نظم مكتب الشبيبة في ابرشية الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك يوما شبابيا في كاتدرائية سيدة النجاة في زحلة، بعنوان "فليكن لي حسب قولك"، جمع اكثر من 400 شاب وشابة برفقة الكهنة من رعايا الأبرشية في البقاعين الغربي والأوسط، حول راعي الابرشية المطران ابراهيم مخايل ابراهيم، بمشاركة "الشبيبة الطالبة المسيحية" و"شبيبة العمل المخلصي" والرهبان المخلصيين والشويريين.
استهل النشاط عند التاسعة صباحا بوصول الفرق الى المطرانية والتسجيل، ثم اقيمت صلاة الصباح في قاعة المطران اندريه حداد، في حضور المطران ابراهيم ومشاركته ومرشد "الشبيبة البطريركية" الأب ساسين غريغوار وعدد من الكهنة، واختتم بكلمة لمرشد الشبيبة في الأبرشية الأب اومير عبيدي، شكر فيها بإسم الشبيبة المطران ابراهيم على "الإستقبال واحتضانه ودعمه الدائم للشبيبة، ووضع فيها الأسس للنهار الطويل في المطرانية".
ثم توزعت الشبيبة فرقا برفقة الكهنة، وناقشت مواضيع ب"مشروع الله الخلاصي"، "كيف باستطاعة الشباب الحفاظ على لبنان بالرغم من الأزمات التي يمر بها" و"لمن يقول الشباب "فليكن لي حسب قولك" كما قالت مريم العذراء؟".
وعند الحادية عشرة قبل الظهر ترأس المطران ابراهيم قداساً احتفالياً في كاتدرائية سيدة النجاة بمشاركة لفيف من الكهنة في حضور المدير العام لوزارة الزراعة المهندس لويس لحود ورئيس "جمعية تجار زحلة" زياد سعادة وفرق الشبيبة.
بعد الإنجيل المقدس، توجه المطران ابراهيم الى الشبيبة بكلمات من القلب، وقال: "بارككم الله، بكم تكبر القلوب. فبوجودكم شعرت انني في بحر من القوة والحيوية. قبل كل شيء اشكر الله عليكم، هو المحرّك والهدف لكل ما نقوم به. هو خلاصنا وفداؤنا وصديقنا ورفيقنا وكل غنانا. في كل محطات حياتنا هناك اشحاص يأتون ويذهبون، هو الوحيد الذي يبقى معنا منذ ولادتنا حتى آخر حياتنا، هو الهنا الذي احبنا ورفعنا الى مرتبة ان نصبح أبناءه. اشكر العذراء سيدة النجاة التي تستقبلنا بحنانها في كاتدرائيتها الرائعة وبأمومتها الفائقة. اشكر اخوتي الكهنة الذين اتوا خصيصاً ليكونوا معكم اليوم. اخوتي الكهنة وانا نحبكم حباً كبيراً لا يوصف، منكم نأخذ القوة والعنفوان".
اضاف: "اتوجه بشكر خاص الى مسؤول الشبيبة في الأبرشية، الأب المحبوب اومير عبيدي، فلنطلب له الصحة ليتابع معكم هذه الرسالة المقدسة. اشكر شبيبة سيدة النجاة الذين يستضيفونكم اليوم، اخوة واخوات غاليين علينا جميعاً. اشكر جميع الذين تعبوا وهيأوا هذا اللقاء، وحققوا لي حلماً غالياً ان اراكم مجموعين في حضن العذراء مريم، في حضن مطرانيتكم الملكية التاريخية والعريقة. اشكر مكتبنا الإعلامي، وتلفزيون تيليلوميير وزحلة تي في واذاعة صوت السماء وكل وسائل الإعلام التي ترافقنا وتغطي هذا الحدث".
وتابع: "أيها الشباب، دعوتُكم اليوم الى مطرانيتكم ولبيتم بكرم هذه الدعوة. نحن من دونكم فقراء، ونحن وأنتم من دون الله فقراء، الغنى الحقيقي هو ان نقول لله من دون اي تردد "ليكن لي بحسب قولك" وهذا عنوان لقائنا اليوم. مريم آمنت بقول الملاك ولم تستفسر عن الموضوع. طاعتها لله جعلتها تصبح ملكة السماء والأرض، جعلتها تصبح ام الله وأم المسكونة كلها. مريم قالت "فليكن لي بحسب قولك" وليس بحسب قول أحد آخر. فنحن بحسب قول من نعيش؟ لمن نسمع؟ من نطيع؟ ولمن ولاؤنا؟ هل معقول اننا وصلنا الى وقت نستحي فيه ان نكون على مثال مريم؟ هل معقول اننا أصبحنا في زمن نخجل بالله؟ لماذا لم تستفسر مريم؟ لأنها بكل بساطة عرفت ان عند الله ليس هناك من شيء مستحيل، لا شيء يُعجِزُ الله. الولادة المعجزة والإلهية اصبحت حقيقة لأن مريم آمنت".
واردف: "كان الآباء القديسين يقولون ان مريم امتلأت نعمة عن طريق الأذن عندما سمعت كلمة الله، وعلى مثال مريم نحن نمتلئ من الله عن طريق الأذن. من الأذن والعين واللسان وكل حواسنا يدخل الله إلى حياتنا يلمسنا، يباركنا ويسكن فينا. كلمة الله تصبح فينا حياة وفعل خلاص. وكما فعلت مريم التي سمعت كلمة الله، علينا ان نسمع دائماً كلمة الله لتصبح فينا حياة، والملاك الذي ينقل الينا كلمة الله هو الكتاب المقدس، هو الإنجيل، هو تعليم الكنيسة، هو انسان موضوع في دربنا، هو قلبنا وفكرنا الذي في داخلنا، هو صوت ضميرنا واحياناً هو صمتنا وسكينتنا. كلمة الله نسمعها من مصادر لاتعدّ ولا تحصى، وطبعاً أنتم جميعاً تعلمون ان كلمة الله هو يسوع المسيح "فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ." (يو 1: 1)".
وقال: "احبائي الشباب، إذا كنتم ممتلئين من الله، لن يغلبكم اي شيء. أنتم في بلد يغرق بالمشاكل وهذا لا يعني انه يجب عليكم ان تغرقوا بالمشاكل ايضاً. لماذا علينا ان نستسلم للغرق؟ لماذا لا نكون نحن من عداد المنقذين؟ أنتم خلاص لبنان وقوته: قوة بناء الحاضر والمستقبل. التصدي للتحديات والأخطار هي مهمة الشباب المملوء من العلم والفهم والإيمان والعقيدة الصحيحة والرؤيا الصائبة. الشباب لا يقبل الكذب. أنتم جيل الصدق والحقيقة وكلامكم مقرون بالعمل. في بلادنا كثر هم من يبيعون الكلام، لكن أنتم تجسدون الآية التي تقول ان الإيمان من دون اعمال هو ايمان ميّت على حد قول القديس يعقوب، فالإيمان من دون تطبيق يصبح مجرد حبر على ورق. أنتم الشباب لديكم القدرة على التغيير، سواء في نفوسكم او في محيطكم. لديكم حرّية جرأة وإبداع وطاقة لإحداث التغيير. الشباب هو رؤية وأهداف وتخطيط لتنفيذ التغيير. الشباب هو شغف وإصرار وصبر لاستكمال التغيير، لكن هذا التغيير لا يعني ابداً ان اغيّر موقعي او بلدتي وأرضي ووطني بالهجرة الى بلد ثانٍ، الهجرة ليست التغيير، الهجرة ليست مغامرة سهلة، الهجرة هي نقلة هدامة للهوية والتراث وللقيم التي توارثناها من جيل الى جيل كأساس صلب للوجود والثبات في ارضنا وكنيستنا ووطننا. التغيير الحقيقي المطلوب هو رفض اي تغيير يفرض علينا من دول وقوى ومجتمعات ومال وإعلام مأجور هدفه دفعنا الى اليأس وبالتالي خسارة الإيمان بوطننا".
ورأى أننا "لم نُخلق صدفة في هذه الأرض، لم نخلق صدفة في زحلة وأحيائها، لم نُخلق صدفة في الفرزل، في تربل، في أبلح، في رياق وحوش حالا، في بر الياس وقب الياس وجديتا، في بمشغرة وعيتنيت وباب مارع وصغبين وخربة قنافار وعانا والمنصورة وكفريا وجب جنين وتل دنوب والدكوة، في كفرزبد وعين كفرزبد وقاع الريم وجلالا وتعنايل وتعلبايا ونيحا وعميق وشتورة والمريجات وكسارة والمعلقة وحوش الامراء وحوش الزراعنة ووادي العرايش والتويتي ودير الغزال. ليس صدفة ابداً اننا خلقنا في هذه البلدات، ففي هذه الحياة الله لديه مشروع لكل واحد منكم. "قَبْلَمَا صَوَّرْتُكَ فِي الْبَطْنِ عَرَفْتُكَ، وَقَبْلَمَا خَرَجْتَ مِنَ الرَّحِمِ قَدَّسْتُكَ. جَعَلْتُكَ نَبِيًّا لِلشُّعُوبِ. (إر1: 5). لم نخلق في لبنان بالصدفة، وليس صدفة ابداً اننا خلقنا مسيحيين وروم كاثوليك، ملكنا هو الله، الملك السماوي".
وقال: "صحيح اننا موجودون في عالم مضطرب ومفكك، لكن لا يجوز ان نكون على مثاله مضطربين او مفككين او مزعزعين. العالم لا يقدر أن يفرض نفسه علينا، نحن نغيّر العالم ونفرض أنفسنا عليه. نحن اقوياء، نحن أبناء الله، نحن أبناء العذراء، نحن أبناء البقاع، نحن أبناء المكرّم الأب بشارة ابو مراد، نحن أبناء الإيمان، نحن أبناء لبنان".
وتوجه الى الشباب قائلا: "دوركم كبير جداً ومهم جداً في بناء ذواتكم، وفي بناء كنيستكم ووطنكم والإنسانية. لديكم الكثير من المواهب تستثمرونها لصالحكم ولصالح الآخرين. لديكم رسالة وشهادة وانجيل، بهم تضيئون على كل العالم، نوركم اقوى من اي ظلمة، لديكم حب ورحمة وعطف بهم ترضون الله والضمير. أنتم شباب فوق المظاهر والمصالح والمجاملات الفارغة. أنتم تخدمون بالمحبة والإخلاص وليس بروتينية او كسل او ملل، لكن بحماسة وفرح ولهفة في عالم يحتاج الى نوركم، اي لنور المسيح".
واختتم المطران ابراهيم عظته بالصلاة على نية الشباب، فقال: "أيها الرب يسوع، اقبل صلاتنا من أجل شبابنا، كي يكونوا دائمًا قريبين منك وأمينين لكنيستك وفعَّالين في المجتمع. قوّهم يا رب كي يستثمروا مواهبهم وطاقاتهم وإبداعاتهم في خدمة الآخرين. وامنحهم أن يحققوا رؤيتهم وأحلامهم وطموحاتهم في تغيير ذواتهم دوما نحو الأفضل وبالتالي في تغيير العالم أجمع. هبهم أن يكونوا مطيعين لكلمتك على مثال مريم مرددين معها: "فليكن لي بحسب قولك". آمين".
وفي ختام القداس تليت اجوبة وتوصيات الفرق التي ناقشت المواضيع والأسئلة، والتي اكدت كلها على الإلتزام بتعاليم الكنيسة وعيش الإنجيل في الحياة اليومية، والسعي لحماية لبنان من خلال التعاون والتكاتف والإنفتاح على الآخرن والطاعة للكنيسة.
وبعد استراحة الغداء كان عرض لفيلم وثائقي عن نشاطات الشبيبة في الرعايا والأبرشية كما كان لقاء مع نقيب اطباء لبنان في بيروت البروفسور يوسف بخاش الذي اطلع الشبيبة على تحضيرات كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك للإحتفال "بسنة اليوبيل" بمناسبة ذكرى مرور ثلاثمئة سنة على اعادة الوحدة مع الكرسي الرسولي الروماني، ودور الشباب في ابرشية الفرزل وزحلة والبقاع في احياء هذا اليوبيل.
واختتم النهار بفقرة فنية حيث رقص الشباب على انغام الموسيقى وزيّنت حلقات الدبكة اللقاء، والتقطت الصور التذكارية للشبيبة مع المطران ابراهيم وجرى توزيع هدايا تذكارية لكل المشاركين في اللقاء.