مسيحيو الشرق إلى اين؟ اي دور للكنائس ؟ اي دور للنخب؟
مسيحيو الشرق إلى اين؟ اي دور للكنائس ؟ اي دور للنخب؟

خاص - Monday, October 16, 2023 9:09:00 AM

جوزف القصيفي


في حمأة التطورات الحربية في فلسطين المحتلة، والحرب الصهيونية على قطاع غزه وما خلفه ذلك ويخلفه من هزات وارتدادت من المبكر تقويمها واستخلاص عبرها ،لأن المعركة لا تزال مفتوحة على كل الاحتمالات والمفاجآت،وبعد كل الذي حصل في منطقة الشرق الأوسط بدءا من العام 2003 تاريخ غزو بغداد ، مرورا بحرب تموز 2006 على لبنان، ونشوب الحرب في سوريا العام 2011، وما احدثت هذه المحطات من تحولات وافرزت من معادلات " جيوساسية"ترافقت مع حروب ضارية وإن محدودة في فلسطين المحتلة، وتحديدا القطاع، وصعود الاصوليات وتنامي الإرهاب ، والهجرة الكثيفة للمسيحيين من بلادهم التاريخية ،وقد كانوا في صلب نسيجها الوطني، السياسي ،الثقافي والاجتماعي ، ألا يستأهل ألامر أن تستنفر الكنائس الارثوذكسية والكاثوليكية والانجيلية في الشرق لإيجاد وسيلة للقاء في " سينودوس" تاريخي مفصلي يبحث بعمق واقع ومستقبل الجماعة المسيحية في هذه المنطقة من العالم التي شهدت ولادة يسوع الناصري وموته وقيامته وتحتضن كل المقدسات المسيحية. إن الاحصاءات تدل إلى تراجع مأساوي في إعداد المسيحيين في العراق وفلسطين المحتلة، والحبل على الجرار بالنسبة إلى مسيحيي سوريا، ناهيك عن التدهور المخيف في أعداد إخوانهم اللبنانيين. وليس من قبيل المبالغة القول أن المسيحيين في الشرق هم إلى زوال،وأن الهجرة ستقتلعهم وتلحقهم باخوانهم في بلدان الشتات، وقد يأتي يوم تصبح فيه مرجعيتهم الروحية في الخارج، كما هي حال الطائفة الاشورية وهي من اقدم الطوائف المسيحية الشرقية. ثم ألا يتطلب الأمر تحركا موازيا من النخب المسيحية الفكرية، السياسية، والثقافية والعلمية لرسم الخيارات والاحتمالات الخاصة بالوجود المسيحي ومستقبله، وذلك بدلا من التلهي بالخلافات الجانبية،واللجؤ إلى المزايدات، ورفع النبرات، واصطناع بطولات وهمية، فيما المشكلة والواقع هما في مكان آخر.

ثمة أسئلة مطروحة أمام المسيحيين ينتظر الإجابة عنها اليوم او غدا :
أ- هل يريدون فعلا البقاء في اوطانهم وعدم النزوح عنها؟
ب- اذا كان الجواب ايجابا، ما هي الأفكار التي يقترحونها لتثبيت إرادتهم هذه وتحقيقها ؟
ج- هل يرون أن العيش مع المسلمين يمكن أن يصان والعودة به إلى ما كان عليه من متانة قبل هبوب العواصف المتتالية على العراق، سوريا، لبنان، وفلسطين؟
د- هل يجدون أن أداء كنائسهم هو بحجم خطورة التطورات التي ألمت وتلم بالمنطقة؟
المسيحيون يخسرون ارضهم ويفقدون

تجارتهم وتغلق مؤسساتهم التعليمية والاجتماعية، وما تبقى منها في لبنان تعاني الكثير من الصعوبات. وأن الرهان على المنتشرين منهم لدعمهم حيث هم، هو رهان موقت لأن عامل الزمن وتعاقب الاجيال قد يضعف الارتباط بارض الجذور والمنابت، ويضع من تبقى منهم " في إطار " اقلية" غير فاعلة وغير مؤثرة لا دور ولا حضور لها في اي مجال،حتى أن الإشارة إلى وجودها للدلالة على التنوع لا فائدة منه ، لأنه لن يعد قائما على ارض الواقع إلا بنسبة ضئيلة جدا.
ألا يستأهل الأمر أن تستنفر الكنائس وفي مقدمها الكنيسة المارونية، وهي واحدة من اقدم الكنائس المسيحية في هذا الشرق، وأكثرها حضورا في لبنان الذي لا يزال حتى الساعة الموئل الرئيس للمسيحيين في هذه المنطقة، وأن تتصدى لهذا الموضوع الاستراتيجي من دون النظر الى المناورات الحزبية والسياسية والخلافات الجانبية التي تحرف البوصلة عن الهدف الصحيح. إن أهمية البطريركيات المسيحية، والرئاسات العامة للرهبانيات أن تثبت على أرضها، لأنها تمثل وحدتها ورمز تماسكها وضمانة تراثها، فهي الجذع الذي تتفرع منه الابرشيات والاديار في العالم. وإن كانت كنائس الانتشار هي مصدر دعم ، فإن الخوف من نزوح المرجعيات إلى الخارج - لا سمح الله-سيرتد سلبا على وحدتها وتماسكها. ولعدم الوصول إلى مثل هذا الواقع المفجع، يجب أن يكون التحرك بمستوى الخطر الوجودي الذي يتهدد المسيحيين. وفي رأيي أن لدى الكنائس والنخب المسيحية في الشرق القدرة على إستعادة المبادرة، وصوغ دور وخطاب وطنيين يساعد على إعادة تموضعهم الفاعل في الشرق العربي بالتعاون والتفاعل مع المتنورين المسلمين القادرين على احداث خروق نوعية في مجتمعاتهم. فليس صحيحا أن كل المسلمين هم ذوو نزعة إلغائية،وأن كل المسيحيين هم ذوو نزعة انطوائية انعزالية. فهذا كلام غير منطقي وغير صحيح،لأن باستطاعة المجموعتين الالتقاء برحابة وإعادة رسم خريطة طريق جديدة وتكوين عناصر خطاب مختلف عما كان سائدا بعيدا من ثقافة الحذر والتوجس والارتياب. خطاب يقوم على التلاقي والتعاون لبناء شرق جديد يستحقه ابناؤه.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني