جوزف القصيفي

حضرت قداسا يوم السبت الفائت في كنيسة " مار توما" الرسول ببلدة قب الياس التي بنتها في جوف الصخر عائلة المرحوم سعيد توما صاحب الخمارة التي تحمل اسم العائلة والتي تشتهر بانتاج العرق والنبيذ، وترقى إلى العام 1888، وهي اليوم مؤسسة متكاملة معرفة باسم (St thomas).

ترأس القداس المطران نيفن صيقلي ومطران زحله للروم الارثوذكس انطونيوس الصوري وعاونهما لفيف من الكهنة. وقد انجذب المشاركون في القداسين إلى صوتي صيقلي والصوري الرائعين، وكأن صناجة تناجي كنارة. كان الجميع منخطفين إلى تينك الحنجرتين الذهبيتين ،وهما ترتلان باليونانية والعربية، وفق الطقس البيزنطي القديم الذي اعادنا إلى تلك الحقبة المضيئة في تاريخ الكنائس الشرقية.

ووسط سكون الطبيعة وهدأتها توزع الحضور على طاولات أنيقة افترشت ساحة خضراء ،مسيجة بالاشجار والورود تبادل الحضور الانخاب وتذوقوا اطباقا لبنانية شهية. كان الحضور مميزا من رجال دين وسياسة، ومحافظ، ومدراء عامين واعلاميين، وعدد من كبار الذواقة.

كلمة جو توما صادرة من القلب، وحملت إصرارا على جبه التحديات التي تواجهها صناعة النبيذ والخمور من أجل أن يبقى لبنان رائدا في هذا المضمار. إن صناعة النبيذ في لبنان ازدهرت ونشطت وهي باتت من الصناعات التي يعول عليها في دعم اقتصادنا الوطني، وتحريك دورة الانتاج.

من البقاع، فالجنوب، وجبل لبنان والشمال، تنتشر الكروم التي تنؤ باجود العنب والى جانبها المعامل التي تعنى بعصره وتحويله إلى نبيذ بمختلف الأنواع والمذاقات. النبيذ اللبناني شق طريقه إلى العالمية، وهو يباع في عواصم الدول الكبرى، ويلقى رواجا في البلدان التي اشتهرت بانتاجه وبيعه مثل فرنسا.

انه العقل اللبناني المبدع الذي لا يعترف بحدود وسدود، ويبني له ولوطنه اهراما من نجاحات لا تخفى على اي متابع. في قب الياس، وعلى مرمى كرمة من عروس البقاع، عدنا بالذاكرة إلى كركة آل توما ومعصرتهم والى تلك الجباه التي لوحتها الشمس، والعزيمة الماضية التي طبعت نضال أبناء البقاع في سبيل مستقبل افضل، وحضور اثبت على ارضهم.

إن لبنان يزحر بالطاقات وهو يغتني بها ويزدهر، رغم كل المعوقات وعبث المسؤولين والقوى السياسية، واستمرارهم في المناكفة، وشد الحبال حول عنق الوطن.