نداء الوطن
في الربع الساعة الأخير، وبعدما أثارت «نداء الوطن» مسألة عدم إصدار وزارة الطاقة -هيئة إدارة قطاع البترول- قراراً يقضي بتمديد مهلة تقديم العروض للاشتراك في مزايدة تلزيم البلوكين (8 و10)، خرجت الوزارة والهيئة ببيان منتصف الليل تعلنان فيه أنّ «الكونسورتيوم» البحري تقدم إلى المزايدة قبل ساعة واحدة فقط من انتهاء المهلة، ما يطرح علامات استفهام عن الأسرار المحيطة بكامل ملف الغاز والنفط في البحر اللبناني.
منذ فُتح ملف الثروة النفطية والغازية في البحر اللبناني أحيط بسرية «مشبوهة» بعدما حُجبت الحقائق عن الرأي العام، ودخل فيها الخاص بالعام على مستوى إدارتها من جانب السلطة السياسية الحاكمة، وهذا الأمر استمرّ مع مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، حيث تولّت الجهات السياسية ذاتها تقديم روايات كاذبة عن حقائق تتكشّف مع الأيام.
لقد تقدّم «الكونسورتيوم» أي «توتال- إيني- قطر للطاقة» بطلبين للمزايدة على البلوكين (8 و10) ولم يعد الأمر احتمالاً. وأعلنت وزارة الطاقة- هيئة إدارة قطاع البترول الخبر مزهوّةً، كما العادة، ببيان أشارت فيه إلى أنّه «تقدَّمَ «الكونسورتيوم»، توتال-إيني- قطر للطاقة بطلبي اشتراك/ عرضين منفصلين لـ»المزايدة» على البلوكات 8 و10 في دورة التراخيص الثانية، التي انتهت مُهلة التقدّم اليها اليوم (الإثنين الماضي)». هذا الأمر رسم علامات استفهام عن سياقات العرض والتوقيت وتجاوز وقائع كان يجب انتظار اكتمالها لجهة المسوحات الزلزالية الثلاثية الأبعاد.
إذ يقول خبراء إنّه «أيّاً تكن تفاصيل العرض التجاريّة، فعرض كهذا هو من حيث المبدأ، مُجحِف بحقّ لبنان ومنافٍ للمصلحة الوطنيّة لسبب بسيط جداً وهو غياب المنافسة». ويضيفون «بالتأكيد، حظوظ المنافسة ستكون أكبر بكثير لو انتظرنا نتائج الحفر في حقل قانا المُحتمل، لأنه أيّاً تكن تفاصيل العرض التجاريّة، فإنّ اللبناني الملسوع من سوء الإدارة والفساد على مدى ثلاثين سنة، يخاف من جرّة الحبل وينتظر وسينتظر طويلاً، إجابات عن سؤال طرحناه مراراً: لماذا لم تمدّد الدورة الثانية لما بعد الانتهاء من حفر و تقييم Qana 31/1؟ بالإضافة الى التخبّط البادي للعيان بخصوص المسح الزلزالي الثلاثي الأبعاد في البلوك 8 الذي لُزّم حديثاً فيما كانت توتال تحضّر ملفّها للتقدّم الى البلوك نفسه، ما يطرح الكثير من التساؤلات المشروعة، لأنّ المنطق يقول إنّ الشفافيّة مطلوبة وواجبة، ولا يُمكِن ولا يجوز أن يُدار هذ القطاع الاستراتيجي بهذه الدرجة من التخبّط، فهذه جريمة إضافية في حق الأجيال الصاعدة والقادمة».
ويشير الخبراء إلى أنّ «السلطة السياسية التي فاوضت على الترسيم البحري وضعت هدفاً استراتيجياً وهو الحصول على كامل حقل قانا المحتمل بهدف منع ما سمّته التطبيع مع العدو الإسرائيلي، لكن تبيّن مع الأيام وبعد كشف أسرار الخرائط التي حجبت عن الرأي العام، أنّ لهذا الحقل أشقاء وشقيقات، فماذا عن حقل «قانا الشرقي» وحقل «قانا الغربي»، وهما تسميتان لحقليْن جديدين على خريطة رسمية لبنانية صادرة عن هيئة إدارة قطاع البترول، بالإضافة إلى مجموعة حقول محتملة تعبر الخط 23، يمكن أن يكون أبرز هذه الحقول، ما يُصطلح على تسميته «قانا الغربي» حقل(B) وهو حقل شبيه بحقل قانا الأساسي الذي يقع ضمن البلوك (9)، بحيث يتجاوز الخط 23».
ويضيفون: «بهذا المعنى، تنسحب وضعية البلوك (8) على البلوك (10) الذي خضع لمسوحات زلزالية ثلاثية الأبعاد لم يُكشف عن نتائجها. إذ تظهر الخريطة وجود مكمن غازي محتمل، يمكن أن يُطلق عليه اسم «قانا الشرقي»، مع انتشار حقول في البلوك (9) وفي محاذاته لا تقلّ أهمية عنه، تمتدّ أسفل الخط 23. ولأن المطلب اللبناني اقتصر على حقل «قانا الرئيسي» فقط وحصل عليه شكلاً، إلا أنّ المفاوض اللبناني قد أتاح للعدو الإسرائيلي حقلاً مجانياً إضافياً صمتت السلطة المفاوضة عن كل تفاصيله ومخاطره التي بدأت الوقائع تثبتها».
ويسأل الخبراء: «لماذا لم تمدّد مهلة العروض للمناقصة في البلوكين (8 و10) طالما أنّ الحكومة ممثلة بوزارة الطاقة وهيئة إدارة قطاع البترول لزّمت شركتين المسوح الزلزالية الثلاثية الأبعاد للبلوك رقم (8) ولم تنتهِ هذه المسوح حتى الآن، ولم تصدر النتائج؟ أما كان أقوى للبنان وأجدى له لو انتظر نتائج المسوحات، لأنها قد تمكّن موقفه من انتزاع المزيد من المكاسب؟ وهل الصمت الرسمي اللبناني وعدم انتظار نتائج المسوح وعدم تمديد مهلة العروض والإعلان في الربع الساعة الأخير عن تقدّم «الكونسورتيوم» النفطي والغازي الذي يستثمر في البلوكين (4 و9) لها علاقة وثيقة الصلة باتفاق المبادئ بين الحكومة الإسرائيلية وشركة «توتال» حول حصة إسرائيل من الحقول المشتركة؟ وهل هذا الاتفاق يتجاوز حقل قانا الرئيسي المحتمل إلى الحقول في البلوكات الأخرى، ولذلك جرت التعمية - على الطريقة اللبنانية - من دون انتظار نتائج المسوحات حتى لا تتقدّم شركات جديدة عملاقة وتضطر إسرائيل لعقد اتفاق جديد مع الشركات الفائزة؟».
الأسئلة كثيرة ومشروعة ولا جواب من المعنيين في لبنان، والأمور ما زالت تدار بطريقة الصفقة التي تستبطن الفضيحة، إلّا أنّ الأيام ستظهر الحقائق حتى لو تمّت تغطيتها بالكثير من الإيديولوجيات.