نداء الوطن
تحمل الكنيسة هموم لبنان وجميع مواطنيه من دون تمييز، وترفع قضاياه إلى المحافل الدولية وعواصم القرار في سبيل الحفاظ على الكيان وتحقيق سيادته وصون تعدّديته. عندما اندلعت الحرب على غزّة في السابع من تشرين الأوّل، كان بطاركة الشرق الكاثوليك في الحاضرة الفاتيكانية للمشاركة في أعمال سينودس الأساقفة المنعقد في روما برئاسة البابا فرنسيس. يومها وجهوا نداء إلى اللبنانيين والأسرة الدولية لانتخاب رئيس للجمهورية والإعتراف بحياد لبنان وتطبيق القرارات الدولية وتسوية الصراع الإسرائيلي والفلسطيني. بعد عودتهم، أعربوا خلال اجتماعهم مطلع الشهر الفائت في دير سيّدة الجبل عن رغبتهم في تفقّد أبناء رعاياهم في القرى الحدودية.
أمّا اليوم فحان موعد اللقاء الجنوبي، إذ يتوجّه البطاركة: بشارة بطرس الراعي (بطريرك أنطاكية للموارنة)، اغناطيوس يوسف الثالث يونان (بطريرك أنطاكية للسريان الكاثوليك)، يوسف العبسي (بطريرك أنطاكية للروم الملكيين الكاثوليك)، مُمثّل بطريرك كاثوليكوس الأرمن الكاثوليك روفائيل بدروس الحادي والعشرون ميناسيان المونسنيور غبريال موراديان، إضافة إلى مطارنة كاثوليك والأمين العام لمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك الأب كلود ندره، والرؤساء العامون والعامّات، ونائب رئيس رابطة «كاريتاس لبنان». وأشار ندره في حديث لـ»نداء الوطن» إلى أنّ الوفد سيصل إلى مدينة صور حوالى الساعة العاشرة والربع صباحاً إلى مطرانية صور المارونية، ويتبعها زيارات إلى أبرشيّتي الروم الكاثوليك والأرثوذكس، ثمّ إلى دارتي الإفتاء السنّي والشّيعي في المدينة.
إذاً تأتي الزيارة إلى تلك الناحية من الوطن، حيث يبدي مسيحيّو الجنوب تعاطفاً وانتماءً شديدَيْن تجاه الكنيسة وبطاركتها وأعرب كهنة الرعايا عن حماستهم وتشكيل الوفود من رؤساء وأعضاء بلديات ومخاتير وفاعليات ومن تسمح لهم الظروف لملاقاة البطاركة. لكن هذا النّبض سجّل امتعاضاً وعتباً (بدافع المحبّة) عند بعض أهالي الذين أملوا لو كان اللقاء في قراهم وقت الهدنة الموقّتة. إذ أشار عضو بلدية دبل المحامي مارون هاشم إلى أنّ «زيارة البطاركة إلى رعيتهم المنتشرة على طول الحدود الجنوبية خطوة هامة، إنّما كنّا نتمنّى لو تمثّلت بالخطوة الكبيرة والجريئة التي قام بها السفير البابوي في لبنان باولو بورجيا الذي جال على عدد من القرى المسيحية».
ولدى سؤالنا الأب ندره (منسّق الزيارة)، عن عدم اقتناص هذه الفرصة، قال «إنّنا أصرينا على أن يكون اللقاء وقت الأزمات وليس عند استتباب الواقع. نريد أن نعبّر عن تضامننا مع كلّ أبناء الجنوب من مسيحيين ومسلمين في ظلّ المعاناة والوجع. نتفهّم بكلّ محبة هواجس وانتقادات أبنائنا. مهما فعلنا نبقى مقصّرين رغم وقوف الكنيسة عبر مؤسساتها الإجتماعية والإنسانية إلى جانب شعبها»، مردفاً «إننا لا نريد تحميل أهلنا أي مخاطر أو تبعات أمنية».
وعن المواقف التي يمكن أن يسجّلها الوفد البطريركي في لقاءاته، أكد ندره أنّ «الكنيسة واضحة في مناصرة الشعب الفلسطيني ورفع العدوان والمعاناة عنه وحقّه بإقامة دولته العادلة. كما تشدّد في المقابل على ضرورة تجنيب لبنان تبعات الحرب وعدم زجّه في مسائل أكبر منّا ولا قدرة على تحمّلها».
وتعليقاً على الزيارة، صدر بيان عن رؤساء بلديات وفاعليات بلدات رميش وعين إبل ودبل، تمنّوا فيه «لو أنّ الزيارة تشمل البلدات نفسها التي تضم الرعايا التابعة للكنيسة المارونية والكنائس الشقيقة، كي يشعر الأهالي ومن بقي منهم بالعناية الروحية والمعنوية المرجوة».
أضاف البيان: «إذ نقدر المحاذير الأمنية المفترضة، لكن الأكيد أن البلدات بحدّ ذاتها لم تتعرض للقصف والرمايات، التي تستهدف أحيانا محيطها ومشاعاتها في إطار تبادل النيران».