لينا فخر الدين - الأخبار
تكتسب انتخابات «المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى» في دائرة جبل لبنان (مقعدان) أهميّة، بعدما تحوّلت إلى معركةٍ لتحديد هويّة مفتي جبل لبنان المقبل.
سقطت التزكية في انتخابات «المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى» في دائرة جبل لبنان التي تلعب فيها الحساسيّات العائليّة والمناطقيّة الدّور الأكبر.
كان من المفترض، قبل إقفال باب الترشيح بأيّام، أن يُحسم المقعدان للقاضي الشرعي الشيخ رئيف عبدالله وقاضي التحقيق في بعلبك حمزة شرف الدين (كلاهما من شحيم)، إلا أن الأمور «تخربطت» بعدما رشّحت «الجماعة الإسلاميّة»، في اللحظات الأخيرة، الشيخ عاطف قشّوع، وإعلان الشيخ جهاد اللقيس، أحد أقارب إمام مدينة جبيل التابعة إدارياً لدائرة جبل لبنان، ترشيحه.
ترشّح اللقيس وُصف بـ«تسجيل موقف» للتذكير بمدينة جبيل التي تدرّ أوقافها أكبر نسبة من العائدات على مديريّة الأوقاف في جبل لبنان، إذ يمثل المدينة في الهيئة الناخبة عضوان اثنان فقط. ولكن، على عكس جبيل، فإن نحو 60 ناخباً، أي أكثر من نصف أعضاء الهيئة النّاخبة، هم من شحيم، كما أن المرشحين الثلاثة (عبدالله وشرف الدين وقشوع) من البلدة نفسها، وينحدرون من العائلة نفسها (أصولهم من آل عبدالله)، ما يعني سقوط الحساسيّات العائليّة والمناطقيّة من الحسبان. وهذا ما تعرفه جيداً «الجماعة» التي تقصّدت ترشيح قشوع لخلط الأوراق في «معركة كسر عظم».
المتابعون يؤكدون وجود إجماعٍ على شرف الدين الذي تساوى بالأصوات في الانتخابات الماضية مع رئيس اتّحاد بلديّات إقليم الخروب الشمالي ورئيس بلديّة شحيم السابق محمّد منصور. كما أنّ العدد الأكبر من الهيئة الناخبة من القضاة المدنيين (67 قاضياً وقاضية)، ما يرجح حصوله على النسبة الكبرى من الأصوات.
وبالتالي، ستكون المنافسة بين عبدالله وقشّوع. وإذا كان الأوّل يمتلك حيثيّة شعبيّة في أوساط الهيئة الناخبة التي تصفه بـ«الآدمي وصاحب السيرة النظيفة»، غير أنّ ترشّحه لأربع مرّات متتالية يُزعج عدداً من أبناء المنطقة الطامحين للترشّح. مع ذلك، يؤكد متابعون أنّ «الأزمة في مكانٍ آخر»، وتحديداً لدى تيّار المستقبل الذي لن يتبنّى على الأرجح ترشيح عبدالله كما كان يفعل سابقاً، إذ يتردّد أنّه قايض «الجماعة»: ترشيح عبد الحميد التقي على اللائحة التي يدعمها «المستقبل» في بيروت مقابل قشوع في الإقليم.
ويُعدّ عبدالله من «حصّة» الحزب التقدمي الاشتراكي، ويتردّد أنّ النائب بلال عبدالله يتّصل شخصياً بالمقرّبين منه في الهيئة الناخبة للتصويت لابن بلدته. ويدرك «المستقبليون» أنّ فشله في الانتخابات مهمّة صعبة بسبب حيثيّته في الهيئة الناخبة، كما يؤكد مسؤول في «التيّار» في إقليم الخروب «العلاقة الممتازة مع الشيخ رئيف»، لافتاً إلى «أنّنا لا نتدخّل في انتخابات المجلس الشرعي بل نترك الحريّة للمقرّبين منّا». وعليه، يشير المتابعون إلى أنّ «الفيتو» على عبدالله لم يُصدر عن «المستقبل»، وإنّما من دار الفتوى في جبل لبنان بعدما تحوّلت انتخابات «الشرعي» فعلياً إلى معركة تحديد هويّة مفتي جبل لبنان المقبل خلفاً للمفتي الشيخ محمّد علي الجوزو، بعدما استثنى مفتي الجمهوريّة الشيخ عبد اللطيف دريان صيدا وجبل لبنان من انتخابات مُفتي المناطق العام الماضي.
وينقل البعض عن دريان نيّته الدعوة إلى انتخاب مفتٍ لجبل لبنان خلال الأشهر المقبلة أو على الأقل تكليف أحد الأشخاص بالإفتاء. وهو ما تأكّد أكثر عندما شنّ الجوزو حملةً على الرئيس فؤاد السنيورة متّهماً إيّاه بـ«الغدر» ومدافعاً عن الرئيس سعد الحريري. وهو ما فهمه البعض بأنّه يُمهّد ليخلف ابن الجوزو، القاضي الشرعي الشيخ محمّد هاني، والده، فيما «الخصم الوحيد» حالياً هو الشيخ رئيف عبدالله.
ويردّد البعض في الإقليم أنّ دريان فاتح فعلاً عبدالله بهذا الأمر، وتمنّى عليه الترشّح لـ«الشرعي» وترك الإفتاء لابن برجا بعدما تم تغييبها في الانتخابات النيابيّة وفي انتخابات «الشرعي»، إلا أنّ عبدالله رفض هذا الاقتراح، ما أثار غضب الجوزو و«المستقبل».
هذه الرواية المُتناقلة ينفيها مقرّبون من عبدالله، لافتين إلى أنّ «الرجل لا يستقتل على أيّ منصب»، وعلاقته بالجوزو «أكثر من جيّدة».