الأخبار
استؤنفت الأعمال القتالية على طول الجبهة الحدودية الجنوبية للبنان، ولم تكن هناك أي مفاجأة في ما حصل بدءاً من عصر أمس، بعد ساعات من معاودة الجيش الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة. ومنذ اللحظة الأولى، لم يحتج "حزب الله" إلى تبرير لعملياتها التي جرت أمس، بل ذكرت صراحة في بيانها أنها جرت "دعماً لشعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة وإسناداً لمقاومته الباسلة والشريفة".
وبحسب ما نقلت صحيفة "الأخبار"، سوف نحتاج إلى وقت كي نتبيّن ماهية المواجهات المتوقّعة في هذه الجبهة، بعد الجولة الأولى التي استمرت 45 يوماً، نفّذت خلالها المقاومة 299 عملية ضد مواقع الجيش الإسرائيلي على طول الحافة الأمامية، وفي عمق يلامس حدود العشرة كيلومترات.
وذكرت الصحيفة، أنّ مرحلة "طوفان الأقصى"، شكلت نقطة مهمة في انتقال الجيش الإسرائيلي السريع من الروتين العملياتي على الأرض، إلى الحرب الواسعة، مع ما يتطلب ذلك من إجراءات عسكرية وأمنية ومدنية في كل النطاق المشمول بالعمليات العسكرية. لكنّ الطابع الدفاعي الذي اتّسم به عمل الجيش الإسرائيلي، فرض عليه حاجة ضرورية إلى ضمان استمرارية الإطباق الاستخباري، بهدف منع عمليات المقاومة.
ونقلت الصحيفة عن مصدر ميداني معنيّ في المقاومة، أنّ الجيش الإسرائيلي قد جهد إلى جانب ذلك، على "تغييب أهدافه ومحاولة إحباط هجمات المقاومة قبل وقوعها"، موضحًا أنّ هذا الأمر "تطلّب من العدو جهداً كبيراً لم يجعله يصل إلى مستوى الضبط نفسه قبل بدء عمليات المقاومة في 8 تشرين الأول. بالرغم من إعادة الانتشار واستقدام القوات الاحتياطية وتقليص حجم مناطق العمل وتفعيل منظومات استخبارية بديلة، إلا أنها لم تعطِهِ الجودة المطلوبة".
وبحسب المصدر فإن "المقاومة نجحت خلال المرحلة السابقة في تحقيق العديد من الأهداف التكتيكية التي حوّلت الجبهة من خط دفاعي، يُعد الأقوى والأمتن في العالم، لجهة الإطباق الاستخباري برياً وجوياً، مع تموضع دفاعي لقوى المشاة والمدرّعات، إلى جانب جدار إسمنتي وسياج تقني، يقيهما نظام تحسّس، ويترافق ذلك مع مهام ميدانية للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية على مدار الساعة".
وكشفت المعطيات الميدانية، بحسب صحيفة "الأخبار"، أنّه بعد نحو 150 عملية نوعية للمقاومة، تضرّر الإطباق الاستخباري للعدو إلى حدود كبيرة، ما اضطره أن يعزز العمل من خلال سلاح الجو، وخصوصاً طائرات الاستطلاع المُسيّرة، والتي ترافقها مُسيّرات مسلّحة مهمتها تنفيذ مهام قتالية فورية. وحاول الجيش الإسرائيلي تعزيز عمله على الحافة من خلال إعادة تموضع قواته، لكنها لم توفّر له الخدمة المطلوبة، لا كمياً ولا نوعياً، خصوصاً بعدما تراجعت إلى حدود كبيرة قدرات العدو في التنصّت على الاتصالات.
وبحسب المجريات الميدانية، تبيّن للمقاومة في لبنان، أن "التموضع الدفاعي، لقوات المدرّعات أو عبر كمائن المشاة، أظهر نتائج ضعيفة، باعتبار أن العدو لجأ سريعاً إلى اعتماد سياسة تغييب الأهداف لمنع المقاومة من ضربه. وهي سياسة عكست حالة من الخوف لدى الجنود، وقد ظهر ذلك عند أي تحرك أو انتقال للتموضع".
وتشير المعطيات الميدانية إلى خلل آخر، كون "بعض الأماكن المناسبة لتموضع جنود الاحتلال، لم يكن يقدر على إشغالها خوفاً من الاستهداف، خصوصاً بعد تعرض كمائنه المدرّعة والمشاة لنيران مفاجئة بعدما كان العدو يعتقد أنها خَفية عن أعين المقاومين".
وبحسب ما نقلت الصحيفة عن المصدر، فمنذ الأيام الأولى للمواجهات، قضت خطة المقاومة بتدمير الأجهزة الخاصة بالتنصّت والتجسّس على طول الحدود. وبناءً عليه، تم تحديد نقاط العمل على طول الحدود. ومنذ اليوم الأول، "تم ضرب السياج التقني ونظام التحسّس المرتبط به، وتعطل بصورة تامة كونه موصولاً سلكياً ويحتاج إلى صيانات دائمة، لم تعد ممكنة بعدما كانت تحصل بشكل يومي في أيام السلم". وفي الموازاة، عملت المقاومة على "تفجير الجدار التقني من عدة أماكن، ما فرض على العدو اللجوء إلى زرع كمائن بديلة خشية استغلال المقاومة لهذه الثغرات للقيام بعمليات تسلل إلى داخل فلسطين المحتلة. وهو هاجس مركزي عند قيادة العدو في المنطقة الشمالية قبل الحرب في غزة، وبعدها مباشرة. وتعزز منذ اليوم الأول للمواجهات مع لبنان إثرَ نجاح مجموعة من مقاتلي سرايا القدس التابعة للجهاد الإسلامي بالدخول إلى المستوطنات".
في الخلاصة، إن الواقع الجديد على الجبهة فرضته المقاومة على العدو وأوقعت عنده الكثير من الخسائر البشرية والمادية، فضلاً عن تحقيق الكثير من المكاسب التكتيكية، والتي جاء أبرزها وفق السيناريو التالي:
وكشفت بحسب وقائع ميدانية أمكن مراقبتها خلال الجولة الأولى من المواجهات، أن المقاومة، لجأت إلى تكتيكات خاصة، سيكون من الصعب على العدو التعامل معها بطريقة تنقذه من العمليات. كما أن آليات المواجهة المفترضة، "ستبقى تفرض خيار الاستشهاد عند المقاومين، لكن الأصل في الموقف، هو أن قرار قيادة المقاومة، كان واضحاً بمنح المقاومين صلاحيات تجعلهم يقومون بأعمال كثيرة، بعضها لن يكون بالمقدور تحديده إلا وقت حصوله".
وأوضحت أنّ "خلال 45 يوماً من العمليات، نجحت المقاومة في تحقيق عدد من الخسائر المباشرة في المواقع والآليات والأجهزة. ويمكن حصر الخسائر حسب مصادر المقاومة بالآتي: آليات (21)، مُسيّرات (3)، مواقع (40)، كاميرات (170)، رادار (47) نظام تشويش (21)، منظومة استخبارات (35)، منظومة اتصالات (77)، قصف مستوطنات (5)، استهداف تموضعات خاصة للجنود (15)".
أما بشأن الخسائر البشرية، فإن مصادر المقاومة سواء التي تصدر عن الفرق المشاركة في عمليات الرصد والتدقيق وتنفيذ العمليات، أو عبر وسائل أخرى، فقد وثّقت بحسب ما نقلت صحيفة الأخبار، إصابة 354 من ضباط جنود الجيش الإسرائيلي بين قتيل وجريح.
وبحسب الصحيفة، فمن جهة إسرائيل التي كانت حريصة على منع أي حديث عن الإصابات، فقد أظهرت المعلومات التي تم الحصول عليها من مؤسسات رسمية تابعة لوزارة الصحة، أن عدد الذين أُدخلوا إلى المستشفيات في مناطق شمال حيفا حتى الحدود مع لبنان من الجهتين الغربية والشرقية قد وصل إلى 1570 إصابة، بينها قسم كبير من الإصابات الطفيفة التي عولجت وأُخرجت من المستشفيات بينما واجه الآخرون أوضاعا صعبة بسبب الإصابات المتوسطة أو الخطيرة. وقد تمّ نقل هؤلاء المصابين إلى مستشفيات في منطقة حيفا والشمال.