محمد علوش - الديار
لا بد لمبعوث الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون الى بيروت جان إيف لودريان، أن يُدرك أن زيارته المقبلة الى لبنان لن تكون كسابقاتها، فما قبل الموقف الفرنسي الحاد من المقاومة الفلسطينية وعملية طوفان الأقصى، لن يكون كما بعده حتماً، بالنسبة للأطراف التي كانت لا تزال تضع الموقف الفرنسي في مرتبة مهمة بالنسبة إليها، وكان الفرنسيون يتمسكون بالعلاقات معها، نظراً لدورها وأهميتها على الساحة المحلية.
يعود لودريان الى بيروت للحديث طبعاً بخصوص ما يمكن إنتاجه لإنهاء الفراغ الرئاسي، واستطلاع مواقف المعنيين وعلى رأسهم حزب الله الذي يشارك في دعم غزة وفلسطين انطلاقاً من الجبهة الجنوبية، من القضية الرئاسية واحتمالات التسوية، حيث تُشير مصادر سياسية متابعة الى أن الحزب وحلفائه لن يتعاملوا مع الفرنسيين بالود نفسه الذي كان حاضراً في جولات لودريان سابقاً، ففرنسا لم تعد وسيطاً صالحاً للبحث في التسويات، والموقف الفرنسي من الحرب على غزة لا يمكن تجاوزه وكأنه لم يكن.
لا يعني ذلك بحسب المصادر أن هناك مقاطعة للفرنسيين، لكن على الإدارة الفرنسية أن تكون مدركة لهذا الواقع الجديد، على أن "ننتظر لنرى كيف ستواجهه وماذا يحمل لودريان معه من أفكار، على أمل ألا تكون أفكاره قديمة، فالمنطقة اليوم في وضع جديد يتطلب مواكبته بأفكار تليق به".
لا يربط فريق 8 آذار بين نهاية الحرب على غزة والبحث في الملفات اللبنانية، ولو أن لما يجري في فلسطين تأثير حتمي وكبير وحتمي على لبنان والملفات الأساسية فيه، ولكن هذا الفريق منفتح على البحث بالخيارات المناسبة لإنهاء حالة الفراغ الرئاسي، وإعادة إطلاق عجلة التعيينات الرئيسية في الدولة وعلى رأسها قيادة الجيش، وبحسب المصادر فإن هذا الفريق لن يتشدد أكثر من قبل بموافقه، لأنه لا يعتبر أن المواقف السابقة للسابع من تشرين الاول كانت "طريّة"، فهو كان ولا يزال يتمسك بمرشحه رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، ومَن يطرح تسويات عليه أن يأتي بما يستحق النقاش حوله.
طبعاً، بعد أن تنتهي الهدنة الأولى صباح يوم الثلاثاء، يُفترض أن يعود القتال الى الجبهات كافة، والجبهة الجنوبية لن تكون غائبة، لذلك فإن زيارة لودريان قد تكون على وقع الصواريخ والقذائف، وعندئذ سيكون مضمون ما يسمعه مغايراً لما سيسمعه بحال تم الاتفاق على تمديد الهدنة واستمرار وقف الحرب على غزة، وتكشف المصادر أن هناك محاولات عربية لتمديد الهدنة واستكمال عمليات التبادل، مشيرة الى أن ما يجري في غزة ينعكس على الجنوب، وهو بالتأكيد ينعكس على الملفات الأساسية في البلد.
ربما في لبنان لم يعد يوجد من "يقبض" الفرنسيين بحقّ، فبعد أن هاجمت قوى 14 اذار الفرنسيين بعد طروحاتهم التي كانوا يرونها لمصلحة حزب الله، اتسخت علاقة 8 اذار بالفرنسيين بسبب تصريحات ماكرون من فلسطين المحتلة، لذلك نادراً ما تجد أحداً يعول على التحرك الفرنسي، بينما الغالبية يعتبرون أن دور قطر في لبنان سيكون أكثر نفعاً، بعد نجاحها في الهدنة في غزة، واستمرار قيامها بدور الوسيط بين الاميركيين والايرانيين، ومفاوضات الهدنة في غزة ليست أصعب من الملف اللبناني، ما دامت الحرب على الحدود لا تزال مضبوطة، وهو ما تسعى أميركا الى استمراره، لذلك فالعين على الميدان من جهة، وقطر من جهة ثانية.