متى الخطوة التالية؟ انتخابات الرئاسة والسلة المتكاملة!
متى الخطوة التالية؟ انتخابات الرئاسة والسلة المتكاملة!

خاص - Monday, December 18, 2023 8:00:00 AM

جوزف القصيفي

 

اما وقد تم تمديد خدمة العماد جوزف عون على رأس قيادة الجيش لمدة سنة في المجلس النيابي، وتجاوز المطبات السياسية وسائر الاعتبارات التي كان يمكن أن تكرس الشغور في الهرم القيادي للمؤسسة العسكرية ، في ظل عدم قدرة الحكومة بتركيبتها الحالية وانقساماتها على اتخاذ اي قرار يتعلق بهذا الموضوع، والجدل السياسي والدستوري حول محورية دور وزير الدفاع من عدمه، فإن الاستحقاق الذي يجب أن تنصب المساعي لانجازه هو انتخاب رئيس جديد للجمهورية. خصوصاً ان الأجواء في المجلس النيابي باتت مهيأة نسبيا اكثر من السابق للبحث في هذا الملف، والتقاء الكتل تحت سقفه للنقاش في كل الخيارات المطروحة لجهة مواصفات الرئيس العتيد وشخصه. على أن الأحوال الراهنة لا تسمح الا بانتخاب مرشح يوفر شبه اجماع، اذا استحال الاجماع،وفي إطار سلة متكاملة حول الحكومة التي ستخلف حكومة تصريف الاعمال الحالية لناحية تسمية رئيسها، وحجم تمثيل الكتل النيابية فيها. ومن الصعب بمكان - على ما تقول اوساط خبيرة باللعبة السياسية الداخلية - الاكتفاء بانتخاب الرئيس بمعزل عن السلة المذكورة، خشية أن تتوقف العملية الدستورية عند عتبة الرئاسة الأولى وتتعثر في المراحل الأخرى. وهناك تجارب سابقة تؤكد ذلك في عهدي الرئيسين السابقين العمادين ميشال سليمان وميشال عون.

ثمة من يقول ان هذا "السيناريو" يتنافى مع طبيعة النظام الديموقراطي. هذا صحيح لو كان الأمر يتعلق ببلد اوروبي، أو أي بلد ذي مجتمع متجانس لا تسوده الطائفية،بل المذهبية. لكن ما توافق على تسميتها بـ"الديموقراطية التوافقية" تحمل في طياتها النقيضين: الاستقرار السياسي وتعطيل عجلة الدولة، وذلك يعود لايقاع العلاقة بين المكونات النيابية وهي على الغالب ذات طبيعة طائفية بتركيبتها المنبثقة من نظام انتخابي يقوم على الصوت التفضيلي الذي عزز حضور الاحزاب التي يطغى عليها الطابع المذهبي.

من هنا يتعين إنجاز الاستحقاق الرئاسي في وقت قريب، وعدم الابطاء في البت به، وأن يستتبع على الفور بحكومة قادرة على التصدي للملفات الشائكة والمعقدة التي تنتظرها، كما ينتظر اللبنانيون معالجتها لانقاذهم من المحنة التي تتهددهم في لقمة عيشهم، وتعليم اولادهم، واستشفائهم، عدا المعضلة الكبرى المتمثلة بمصير ودائعهم في المصارف.

لا شك أن مطالبات البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي في الإسراع بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، هي الأكثر وضوحا وصدقية لأنها تنطلق من مبدأ عام وهو رفض الشغور الرئاسي وعدم وجود رئيس ماروني في قصر بعبدا، مع تأكيده أن رئيس الجمهورية هو رئيس كل لبنان ولا يخص طائفته حصرا، شأنه شأن قائد الجيش. وبالتالي فإن كل شغور في اي موقع رئيس في هيكلية الدولة ينعكس سلبا على أدائها، وعملها، ويعطل مصالح المواطنين. ولكن هل الأمر في يد البطريرك او اي مرجعية داخلية فقط؟

قبل الإجابة على السؤال، لا بد من الإشارة إلى أن هذه الحال المرضية، مردها إلى الصراعات المارونية والاقتتال السياسي بين زعماء الطائفة، ولو أن هذا الوضع لم يكن قائما، لكان إنجاز الاستحقاق الرئاسي اكثر سهولة.

على أنه من نافل القول أن هذا الاستحقاق ليس معزولا عن اللعبة الدولية - الاقليمية، فإذا ظلت التجاذبات على حالها من الشدة والتباعد بين المحورين المصارعين: محور الخماسية والمحور الايراني، فإن الاستحقاق سيكون بعيد المنال، اما اذا نجحت قطر في ارساء قاعدة مشتركة بين واشنطن وطهران على اساس تفاهمات وتقاطعات معينة، فسيكون الاتفاق على إنهاء الشغور متاحا، وعندها تصبح لعبة الأسماء ثانوية قياسا للاتفاق الكبير. علما بأن المتداول منها لا يزال يحتل الصدارة. وفي المؤشرات أن لا تجاوز للشغور من دون سلة ترضي الكتل الرئيسة لأن "قالب الجبنة" سيكون هذه المرة قابلا للقسمة.

فهل تنجح الخماسية في حمل القوى السياسية على إجراء الاستحقاق قريبا او أن الطبخة لم تنضج، لأن المواقف لا تزال مرتفعة، والسقوف عالية.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني