نداء الوطن
بعدما حلّت الحرب بين إسرائيل وقطاع غزة طبقاً دسماً على طاولة «قمة الرياض» بين دول مجلس التعاون الخليجي ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) أمس، حيث دعا البيان الختامي إلى «حماية المدنيين والامتناع عن استهدافهم والإلتزام بالقانون الدولي الإنساني»، وإلى «وقف دائم لإطلاق النار وضمان وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى غزة»، ستسرق «قمّة القاهرة للسلام» الأضواء الإعلامية والديبلوماسية اليوم، مع حشدها قادة من الصفّ الأوّل من الخليج والمنطقة والعالم، إضافةً إلى وزراء خارجية ومسؤولين حكوميين لبحث القضية الفلسطينية وتحديداً الحرب في غزة والسعي إلى منع تفاقمها وتوسّعها، وسط هواجس مصرية - أردنية من حصول «نكبة ثانية» من خلال تهجير جديد للفلسطينيين من أرضهم.
وبات لدى القاهرة هاجس من تهجير الغزّاويين إلى سيناء، مع ما يُشكّله هذا الأمر من خطر على الأمن القومي المصري، فيما كان لافتاً اعتبار الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك أمس، أن نزوح المدنيين من غزة إلى سيناء سيُسدل ستارة النهاية على القضية الفلسطينية. وهذا الهاجس موجود بقوّة أيضاً لدى المملكة الأردنية الهاشمية، والمخاوف من أن تلقى الضفة الغربية مصير غزة عاجلاً أم آجلاً، واحتمال حصول تهجير جماعي للفلسطينيين نحو الأردن. لهذا تقف الدول العربية عموماً، ومصر والأردن تحديداً، سدّاً منيعاً في وجه أي مخطّط تهجيري جديد.
في المقابل، ما زالت الدولة العبرية تضع نصب أعينها هدف «تصفية حماس» وتأسيس «نظام أمني جديد» في قطاع غزة، بحسب وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الذي قال خلال اجتماع لجنة الخارجية والدفاع في الكنيست إن السابع من تشرين الأوّل «هو اليوم الذي بدأت فيه عملية محو حماس»، معتبراً أن «هذه حرب بلا خيار فرضتها علينا الحركة». وتحدّث عن 3 مراحل للعملية العسكرية تُتوّج بـ»إنشاء نظام أمني جديد في غزة، وإزالة مسؤولية إسرائيل عن الحياة في القطاع، وخلق واقع أمني جديد لمواطني إسرائيل وسكان الغلاف».
وفي هذا السياق، أفاد مصدر في وزارة الخارجية الإسرائيلية وكالة «فرانس برس» بأنّ إسرائيل تدرس من بين السيناريوات المحتملة «تسليم مفاتيح» قطاع غزة إلى طرف ثالث قد يكون مصر، من دون أي ضمانة بأنّ القاهرة ستقبل بهذا السيناريو المؤجّل منذ عقود.
تزامناً، نقلت صحيفة «هآرتس» عن الجيش الإسرائيلي أنّه اغتال مسؤول تطوير الأسلحة في «حماس» محمد صبيح، في حين ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن الآلاف من اليهود المتشدّدين المعروفين بـ»الحريديم» يسعون إلى الإنضمام إلى القتال، رغم أنّهم كانوا عادة يُعارضون الخدمة في الجيش ويسعون إلى إقرار قوانين تعفيهم نهائيّاً من الخدمة العسكرية، الأمر الذي يُعتبر بمثابة تحوّل لافت.
وبينما يواصل الجيش الإسرائيلي قصف غزة موقعاً مزيداً من الضحايا، تواصل الفصائل الفلسطينية إطلاق صواريخ في اتجاه إسرائيل. وقُتل 4137 شخصاً في القطاع، بينما قُتل أكثر من 1400 شخص في إسرائيل. كما أعلن الجيش الإسرائيلي أن 1500 من مقاتلي «حماس» قُتلوا في الهجوم المضاد لاستعادة السيطرة على المناطق التي دخل إليها عناصر الحركة الإسلامية.
وفي ما يتعلّق بإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، رجّح الرئيس الأميركي جو بايدن أمس أن تعبر أولى شاحنات المساعدات معبر رفح من مصر إلى غزة خلال اليومَين المقبلَين، كما بحث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال اتصال هاتفي خطط إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، في وقت ينتظر فيه الغزاويون دخول المساعدات الملحّة التي تكدّست في الجانب المصري الذي تفقّده الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أمس.
من جهة أخرى، أعرب بايدن عن «سعادته الغامرة» بعد إفراج «حماس» عن رهينتَين أميركيّتَين كانت تحتجزهما، فيما نقلت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الرهينتَين من غزة إلى الدولة العبرية. وأشار مكتب نتنياهو إلى أن المرأتَين المُفرج عنهما هما جوديث تاي رعنان وناتالي شوشانا رعنان، موضحاً أنهما خطفتا من كيبوتس ناحل عوز. ومساء أمس، كشفت «حماس» أنها تعمل مع «جميع الوسطاء» لإغلاق ملف المحتجزين المدنيين «فور توفر الظروف الأمنية المناسبة».