بولا مراد - الديار
لا صوت يعلو رئاسيا فوق صوت المساعي الفرنسية والقطرية، لاخراج الازمة التي اقتربت من اتمام عامها الاول من عنق الزجاجة. فقد سلمت معظم القوى اللبنانية بتعذر الحلول الداخلية، وبخاصة بعد وصول مبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى حائط مسدود، بعد اطاحة القوى المسيحية بها، وبالتحديد رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، الذي بعدما كان قد بعث باشارات اوحت بانه قد يشارك في أي دعوة يوجهها بري، عاد وتراجع عن ذلك بتبنيه موقف قوى المعارضة، التي اعلنت منذ البداية رفضها للحوار التقليدي الموسع، ومشاركتها في حوارات ثنائية او ثلاثية، على غرار تلك التي ادت الى التقاطع مع «الوطني الحر» على اسم جهاد أزعور. كما ان «القوات اللبنانية» لم تهضم «حوار بري»، معتبرة ان لا معنى له قبل انتخاب رئيس للجمهوريّة، وانه مخالف للدستور، وترفض تكريس أعراف جديدة على هذا المستوى.
الرئاسة رهن قطر
ورغم ان الموفد الفرنسي جان ايف لودريان قد يصل قبل الموفد الرسمي القطري، فان معظم القوى ما عادت تثق بقدرة الوسيط الفرنسي على تحقيق خرق في جدار الازمة، خاصة مع تأكيد اكثر من مصدر ان لا طرح لدى الفرنسيين، وهم يسوّقون انفسهم كطرف قادر ان يتواصل مع الجميع من دون ان يمتلك اي مفتاح للحل.
لكن مصادر متابعة للحراك الفرنسي اكدت لـ «الديار» ان «دور لودريان لم ينته بعد، رغم الخلافات القوية بين اعضاء «اللجنة الخماسية»، وسيستمر في مساعيه بتوجيه من الرئيس ايمانويل ماكرون».
واشارت المصادر الى «ان دخول قطر على الخط، لا يُلغي الدور الفرنسي الهام في العملية الرئاسية»، واكدت المصادر «انه لا يجب ابدا تخطي الدور التاريخي لفرنسا في لبنان».
وتقول مصادر مطلعة على المسعى القطري لـ «الديار»: «الموفد القطري أبو فهد جاسم آل ثاني حمل الى جانب اسم قائد الجيش اسمي النائب نعمة افرام والمدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري. وهو يحاول ان يدقق في امكان ان يكون هناك تقاطع بين مختلف القوى اللبنانية على احد هذه الاسماء ليدفع بها قدما».
ويبدو بحسب المصادر ان «الثنائي الشيعي» متجاوب تماما مع المسعى القطري، وهو ما يطرح علامات استفهام حول ما اذا كان قد اصبح مستعدا للسير بمرشح غير مرشحه الرسمي رئيس «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية، رغم ان مسؤولي الحزب يكررون يوميا تمسكهم بمرشحهم.
ولعل ابرز ما يؤكد هذا التوجه، قول رئيس المجلس السياسي لحزب الله السيد إبراهيم أمين السيد يوم أمس، أن «هناك محاولات خارجية مع بعض الداخل للتوصل إلى انتخاب رئيس يرضى به الجميع، ونحن نتابع ما سينتج من جولة الوفد القطري، مع التأكيد أن موقفنا حتى الآن دعم ترشيح الوزير سليمان فرنجية».
في وقت أكد وزير الثقافة في حكومة تصريف الاعمال محمد وسام المرتضى أن «قطر ضمانة لحل الأزمة اللبنانية ويعَوَّل عليها الكثير»، واصفا الحركة الديبلوماسية القطرية النشطة تجاه لبنان بانها «بالغة الأهمية وتنطوي على دور إيجابي وفعال».
جولة مؤجلة في عين الحلوة؟
وقد خرق المشهد اللبناني يوم امس، تطور ايجابي في ملف مخيم «عين الحلوة»، اذ نجحت مساعي التهدئة في انتشار45 عنصرا وضابطا في موقعي حي الطيرة والبراق، اللذين شكلا خطي تماس في المعارك السابقة. ووصفت مصادر فلسطينية بارزة في المخيم الخطوة بـ «الممتازة»، معتبرة ان «المهم استكمالها بخروج المسلحين من المدارس، وتسليم قتلة القيادي الفتحاوي اللواء أبو أشرف العرموشي». واشارت المصادر لـ«الديار» الى ان «فتح اتخذت قرارا حاسما برفض الرضوخ لمبدأ العفو عما مضى اي عن قتلة قائدها، وهي ستعطي المساعي السلمية الوقت اللازم، ولكن اذا تبين لها انها دون جدوى، فهي ستسارع الى عمل امني او عسكري للاقتصاص من القتلة».
ولا تستبعد المصادر «اللجوء الى عمليات امنية نوعية ، في حال اعلن المتشددون رفضهم تسليم المرتكبين قد تكون اشبه بعمليات اغتيال مباشرة تستهدف هؤلاء تباعا»، وتضيف: «السكوت عن اغتيال العرموشي يعني اقرار «فتح» بضعفها، وبأن شوكتها قد كُسرت، وهو ما لن تقبله ايا كان الثمن».
أزمة النزوح
في هذا الوقت، عادت أزمة النزوح السوري لتنافس على الملفات الاساسية ذات الاهمية القصوى لبنانيا. وقد نجح الجيش اللبناني في كشف معظم شبكات تهريب النازحين، ولا يمر يوم الا ويحبط عملية تهريب عبر المعابر غير الشرعية، او يداهم اماكن يرصدها .
ولكن السؤال المطروح: هل سيبحث وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال عبدالله بوحبيب في دمشق كيفية مساعدة سوريا لوقف نزيف النزوح؟
واعتبرت مصادر سياسية واسعة الاطلاع ان «كل ما يملكه لبنان للمواجهة في هذا الملف هو الصراخ، لكن ما دام لا قرار لدى المجتمع الدولي كما لدى الدولة السورية باعادة النازحين، فكل الصراخ سيذهب سدى». واضافت المصادر لـ «الديار»: «في وقت سابق هدد اكثر من مسؤول لبناني بفتح الحدود اللبنانية لهجرة النازحين الى اوروبا، لكن هل من يجرؤ حقيقة على التنفيذ؟؟ لو كان كذلك لكان الوضع مختلفا، ولحسبت اوروبا الف حساب قبل استكمال سياستها اللامبالية بوضع لبنان نتيجة النزوح، ولأغدقت عليه الاموال لعدم السماح بانتقالهم الى اراضيها».