صونيا رزق - الديار
لطالما انتظر لبنان الحراك الخارجي لحل ازماته، وخصوصاً الازمة الرئاسية التي تراوح مكانها منذ 11 شهراً، وسط تناقضات وخلافات المعنيين من دون اي حل يذكر، ما يعني انّ التعويل على الداخل اللبناني بات وراءنا، ولا يمكن ان يكون له اي دور في ظل التشرذم والتشتّت حتى ضمن الفريق الواحد، لذا لا أمل في اي خطوة سياسية داخلية، لان الرد عليها يكون دائماً بالتعطيل المتبادل بين الفريقين المتنازعين على هوية الرئيس المقبل، الذي لا يبدو من اولويات عواصم القرار، على الرغم من المواقف التي تظهر إهتمام بعض الدول العربية والغربية بالملف اللبناني.
لكن وبعد تأكيدات برزت في الايام القليلة الماضية، فلا تقدّم ولا بشائر خير او ايجابية تقال على الخط الرئاسي، الذي ينتظر دائماً وعند كل استحقاق هام تصاعد الدخان الابيض من الخارج، اي كلمة السر التي سرعان ما تجمع المعنيين بالملف، وتقعدهم على طاولة الحوار التي يرفضونها اذا كانت في الداخل، اما دعوات الخارج فيلبّونها على الفور، الامر الذي يطرح تساؤلات حول التوقيت الذي يمكن ان تجتمع فيه القوى السياسية اللبنانية حول اي ملف، فكيف اذا كان الملف الرئاسي الذي يحتاج الى توافق داخلي، ورسم خطط من شأنها إنقاذ لبنان من كل انهياراته؟ لكن أين نحن اليوم من تحقيق هذا الحلم، الذي يتطلّب التخلي عن المصالح الخاصة امام مصلحة لبنان العليا؟
وإنطلاقاً من هنا ووفق المثل الشائع: «الغريق يتمسّك بالقشة»، وهذا ما ينطبق على المواطن اللبناني، لذا تبدو الانظار شاخصة على إجتماع اللجنة الخماسية، الذي انعقد امس للمرة الثانية، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، ولم يصدر عنه اي بيان. وقد حصل خلال الاجتماع خلاف اميركي ـ قطري مع فرنسا حول الأسماء المقترحة لرئاسة الجمهوريّة، حيث اقترحت قطر ان يكون مرشحها قائد الجيش العماد جوزاف عون الذي تؤيده ايضا الولايات المتحدة الاميركية، فرفضت فرنسا ومصر الاقتراح القطري، واعلن الموفد الرئاسي جان ايف لودريان عن اسم ثالث وفق توجيهات الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون. اما المملكة العربيّة السعوديّة فهي تراقب الوضع، ولم تتخذ قرارها بشأن اي اسم رئاسي.
الى ذلك، شارك رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، في الجلسة الافتتاحية لإجتماعات الدورة السنوية الثامنة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، التي بدأت في نيويورك بعد ظهر امس بتوقيت بيروت، على ان يلقي كلمة لبنان اليوم، وتتضمّن مجمل شؤون وشجون لبنان، وسيعقد سلسلة اجتماعات ولقاءات مع رؤساء الوفود المشاركة، ويحضر الجلسة الافتتاحية لـ»منتدى الأمم المتحدة للتنمية المستدامة» ويلقي كلمة في المنتدى.
الجدار الرئاسي مُقفل حتى إشعار آخر
بإختصار، لا يبدو اي افق إيجابي في المسألة الرئاسية، فالتشاؤم يطغى بقوة من خلال كلام اكثرية النواب، الذين ينظرون بسلبية الى الاشهر المقبلة، حيث سيراوح ملف الرئاسة مكانه، وفق ما اشار عدد من النواب خلال اتصال «الديار» بهم لمعرفة آخر الاجواء، معتبرين بأن «لا شيء يعطي بارقة أمل، خصوصاً بعد زيارة لودريان الذي غادر بيروت من دون ان يخرق ثغرة في الجدار الرئاسي المقفل حتى إشعار آخر، على الرغم من محاولته الإيحاء ببعض الايجابية، من خلال إتجاه اللجنة الخماسية الى طرح المرشح الثالث، وبأنها ستقارب الملف اللبناني بجديّة وحزم اكبر، وتحدّد الخطوات المرتقبة للحراك القطري، الذي أرجأ مهمته في بيروت الى الخامس من تشرين الاول المقبل، لكن كل هذا لا يبدو واقعياً، ولا معطيات ايجابية توحي بالخير» وفق ما قال بعض النواب.
وعلى خط الحراك القطري، كانت لافتة الزيارة التي قام بها السفير القطري في لبنان يوم امس الى اليرزة حيث التقى قائد الجيش.
ماذا قال الديبلوماسي العربي عن اجتماع «الخماسية»؟
في السياق، ينقل وزير سابق عن ديبلوماسي عربي على إطلاع بما يجري في كواليس اجتماع «الخماسية « في نيويورك لـ»الديار» بأنّ أجواء التفاؤل التي كانت سائدة قبل ايام تبدّدت سريعاً، بسبب التناقضات التي تطوّق ممثلي الدول الخمس، وبأنّ الحراك القطري في لبنان ينتظر الضوء الاخضر الاميركي الذي يبدو بعيداً، لذا علينا الانتظار لمزيد من الاشهر، لانّ الملف اللبناني ليس اولوية اليوم لدى الادارة الاميركية، لانّ المهم لديها اليوم هو الحفاظ على امن لبنان واستقراره، كما نقل الديبلوماسي وجود خلافات سياسية بين ممثلي الخماسية حيال الاستحقاق الرئاسي، واشار الى انّ البحث سيتناول الخطة «ب « اي المرشح الثالث، لكن لا يبدو ذلك سهلاً، خصوصاً بالنسبة الثنائي الشيعي الذي يخوض معركة رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية حتى النهاية، ويرفض ضمنياً دعم اي مرشح آخر، وهذا الإصرار يقابل بإصرار آخر رافض لأي دعوة حوارية، كما لا يزال الرهان ينتظر فرصة خارجية، عنوانها نجاح المفاوضات الاميركية - السعودية - الايرانية خلال الاسابيع المقبلة، وإنطلاقاً من هنا سيظهر مسار الحراك القطري في لبنان في تشرين الاول المقبل، وسيكون الخرطوشة الاخيرة وإلا سنعود الى المربع الاول، اي الى نقطة الصفر وهذا يعني الارتطام الكبير.
الراعي: الحوار هو الانتخاب
في موقف مغاير برز من اوستراليا للبطريرك الماروني بشارة الراعي، خلال مؤتمر صحافي عقده في سيدني، اوضح خلاله: «لم اقل انني اؤيد الحوار بل قلت إذا تمّ الحوار بعد موافقة الجميع عليه، والمجلس النيابي اليوم في حالة انتخابية، وفي الانتخاب يتحاورون، وأنا دائماً أقول، وقبل دعوة الرئيس بري إنّ الحوار هو في التصويت في المجلس النيابي، الحوار هو الانتخاب، والتوافق هو الانتخاب».
وأشار الراعي الى انهم يتحدثون في الكواليس عن ضرورة البحث عن مرشح ثالث، ونحن نقول لا، من أجل كرامة المرشحين فرنجية وأزعور، واحتراماً لمن رشّحهم يجب إكمال الانتخابات في دورات متتالية ويفوز مَن يفوز، وإذا لم يحقق أحد الفوز بالأكثرية نتيجة تضييع الأصوات، حينها تفضّلوا الى الحوار وتشاوروا حول شخصية جديدة.
المعارضة: «الثنائي» رافض للخيار الثالث
وعلى خط قوى المعارضة، فقد أبدت تأييداً لخيار المرشح الثالث، على الرغم من انها ترى مرشحها جهاد أزعور من ضمن الاسماء التوافقية، وتشير مصادرها لـ» الديار» الى انها ابدت تجاوباً مع الطرح الثالث، الذي وضعته اللجنة الخماسية كحل بين الفريقين بحسب ما نقل لودريان، لكن الثنائي ما زال متمسّكاً بمرشحه سليمان فرنجية، في حين سبق واعلنا كفريق بأننا بصدد سحب إسم أزعور في حال سُحب إسم فرنجية من التداول، وحينئذ نتفق على خيار جديد، فأتى الرد سلبياً، وهذا يعني انّ الثنائي رفض طرح الخماسية، وبالتالي إمكانية ان نتفق كفريقين على إسم توافقي.
وساطة لجمع بري وباسيل
وفي إطاردعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى الحوار، الذي لم يلقَ موافقة الفريق المعارض، كما لم يجد قبولاً لدى رئيس» التيار الوطني الحر» جبران باسيل، الامر الذي دفع بالبعض للاستعانة بالوساطة لعقد لقاء يجمع بري وباسيل، وهذا ما لقي ترحيباً لدى حزب الله، وافيد وفق معلومات «الديار» انّ الطرفين لم يرفضا اللقاء، على الرغم من وجود عقبات سياسية بينهما، وملفات متباعدة من ناحية الرؤية وطريقة المعالجة، فضلاً عن الردود السياسية التي يتبادلها بري وباسيل، وفي معظم الاحيان نوابهما، من خلال المواقف التي تقف عائقاً امام التقارب.
إنقسام نيابي عوني على دعم قائد الجيش رئاسياً
وفي سياق آخر، برز خلاف سياسي داخل جدران وكواليس «التيار الوطني الحر»، منذ إعلان نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، خلال مقابلة متلفزة الاسبوع الماضي عن رفضه تأييد وصول قائد الجيش العماد جوزف عون الى بعبدا، كذلك الامر بالنسبة الى رئيس «التيار» النائب باسيل الذي يكرّر ذلك دائما، ما ادى الى إنقسام نواب «التيار» بين مؤيد ومعارض للجنرال جوزف عون، وعلمت «الديار» بأنّ بعض نواب «تكتل لبنان القوي» إتصلوا بالتزامن مع عرض مقابلة بو صعب بالجنرال عون، لإعلان موقفهم المؤيد لوصوله الى الرئاسة.