بولا مراد - الديار
صحيح ان لا اخبار تتصدر حاليا الاخبار الواردة من طهران وواشنطن، بخصوص الصفقة التي أنجزها الطرفان برعاية قطرية لتبادل سجناء وتحرير أرصدة مالية مجمدة. لكن قوى لبنانية تعوّل حاليا على ان تتسع رقعة المفاوضات الايرانية - الاميركية لتلحظ الشأن اللبناني، كما تنتظر مساعي اللجنة الخماسيّة وربّما إيران لحلحلة الملف الرئاسي، خاصة في ظل الانكفاء المتواصل للمملكة العربية السعودية، وغياب اي مبادرة حقيقية من قبلها لانهاء الشغور الرئاسي في لبنان.
ولعل ما يجعل هذه القوى متفائلة في هذا المجال، هو ان الوسيط القطري الذي نجح في مسعاه بصفقة تبادل السجناء وتحرير الارصدة المالية، هو نفسه مَن يقوم اليوم بمبادرة بعيدا عن الاضواء، لاخراج الازمة الرئاسية في لبنان من عنق الزجاجة.
وتشير معلومات «الديار»ان المبادرة القطرية لم يُعرف مضمونها بعد، الا ان مصادر متابعة اكدت ان الموفد القطري يقوم بمساع يشترط ان تكون غير معلنة وبعيدا عن الاضواء، لاقناع «الثنائي الشيعي» بالسير بترشيح قائد الجيش العماد جوزاف عون، تجنبا لاحراق ورقته في حال اعتماده مرشحا جديدا للمعارضة، في ظل تمسك الثنائي بمرشحه رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، ورفض رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل ترشيح عون بالمطلق.
وبالرغم من تقصّد قائد الجيش خلال لقائه وفدا من نقابة الصحافة يوم أمس القول بأن «رئاسة الجمهورية ما بتهمني وما بتعنيني»، الا ان مطلعين على الملف الرئاسي يرون كلام عون طبيعيا ومتوقعا، لانه ليس بصدد اعلان ترشيحه وهو بقيادة الجيش، كما انه لا يريد ان يتبنى احد ترشيحه ما يؤدي لاحراق ورقته، وما يتمناه حصرا رئاسيا هو ان يحصل تفاهم اقليمي- دولي- داخلي كبير على اسمه، فيكون رئيسا توافقيا قادرا على النهوض بالبلد».
وقد لفت يوم امس، ما نقل عن نائبة وزير الخارجية الاميركية للشؤون السياسية فيكتوريا نولاند بعد لقائها رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي في نيويورك، حيث يشارك في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، اذ أكدت دعم اي حوار لبناني- لبناني لانتخاب رئيس، وهو موقف ينسجم مع الموقف الفرنسي، وتسويق موفد باريس جان ايف لودريان لمبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه بري.
حوار بري «مكبّل»
ولا يبدو ان الداخل اللبناني سيكون قادرا اقله في المرحلة الراهنة على مواكبة الحراك الخارجي، وهو ما يدركه تماما رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي قرر تأجيل اي دعوة للحوار لمطلع شهر تشرين الاول، حتى تبيان نتائج المبادرات الخارجية والمفاوضات الاقليمية والدولية، لاقتناعه بأن اي حوار يدعو اليه لا تشارك فيه قوى المعارضة، وعلى رأسها حزبا «القوات» و«الكتائب»، سيكون دون معنى ودون جدوى وإن قرر باسيل السير به، وهو ما ترجحه مصادر «لبنان القوي» التي قالت لـ«الديار «انها تفضل ان تشارك فيه كل القوى، ليكون منتجا ويصل الى الخواتيم المطلوبة.
من جهتها، تبدو مصادر المعارضة متشددة جدا في مقاربة اي دعوة للحوار. ونقل زوار احد اقطابها عنه قوله: «الحوار مسرحية كبيرة، وارنب جديد من بري، وخديعة لن نكون ضحيتها». وتعتبر المصادر انه «طالما الموقفان السعودي والاميركي على حالهما، ستبقى قوى المعارضة متشددة في مقاربة اي دعوة حوارية، اما اذا تغيرت المعطيات الدولية فعندها نراها جلست على طاولة واحدة مع باقي القوى، لحسم ملف الرئاسة وباقي الملفات الاستراتيجية».
دريان يستوعب مولوي - عثمان
في هذا الوقت، يبدو ان مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان نجح باستيعاب الخلاف بين وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي، ومدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان. اذ اعلن دار الفتوى يوم امس، بعد لقاء جمع دريان بمولوي بأن الاخير أبلغ دريان ان «لا خلاف بين وزير الداخلية وقيادات الأجهزة الأمنية المرتبطة به، فالكل يعمل لخدمة لبنان وشعبه في هذه الظروف المؤلمة التي يعيشها لبنان نتيجة عدم انتظام الحياة العامة». وبحسب المعلومات، فان دريان اخذ نوعا من التعهد من وزير الداخلية بعدم اعطاء الإذن بملاحقة عثمان في القضايا المرفوعة ضدّه أمام القضاءين العدلي والعسكري.
ومن المتوقع، ان يلتقي دريان اليوم عثمان لحثه هو الآخر على ترطيب الاجواء بينه وبين مولوي بمحاولة لتجنيب الساحة السنية صراعا هي بغنى عنه، خاصة وان عثمان ومولوي مرجعيتان سنيتان اساسيتان حاليا في البلد، خاصة بغياب الزعامة السنية الرئيسية.