مرلين وهبة - الجمهورية
كان مفترضاً، لو لم يحصل «طوفان الأقصى»، ان يحمل الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى لبنان طرحاً جديداً حول الملف الرئاسي، بحسب قول مصدر ديبلوماسي فرنسي لـ»الجمهورية». ولكن عملية الطوفان المفاجئة فرضت نفسها «وقلبت الأجندة»، إلّا أنّ لودريان «اللجوج» تهيّب الفرصة وقفز الى لبنان لحظة اعلان الهدنة، وفاجأ اللبنانيين بزيارة في غير وقتها، بعدما تيقنوا انّ ملف الرئاسة لم يعد همّ المجتمع الدولي، لا بل ينظر اليه بخفّة بعد التطورات في غزة! وهذا الواقع هو ما اكدّ صحّته المصدر الديبلوماسي نفسه.
كشف المصدر الديبلوماسي الفرنسي، انّ لودريان سيعود الى بيروت الشهر المقبل بعد جولة استطلاعية وجوجلة لنتائج زيارته الاخيرة للبنان مع اعضاء اللجنة الخماسية، وهو عائد ليُفهِم الجميع أنّه لجوج مثابر وجدّي، ولكي لا تظن الطبقة السياسية اللبنانية انّه استسلم. وكشف المصدر نفسه أنّ «العودات» ستكون متتالية، اما تكرار الزيارات للمسؤولين فليس الهدف إيجاد حل عبرها بل إمرار الرسائل في التوقيت المناسب، وللقول إنّ فرنسا ما زالت تعمل لأجل لبنان مع أعضاء اللجنة الخماسية، وما زالت مهتمة به ولن تستسلم.
في المقابل، لفت المصدر نفسه الى انّ على اللبنانيين ان يتوجسوا من عدم عودة لودريان وليس العكس، لأنّه اذا لم يعد فهذا يعني انّ لبنان سقط من سلّم اولويات الدولة الفرنسية.
«التيار» وفرنسا
من جهة اخرى، نفى المصدر لـ«الجمهورية» أن يكون اعتذار السفير الفرنسي هيرفي ماغرو عن الدعوة التي وجّهها اليه رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل مع سفراء اوروبيين الى البترون هذا الشهر، سببه «اللقاء المتعثر» الاخير بين باسيل ولودريان. واكّد انّ ماغرو غادر لبنان الى باريس لارتباطات عمل سابقة. ونفى المصدر تهديد لودريان بقطع العلاقة مع «التيار الحر»، واكّد أنّ العلاقة مع «التيار» ونوابه جيدة ومستمرة، وانّ الدولة الفرنسية لا توقف علاقاتها وتواصلها مع التيار او سواه من الاطراف السياسية اللبنانية بناءً على لقاء واحد متعثر... مضيفاً «انّ علاقة فرنسا بـ«التيار الحر» لا يمكن اختصارها او تقييمها بلقاء واحد»، كاشفاً عن تفاصيل اللقاء بين لودريان وباسيل في سنتر ميرنا الشالوحي الذي دام 6 دقائق، فقال إنّ لودريان طلب من باسيل التحدث في موضوع التمديد في قيادة الجيش، الّا انّ الاخير رفض الكلام عنه، فقال له لودريان عندها: «إن كنت لا تريد التحدث في هذا الموضوع سأغادر». وبالفعل، غادر وانتهى اللقاء ولم يحصل بعده اي نقاش او تواصل بين الطرفين.
اما بالنسبة الى ما حققته زيارة لودريان فأكّد المصدر الفرنسي، أنّها وعلى عكس ما تناوله بعض الوسائل الاعلامية، «كانت ايجابية ومعبّرة»، خصوصاً وانّها أتت لحظة إعلان الهدنة بين اسرائيل و«حماس»، وقد أراد لودريان منها توجيه رسالة الى انّه ما زال مصراً على استكمال مهمّته في لبنان، وهو كان يترقّب التوقيت المناسب لزيارة بيروت، وكان قبل اعلان الهدنة في غزة قد توجّه الى الدوحة والسعودية ومصر والولايات المتحدة لينتقل بعدها إلى لبنان، للتأكيد انّه لم يأتِ ممثلاً لفرنسا فقط، بل بعد استشارة اعضاء اللجنة الخماسية. وعليه قرّر التكلم بثلاث نقاط هي: رئاسة الجمهورية واوضاع الجنوب وقيادة الجيش، وهي نقاط كانت منسّقة مع اللجنة الخماسية.
ليس القائد بل المؤسسة
وتعليقاً على مصادر «التيار الحر» التي انتقدت تدخّل لودريان في موضوع التمديد لقائد الجيش، أوضح المصدر الفرنسي، انّ ملف قيادة الجيش فرض نفسه على أجندة لودريان لأنّه مرتبط بالأحداث في الجنوب، تماماً كالمواضيع الطارئة التي تفرض نفسها على ملفات المنطقة، وابرزها حرب غزة التي تقدّمت دولياً على كل الملفات المأزومة في المنطقة. واكّد المصدر أنّ الموضوع ليس شخصياً بين لودريان وبين قائد الجيش العماد جوزف عون، انما هو مرتبط بأهمية مركز قيادة الجيش اللبناني، وإذا ما وجد المعنيون اي مخرج او وسيلة دستورية للتمديد او للتعيين او لملء هذا الفراغ، فإنّ فرنسا والمجتمع الدولي لن يتدخّلا في التفاصيل، بل انّ كل ما يعنيهما هو ان يتولّى شخص مكلّف قيادة الجيش اللبناني، والّا تكون هناك اي لحظة فراغ فيها خلال هذه المرحلة الدقيقة. بمعنى انّ اي إخراج قانوني او دستوري يراه المعنيون مناسباً، فإنّ فرنسا لن تتدخّل وكذلك المجتمع الدولي، لأنّ الموضوع سيادي يخصّ الدولة اللبنانية فقط، واللجنة الخماسية ارادت فقط تقديم نصائح الى اللبنانيين. أما لودريان تحديداً فقد اراد التأكيد بلا خجل أنّ فرنسا معنية مباشرة بهذا الموضوع لوجود 700 عسكري من القوات الفرنسية ضمن عناصر قوت «اليونيفيل» العاملة في الجنوب اللبناني.
في الملف الرئاسي
وعن الملف الرئاسي يقول المصدر الديبلوماسي الفرنسي، انّ لودريان كان واضحاً بأنّه شخصياً لم يعد يرى كيف يمكن لأحد المرشحَيْن سليمان فرنجية وجهاد ازعور بعد جلسة 14 حزيران، ان يكون له حظوظ؟ ولذلك قّدم النصيحة بالتفكير في خيار ثالث وليس تسمية ثالثة، لأنّه رأى انّ فرنجية وازعور لم يتمكنا من حصد الأصوات المطلوبة في جلسة الانتخاب الاخيرة، وهذا الامر لا يعني انّ لدى فرنسا اي مشكلة مع اي منهما، بحسب المصدر نفسه، الذي أكّد انّ فرنسا لن تقترح اي اسم كخيار ثالث بعد اليوم، لأنّه خيار لبناني بحت، علماً انّ الفراغ في سدّة رئاسة الجمهورية، وحسب المصدر نفسه، يبدو معقّداً وطويل الأمد، ولكن الفراغ في المؤسسة العسكرية يمكن تفاديه.