دخلت الحرب على قطاع غزة الذي انسحب منه العدو الإسرائيلي عما 2005، والمحاصر منذ ستة عشر عاما، يومها الثاني والأربعين، في ظروف هي الأقسى بتاريخ الصراع العربي الفلسطيني عموما، والإسرائيلي الغزاوي خصوصا، من عملية "الرصاص المصبوب" في كانون الأول 2009، التي استمرت 23 يوما، الى "عامود السحاب" في تشرين الثاني من العام عام 2012، والتي دامت ثمانية أيام، مرورا بالجرف الصامد عام 2014 والتي استمرت 51 يوما، وعملية "حارس الأسوار" عام 2021 بسبب استيلاء المستوطنين على منازل أهالي حي الشيخ جراح بالضفة الغربية، الى "الفجر الصادق" في آب 2022، وصولا الى المعركة الحالية التي أسمتها إسرائيل "السيوف الحديدية".. فمتى تنتهي؟ وما دور حزب الله مستقبلا فيها؟ وماذا يخطط الغرب وإسرائيل لغزة؟
تشير جميع المعطيات السياسية والميدانية العسكرية في قطاع غزة، الى أن الحرب الإسرائيلية لن تنتهي في القريب العاجل، وأن الأمور ذاهبة الى مزيد من التأزم على مستوى فلسطين كدولة عموما وقطاع غزة خصوصا. فتصريحات المسؤولين السياسيين الإسرائيليين من الصف الأول تكاد تكون جازمة بأن الحرب ستدوم لأشهر، ولكن السؤال المطروح، لماذا لأشهر؟ وهل فعلا مخطط إسرائيل فقط هو تحرير الأسرى والقضاء على حماس؟
مصادر دبلوماسية أكدت عبر موقعنا VDLNEWS، أن الأمور اليوم على أرض المعركة على ما هو عليه، أما أمميا، فالأمور بانتظار الهدنة بعد قرار مجلس الأمن بخصوص تبادل عدد من الأسرى المزدوجي الجنسية لدى حماس بهدنة إنسانية لأيام، وتؤكد المصادر أن "العدو الإسرائيلي راض من حيث المبدأ عن هذا المقترح، بدليل أن الحليف الأول لإسرائيل، الولايات المتحدة الأميركية، لم تضع "فيتو" على الإقتراح، وكذلك فعل الجانب الروسي، أي من حيث المبدأ، فإن الهدنة قريبة، لكن ما بعد الهدنة مشوار طويل وطويل جدا".
وردا على سؤال المصادر حول سبب تشديدها على أن الحرب طويلة، قالت: "تضم مياه غزة الإقليمية حقلان رئيسيان للغاز هما حقل غزة البحري وهو الحقل الرئيسي قبالة القطاع، والحقل الحدودي الأصغر سعةً ويمتد عبر الحدود الدولية الفاصلة بين المياه الإقليمية لقطاع غزة والمياه الإقليمية للكيان الإسرائيلي المحتل. وتقدِّر شركة الغاز البريطانية حجم الاحتياطيات في الحقلين تريليون ونصف التريليون قدم مكعب بالحد الأدنى"، وأضاف: "هذا ما صرحت به الشركة، ولكن الإسرائيلي يثق بأن في بحر غزة بحرا آخر من النفط، من هنا فإن إسرائيل تدرس خيارات استفادتها من خيرات القطاع وبحره ونفطه وغازه، وهي لن ترتاح قبل أن تبدأ بالتنقيب في آبار بحر غزة، من هنا نرى أن الحرب طويلة لدرجة أنها قد تبقى حتى تسلم حماس الحكم في القطاع الى السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس، وطبعا، محمود عباس سيفعل كالعادة ما تريده إسرائيل".
ورأت المصادر الدبلوماسية المقربة من "محور المقاومة"، أن الإسرائيلي لن يهدأ له بال قبل أن يقضي على نسبة كبيرة من قدرات حماس، حتى لو كلفه ذلك قتل أسراه، خصوصا بعد أن أعلنت حماس عن مقتل أكثر من 60 أسيرا إسرائيليا نتيجة القصف الإسرائيلي، لكن ذلك لم يرف جفن لأخير، وهو يعتقد، أي العدو الإسرائيلي، أن إضعاف حماس وتسليم الحكم في القطاع للسلطة الفلسطينية وضمان غاز بحر غزة، يستحق التضحية بحياة الأسرى الموجودين لدى حماس، حتى ولو بسلاحه الجوي".
في انعكاسات ذلك على الجانب اللبناني، وهي الجبهة الأكثر خطرا على العالم بحال اندلعت، بحسب المصادر، أكدت الأخيرة أن "العدو الاسرائيلي ضاق صدره درعا من حزب الله، ولم يعد يستوعب حجم الضربات اليومية على مواقعه ونقاطه عند الحدود الجنوبية للبنان، خصوصا وأن حجم تحركات مقاتلي الحزب هو محصور جدا بقواعد اشتباك خمسة كيلومترات على طول الحدود، وبالتالي فإن نجاح الحزب في إصابة جميع الأهداف التي يستهدفها، بمقابل استعمال إسرائيل لسلاح الجو للقضاء على الخلايا بعد تنفيذها العملية المطلوبة، جعل الإسرائيلي مترددا أكثر من أي وقت مضى بالتفكير بتوسيع عملياته ضد الحزب".
ورأت المصادر الدبلوماسية أن "الجانب الإسرائيلي لا يستطيع الدخول في الحرب على لبنان، لأن الجبهة اللبنانية ليست غزة، وأن جنوب لبنان هو أكثر الجبهات تحصينا وقوة غير منظمة في الشرق الأوسط، ومن خلفه حزب الله إيران بكل ما للكلمة من معنى، والأخيرة لن تسمح إطلاقا بأي مس به، وذلك فيه حتمية الحرب الشاملة، بظل إعلان البيت الأبيض رسميا على لسان بايد بأن أميركا لن تدخل في الحرب، بل ستكون داعمة لإسرائيل، تماما كما هو الحال في أوكرانيا"، وسأل: "حزب الله يقوم بعمليات يوميا، فإلى متى يستطيع الإسرائيلي استيعاب ضربات حزب الله دون الدخول الى حرب تنجيه كما يعتقد من مستقبل لن يكون موجودا فيه بحسب ما يعتقد الحزب؟".
وإذ شددت المصادر المقربة من "محور المقاومة"، على أن "مشروع القضاء على حزب الله قائم أميركيا وإسرائيليا، ولكن توقيته لم يحن بعد بسبب المستنقع التي غرقت فيه إسرائيل في غزة، وأميركا في أوكرانيا، في مقابل قاعدة أساسية لأول مرة تحصل في جنوب لبنان، هي أن بضعة آلاف من المدنيين نزحوا، في مقابل نزوح عشرات الآلاف من مستوطني شمال إسرائيل، والمفارقة هنا، هي أن عودة اللبنانيين تكون خلال يوم، أما عودة المستوطنين صعبة وقاسية يحتاج فيها هؤلاء ضمانات من دلتهم بأن لا يحصل معهم كما حصل بمستوطني غلاف غزة في السابع من أكتوبر الماضي".
وبحسب جميع من يعنيهم ولا يعنيهم الأمر، من رؤساء دول وحكومات غربية وغير غربية، الأمور في بداياتها، والساكتون عن الجرائم الإسرائيلية لن يحركوا ساكنا، والهدف الإسرائيلي الأساسي غير الآني، هو تأمين غلاف غزة وجنوب لبنان، ثم الغاز في غزة، ثم القضاء مستقبلا على حماس وحزب الله وإيران ومن معهم، ولكن، تعلق المصادر الدبلوماسية على ما سبق، قائلة: "منذ ربع قرن، لم تجر السفينة يوما كما تشتهيها تل أبيب".