لوسي بارسخيان - نداء الوطن
باتت صفقتا شركتي تاتش وألفا المنفصلتان لتلزيم توزيع خدمات الرسائل القصيرة المرسلة من قبل التطبيقات، أو ما يعرف بالـA2P أي APPLICATION TO PERSON، وفق معلومات «نداء الوطن» في عهدة الهيئات الرقابية. اذ وجّه ديوان المحاسبة مذكرة إلى وزير الإتصالات جوني القرم طالبه عبرها بالمعلومات والمستندات المرتبطة بالصفقة وعقودها. كما أن هيئة الشراء العام على وشك إصدار رأيها في الملف الذي يدرس من قبل خبرائها.
جاء تدخل ديوان المحاسبة وهيئة الشراء العام، بعد الشكوك التي أثارها تمنُّع وزارة الإتصالات عن تزويد النائب ياسين ياسين، بصفته نائباً يملك سلطة الرقابة على الحكومة وأعمالها، بالمستندات المتعلقة بالصفقتين. اذ أعلن ياسين خلال مؤتمر صحافي عقده الأسبوع الماضي، إحتكامه لقراري ديوان المحاسبة وهيئة الشراء العام، بعدما جاءت إجابات وزارة الإتصالات على سؤال وجهه إليها حول هذا الملف، غير مرضية بـ»إنشائيتها».
وفي إتصال مع «نداء الوطن» أشار ياسين إلى أنه خلافاً لما حاول الوزير القرم الإيحاء به، فهو لم يلتقِه لمناقشة هذا الملف. بل كان لقاء صدفة بينهما في السفارة البرازيلية بمناسبة الإحتفال بالعيد الوطني البرازيلي. ويقول ياسين «جرت دردشة سريعة بيننا، خلصت بوعد تلقيته من الوزير القرم بتزويدي بكافة المستندات المتعلقة بالصفقتين وبشكل مباشر وشخصي. وكان اتفاق في ما بيننا على أن نلتقي على هامش إجتماع لجنة الإتصالات. ولكن الوزير القرم لم يسلمني أي مستند، بل ذكر أنه سلّم المستندات إلى رئيس لجنة الإتصالات النيابية النائب إبرهيم الموسوي، وطلب منه تزويدي بنسخة. وبالفعل أرسل لي الموسوي رسالة «واتساب» بواسطة سكرتير اللجنة، إلا أنّها لم تتضمن أي من المستندات التي طلبتها».
ويؤكد ياسين أنه لم يطلع سوى على مسودة لعقد تاتش مع INMOBILES وليس على نسخة عن العقد الأخير الذي وقعه الطرفان، كما أنه تلقى معلومات أخرى قال «إننا قد نحتاجها في مسائل مختلفة، ولكنها ليست ما طلبته». هذا مع العلم أنّها المرة الثالثة التي لا يبرز فيها الوزير سوى هذا العقد بحسب ياسين، «وهذا إن دلّ على شيء، فعلى عدم إحترامه للبنانيين الذين أطالب كنائب بالمستندات باسمهم. ما يجعلنا نستشعر بأنه يحتاج إلى إذن من أحدهم حتى يسمح له بتسليمي المستندات».
وأكد ياسين «أن لديه كافة المعلومات عن العقد الذي جرى توقيعه، ولكن من حقّه أن يحصل عليها عبر القنوات الرسمية، خصوصاً أنّ الوزير متمسك بإجابات «غير صحيحة» على الأسئلة التي طرحناها وتحديداً في ما يتعلق بالعقد الموقع بين تاتش وINMOBILES، وبقيمته النهائية التي يتوقع أن تستوفى لمصلحة الخزينة. إذ أن الوزير يقول شفهياً إنّ هذه القيمة واردة في العقد، بينما معلوماتنا تؤكد أنّ ذلك غير صحيح».
وكان ياسين قد طالب بإيضاحات عديدة حول صفقتي تلزيم خدمات الـ A2P لشركتي تاتش وألفا في مزايدتين منفصلتين، سائلاً عن الأسباب التي تجعل وزارة الإتصالات تتمسك بتوقيع عقد بين شركة تاتش وINMOBILES لتأمين هذه الخدمة، على رغم ما أظهرته صفقة مشابهة لشركة ألفا رست على VOX SOLUTIONS من تفاوت كبير في الأرقام المعروضة، ما يتسبب بحسب سؤال ياسين، بخسارة كبيرة في الاموال العامة تصل إلى نحو عشرة ملايين يورو خلال ثلاث سنوات.
كان يفترض أن يتضمن رد وزارة الإتصالات على هذه الإستيضاحات، مستندات تبدد الشكوك حول الأرقام وتفاوتها. إلا أن ذلك لم يحصل. وهذا ما جعل ياسين يتقدم بإخبار لدى ديوان المحاسبة، ويطلب تدخل هيئة الشراء العام.
وبحسب المعلومات فإنّ ديوان المحاسبة إستمع إلى إفادة النائب ياسين وما لديه من معلومات حول هذا الملف. وحتى يتمكن الديوان من الوقوف على حقيقة ما جرى، وجّهت الغرفة الناظرة بهذا الملف برئاسة القاضي عبد الرضى ناصر، مذكرة إلى وزير الإتصالات، طالبته عبرها بتزويد الديوان بـ»جميع المستندات، والعقود، ودفاتر الشروط، والمحاضر، والدراسات المرتبطة بجدوى هذه المشاريع، وما يثبّت أنها حققت المردود الأفضل على المال العام». وأمهل الديوان الوزير مهلة أسبوع من تاريخ تبلغه للمذكرة حتى يرسل ما طلب منه.
وبحسب معلومات «نداء الوطن»، فإنّ وزارة الإتصالات ملزمة بتزويد الديوان بهذه المعلومات خلال مهلة أسبوع من تاريخ تبلغها المذكرة، علماً أنّ عدم الإجابة على المذكرة يرتب مخالفة تقع تحت قانون ديوان المحاسبة، ويرتب عقوبات هي عبارة عن غرامات مالية تتراوح بين عشرين ضعفاً من الحد الأدنى للأجور ومئتي ضعف.
ومن هنا تتوقع المصادر تلقي الديوان للمعلومات التي طلبها خلال مهلة أقصاها يوم الإثنين المقبل، إذا ما تم حسم أيام العطل من المهلة المحددة. وفي حال عدم ورود جواب، تقضي الإجراءات بإرسال مذكرة تأكيدية، يمهل على أساسها الوزير الذي أرسلت له المذكرة، ثلاثة أيام للإجابة. وفي حال عدم الإجابة خلال المهلتين، يحق لديوان المحاسبة إتخاذ إجراءات قضائية تدين الوزير بإخفاء معلومات متعلقة بسير الإدارة العامة، يترتب عليها إصدار قرارات قضائية على مرحلتين، الأولى إتهامية والثانية نهائية، بغض النظر عن ما يمكن أن يقود إليه استمرار التحقيق بهذا الملف وما يكشفه من حقائق تدان على اساسها وزارة الإتصالات أو يجري تبرئة ذمتها.