يواصل الحراك الداخلي والخارجي المساعي لانتخاب رئيس للجمهورية بعدما كانت الأنظار متجهة الى الحوار القائم بين رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل وحزب الله، حتى تغير المشهد، أما الجديد، هو الاجتماع الذي عقد بين قائد الجيش جوزيف عون والنائب محمد رعد، والذي أكدت الأوساط بأن حديثه تمحور حول الملف الرئاسي. فهل استغنى حزب الله عن حليفه سليمان فرنجية؟ وأين أصبح حوار باسيل والحزب؟ وهل سيكون هناك مبادرة سعودية قريبة للبنان؟ وهل يحمل الموفد القطري اسما مُعينا لرئاسة الجمهورية؟
في هذا السياق، يؤكد الكاتب والمحلل السياسي فيصل عبد الساتر، أن "اللقاء بين رعد وقائد الجيش كان محاطا بسرية تامة، ولم يكشف الطرفين عن أي فحوى في هذه المحادثات، لكن الزيارة كانت لافتة بحد ذاتها".
وقال عبد الساتر في حديث لـ"vdlnews": لا اعتقد ان حزب الله تخلى عن فرنجية ويتجه الى قائد الجيش". وتابع: "حاولت أن أصل إلى اي معلومة لكن مصادر حزب الله وقائد الجيش أحاطت الزيارة بكتمان شديد".
ولفت إلى أن "الحوار بين التيار والحزب لم يصل الى حائط مسدود، ولكن اللقاء ربما كان عنوانا لاستبيان شيء ما يريده حزب الله من خلال قائد الجيش، خاصة ان الموفد القطري سيصل الى بيروت اليوم"، مضيفا: "يقال بأن الموفد القطري يحمل اسم قائد الجيش وسيجول على جميع الكتل النيابية، ومن الواضح انهم يريدون التسويق له".
وأشار إلى انه لا يعتقد ان "حزب الله، الذي يمثل هذا الحجم السياسي الكبير، ينتظر ضوءا اخضرا من هنا وهناك، وطبيعة تحركاته السياسية غير خاضعة لأن يعطيه أحد ضوءا أخضرا"، وتابع: "هو صاحب الدور والمبادرة وتحركه هو تحرك ذاتي".
وردا على سؤال، قال: "لا اعتقد ان جبران باسيل سيصاب بأي حساسية جراء لقاء حزب الله وقائد الجيش، لأن طبيعة العلاقة بينهما هي جيدة وقائمة، ولكن الملفت في هذا ان الزيارة جاءت من رئيس كتلة الوفاء للمقاومة الذي يمثل حزب الله". لافتا الى أن "زيارة رعد لقائد الجيش مختلفة تماما عن غيرها من الزيارات وهي تحمل أهمية خاصة".
في سياق متصل، اعتبر أنه من "الواضح حتى هذه اللحظة ان السعودي لا يريد الدخول بتفاصيل المشهد اللبناني، لكن زيارة السفير السعودي للبطريرك الماروني قد تكون إشارة إلى أن السعودية ربما تريد أن تغير بعض الشيء في طبيعة حركتها السياسية التي طبعتها في الفترة الاخيرة الماضية".
وأردف عبدالساتر: "حكي الكثير عن الزيارة التي قام بها السفير السعودي الى البطريرك هي دعوة او موافقة على ما أعلنه البطريرك الراعي من تأييده للحوار الذي أطلقه الرئيس بري، او ربما تكون اعتراضا على ذلك"، مشيراً الى أن "البعض يميل إلى أن السعودية تريد هذا الحوار او بالأحرى لا تعارضه، والبعض يقول ان السعودية تقف على مسافة واحدة بهذا الامر".
ورأى أن "ما أعلنه أو ما سرب من الرئيس ماكرون من أخبار انه سيطرح الموضوع اللبناني مع ولي العهد السعودي قد يكون تتطورا ايجابيا قد يحدث حركة ما لتغير المشهد السعودي، إن لم يتغير في التعاطي مع الموضوع اللبناني، خاصة وأن حاكم مصرف لبنان زار السعودية والتقى شخصيات سعودية ربما يبنى على هذا الامر شيء ما، لكن لا اريد ان اذهب بالتفاؤل بعيدا، لأن طبيعة الوضع الداخلي في لبنان معقدة، الى درجة ممكن ان تضرب أي مسعا خارجيا لإيجاد حلول في الداخل اللبناني، واذ لم يغير بعض اللبنانيين بموقفهم الرافض للحوار، سيتعرض هذا الحوار حتما للفشل، وحينها أعتقد اننا سنذهب الى المزيد من المشكلات".
وأضاف، "في قراءتي للمعطيات التي سبقت كل هذه التحركات، لا شيء يوحي بان هناك توافق ما ممكن ان يوصل الى انتخاب رئيس في الشهر الحالي او الذي يليه، الا إذا حدث شيء ما جديد غير متوقع، فهل هذا سيحدث من خلال لقاء الرئيس الفرنسي مع ولي العهد السعودي؟".
وشدد على أن "الطرفين، الفرنسي والسعودي، يستطيعان أن يفعلا شيئا، لكن هذا الامر يحتاج ايضا الى تغيير في سلوك بعض القوى في لبنان، يعني القوى المسيحية إذا بقيت على انقسامها واعتراضها، لا اعتقد أن أحدا يمكن أن يوصل اي مرشح لرئاسة الجمهورية الى بعبدا، يعني ما لم يتبدل موقف التيار الوطني الحر ويفترق عن القوات والكتائب والتغييريين اعتقد اننا امام حائط مسدود في الملف الرئاسي".
وختم، "كل المعطيات تأشر الى تقدم ايجابي بالحوار بين الحزب والتيار ولكن هذا التقدم قد يصل الى مكان لا يمكن ان ندخل من خلاله على توافق على رئيس للجمهورية وهذا امر مطروح".
بناء على ما سبق، لا يمكن ان نتكهن او نتوقع من سيأتي رئيسا للجمهورية، فيبدو أن القرار ليس داخلياً بل خارجياً لعل حركة الوفود الآتية من الخارج تحدث خرقاً رئاسيا مؤثرا. الأيام المقبلة كفيلة بإظهار حقيقة هذا الاستحقاق الذي ينتظره الشعب متأملا بشيئ ما، لأن البلد يبدو متجها نحو المجهول، ولا أحد يشعر بمعناة الناس.