العسكرية في دائرة الاهتمام، كما ظهر في جلسة مجلس الوزراء. فهذه الجلسة انتهت الى موافقة 19 وزيراً على إصدار 14 قانوناً أقرّها مجلس النواب يوم الجمعة الماضي، من بينها قانون التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون، لتصبح نافذة بعد نشرها في الجريدة الرسمية. وأتت هذه الخطوة لتستكمل هزيمة رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل التي مني بها في البرلمان.
الجلسة لم تشهد من خارج جدول الأعمال طرح بند تعيين رئيس جديد للأركان في الجيش وملء الشواغر في المجلس العسكري، إلا أنّ كتاب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الى وزير الدفاع العميد موريس سليم وردّ الأخير بكتاب مماثل، أعاد تظهير التوتر بين الجانبَين، ما يشير الى أنّ الأمور قد تتجه نحو تعيينات تتجاوز وزير الدفاع الذي ينتظر نتيجة الطعن الذي قد يتعرض له قانون تمديد ولاية «القائد» وسائر قادة الأجهزة الأمنية.
وتحضيراً للتعيينات العسكرية المرتقبة في الحكومة، انفتحت أمس قناة تواصل بين الحزب «التقدمي الاشتراكي» وبين «تيار المردة» الذي كان الى وقت قريب يعترض داخل الحكومة على هذه التعيينات. وكان وفد من الحزب يتقدّمه النائب وائل أبو فاعور زار أمس النائب طوني فرنجية في دارته في بيروت. وقالت مصادره لـ»نداء الوطن»: «كان الجو ايجابياً ولمسنا حرصهم على المؤسسة العسكرية وانتظامها».
وعلى الرغم من أنّ الجلسة الوزارية هي الأخيرة هذه السنة، إلا أنّ مصادر وزارية أفادت بأنّ جلسة أخرى متوقعة قبل رأس السنة إذا نجحت المساعي للاتفاق على سلة التعيينات.