نداء الوطن
طارت جلسة مجلس الوزراء الطارئة قبل ظهر أمس، التي كانت مخصصة لملف النزوح السوري بسبب فقدان النصاب، واستعيض عنها بجلسة بعد الظهر كانت مخصصة للبحث في مشروع موازنة سنة 2024 .
بكل خفة تعاملت الحكومة مع أخطر ملف واجهه لبنان منذ نشوب الأزمة السورية عام 2011. ومن المفارقات التي رافقت مسرحية حكومة تصريف الأعمال والتي تخللها «تفتيش عمَّن يكمل النصاب»، أنّ الجلسة التي اتخذت فيها قرارات معالجة النزوح انعقدت في غياب طرفين معنييّن: الأول، قائد الجيش العماد جوزاف عون الذي حضر للمشاركة في الجلسة الاولى التي لم تنعقد، ومعه ملف من أهم معطياته، كما علمت «نداء الوطن»، أن عدد النازحين الذين تدفقوا عبر الحدود البرية من أول السنة حتى الآن بلغ أكثر من 23 الف نازح، وقد أعيدوا عبر الحدود.
لكن في شهر آب الماضي وحده، كما أفادت معطيات القائد، بلغ عدد النازحين الذين حاولوا الدخول الى لبنان، أكثر من 6 آلاف و500 نازح، لكن عدد الذين تمكنوا من الدخول غير معروف.
أما الطرف الثاني، الذي كلّف الاتصال بالجانب السوري للعمل على معالجة تدفق النازحين الى لبنان، فهو وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب، الذي لم يكن حاضراً عندما قرّر مجلس الوزراء تكليفه ترؤس الوفد الرسمي الى دمشق، علماً أنه مقاطع دائم لجلسات الحكومة.
وسألت «نداء الوطن» وزير الخارجية عن ملابسات تكليفه الجديد بعدما رفض سابقاً قراراً مماثلاً، فأجاب أنّ تكليفه جاء بعد اتصال أجراه به رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ويفترض أن يضمّ الوفد المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري. وقال بو حبييب إنّه سيتصل بالمسؤولين السوريين للاتفاق معهم على موعد للزيارة، علماً أنّه يغادر نهاية الأسبوع إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الدورة الـ78 للجمعية العمومية، وقد يلتقي نظيره السوري على هامش أعمال الجمعية.
وعلم أنّ زيارة بو حبيب لدمشق، إذا تمت، فلن تحصل قبل نهاية الشهر الجاري، واللافت أن الوفد المرافق لبو حبيب لن يضم وزير المهجرين عصام شرف الدين.
وبين نصاب جلسة طارت ونصاب جلسة انعقدت أطلت الحكومة بسلسلة قرارات كان من بينها الانطلاق بخطة ميدانية لمكافحة النزوح «على أن يترافق ما تقدم مع تغطية إعلامية واسعة»، كما جاء في قرارات مجلس الوزراء.
ومن مهزلة الحكومة الميقاتية، الى مأساة مخيم عين الحلوة الذي عاش أمس يوماً عصيباً من الاشتباكات التي سقط فيها ضحايا جدد مع شلل لف مناطق واسعة من المناطق المجاورة للمخيم، خصوصاً مدينة صيدا.
وحتى ساعة متأخرة من الليل، كما أفاد مراسلنا محمد دهشة، كان اتفاق وقف إطلاق النار الجديد في مخيم عين الحلوة يشق طريقه للتطبيق وسط صعوبة بالغة وتعقيدات متداخلة، وبقيت تسمع بين الحين والآخر طلقات نارية متفرقة بعدما شهدت محاور القتال اشتباكات نهارية عنيفة، استخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة ما أدى الى سقوط قتيلين وأكثر من 12 جريحاً ليرتفع العدد منذ بدء الاشتباكات يوم الخميس الماضي الى 7 قتلى ونحو 100 جريح.
وأكدت مصادر فلسطينية لـ «نداء الوطن»، أنّ وقف إطلاق النار الجديد اتفق عليه في الاجتماع الذي عقد بين اللواء البيسري، و»هيئة العمل الفلسطيني المشترك» في لبنان، في حضور رئيس «لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني» باسل الحسن، حيث قطع المشاركون وعوداً ببذل المزيد من الجهود لتطبيقه من دون أي خرق، بعدما عاتبهم اللواء البيسري من باب الحرص على القضية الفلسطينية وأمن المخيم والجوار اللبناني واستقرارهما.
وقد تكامل هذا الجهد السياسي - الأمني مع وصول عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» المشرف على الساحة الفلسطينية عزام الأحمد إلى بيروت موفداً من الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي تلقى اتصالاً من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي دعاه فيه الى العمل لوقف الاقتتال.
ومن المقرر أن يبدأ الأحمد حراكه السياسي اليوم الثلاثاء فيلتقي عدداً من المسؤولين اللبنانيين ليبلغهم رسالة بالحرص على استقرار لبنان، وان المخيمات الفلسطينية، ولا سيما عين الحلوة، لن تكون خنجراً في الخاصرة اللبنانية في ظل الأزمة السياسية والمعيشية والاقتصادية.
وتكامل هذا الجهد مع اللقاء الذي جمع قائد الجيش في مكتبه في اليرزة بالسفير الفلسطيني في لبنان أشرف دبور الذي استنكر تعرض مراكز الجيش اللبناني للاعتداء في محيط المخيم، مؤكداً الحرص على أعلى تنسيق مع الجيش والقوى الأمنية اللبنانية.
سياسياً، يبدأ اليوم الموفد الفرنسي جان ايف لودريان الذي وصل مساء الى بيروت جولة لقاءاته، فيزور الرئيس ميقاتي، ثم رئيس مجلس النواب نبيه بري. وسيعلن جدول لقاءات لودريان وسط توقعات أن يمكث في لبنان طوال الأسبوع.