لم يمر يوم واحد لتظهر إنجازات واقتراحات موازنة 2024 التي لم تقر بعد، في الامس كان موضوع الضريبة على الجثث الآتية الى لبنان، والتي وضعها موظف عن طريق الخطأ، أما اليوم فهو موضوع "البخشيش" للموظف، الذي وضع في موازنة 2024، ولكن هذه المرة "البخشيش" على العلن، لا حسيب ولا رقيب، بل الدولة ستأخذ عمولة من هذا "البخشيش" وكأنها تقول لك: "جيبة مليانة فيك تعمل معاملتك جيبه فاضيه خليك بالبيت".
تعقد الحكومة يوم غد جلسة لمجلس الوزراء لدرس موازنة 2024 لإقرارها وإرسالها إلى مجلس النواب ومن بين بنودها بند يتعلق بعمولة للموظف وينص هذا البند على أنه إذا اردت أن تنجز معاملتك بسرعة فعليك أن تدفع ثمنا ماليا إضافيا، وإذا لم تدفع ستنجز معاملتك في وقت لاحق. يبقى السؤال: هل الدولة تشجع الموظف على أخذ الرشوة بطريقة غير مباشرة؟ وماذا سيحصل بمعاملة المواطن إن لم يدفع زيادة للموظف؟ وما هي نسبة العمولة التي ستأخذها الدولة والموظف من هذه المهزلة؟
في سلسة إجابات على ما سبق، أكد وزير العمل السابق شربل نحاس، في حديث لـ “vdlnews” أن "من لديه المال يستطيع أن ينجز معاملته بسرعة، ومن لا يتوفر لديه المال سينتظر لحين اتمامها، وهذا المبدأ في الخدمة العامة منفصل عن الإدارة المالية، وبالتالي إن تشرعت "الرشوة" ستنعدم العلاقة بين المواطن والموظف".
وأضاف نحاس: "الفساد ليس متوقفا على قضية الموظفين، ولكن هذا البند المطروح في موازنة 2024 هو جزء منه، وهو يعد تشريعا للفساد، خاصة وأن هذه المبالغ بمعظمها ستتوجه للموظفين".
وكشف نحاس أن "السلطة بحسب البند المطروح، ستدفع الموظف وتشجعه على القيام بهذا، لأن خزينة الدولة ستأخذ 20% والـ 80% من المبلغ سيأخذه الموظفون، وسيؤدي الى تشجيعه من قبل السلطة على أن تتحول هذه الخدمة الى عملية غير عادية، بل الى عملية تجارية، وهذا الأمر غير مقبول ومرفوض".
وختم، أنه "بهذه الطريقة، الدولة تشجع الموظف على الرشوة من قبل المواطنين لإنجاز المعاملات، وهذا غير مقبول، وكأنها تقول للموظف: "لَتطلّع زيادة مصاري خلي العالم تفهم انو عندكن مصلحة تدفعوا وإلا معاملتكن رح تنطروا لـ الله يفرجا"، وهذه الناحية تؤثر على سلوك الموظف، في حين أن راتبه لا يكفيه، ويتم دفعه لهذا النمط والسلوك الذي يضرب أساس فكرة الخدمة العامة، وبسبب تدني رواتب الموظفين هذا يدفع الموظف للقيام بهذا السلوك".
إذا يجب على الدولة وقبل إقرار هكذا بند، أن تضع جدولا للمواطنين يتضمن الفترة الزمنية التي تستغرقها المعاملة التي لا يريد صاحبها أن يدفع مالا إضافيا لإنجازها، وإلا ستنام بعض المعاملات أشهرا جراء "فوضى الرشوة".