ظاهره سياسي ولكن جوهره تكنولوجي... هل من حدود لصراع العملاقين التكنولوجيين للسيطرة على تايوان؟
ظاهره سياسي ولكن جوهره تكنولوجي... هل من حدود لصراع العملاقين التكنولوجيين للسيطرة على تايوان؟

خاص - Wednesday, August 23, 2023 1:44:00 PM

 عنوانان كبيران يشغلان العالم اليوم؛ التوتر المتصاعد بين الصين وتايوان، وحرب الرقائق الالكترونية التي في ظاهرها حديثة الولادة، إلا أنها حرب وليدة المنافسة في هذا المجال بين الولايات المتحدة والصين منذ أكثر من عقد.

وقد يسأل البعض عن سبب ارتفاع منسوب التوتر في بحر الصين الجنوبي في الوقت الذي يحتدم فيه النزاع للترَبُّع على عرش التكنولوجيا بين الـ "عم سام" و"التنين الصيني". فمن يجهل أهمية هذه الرقائق، له ان يعرف انها نفط القرن الـ 21، والمصدر النادر الأكثر حيوية بحيث تدخل في صناعة كل شيء تقريباً ابتداء من الهواتف الذكية وأفران المايكروويف والسيارات وحتى الصواريخ والطائرات؛ كلها تعمل بالرقائق.

فما علاقة تايوان بهذه الرقائق؟ وهل من دلائل يحملها توقيت المناورات العسكرية الصينية بحراً وجواً على السواحل التايوانية؟

إلى وقت قريب، كانت الولايات المتحدة تصمم أسرع الشرائح، وحافظت على ريادتها لمدّة لا يستهان بها، لكنها بدأت بالتراجع بفعل المنافسة الشرسة من تايوان وكوريا الجنوبية وأوروبا، وقبل كل أولئك الصين.

ولعلّ القيود التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عام 2020 على شركات أشباه الموصلات الخارجية هذه، التي تستخدم التقنية والمعدات الأميركية بحظر تصديرها إلى شركة "" HUAWEI الصينية، خير دليل على ذلك، وعلى رأس تلك الشركات المطالَبة بالالتزام بالحظر، هي شركة تصنيع أشباه الموصلات التايوانية "" TSMC وهي المورد الرئيسي لـ "HUAWEI" في مجال الشرائح المتطورة، مما وضع الأخيرة في وضع صعب في سوق الهواتف الذكية ومعدات الشبكات.

وخلال حديث لقناة "سكاي نيوز عربية"، أشار الخبير العسكري والاستراتيجي العميد المتقاعد الياس حنا، إلى أنه "النقاش انتقل من السيطرة الجوية والسيطرة البحرية، الى السيطرة المعلوماتية"!

وأوضح حنا أنه يوجد أربعة أسس يتم الحديث عنها، "أولاً جمع الداتا (البيانات)، ثانياً كيفية معالجتها بسرعة وتحويلها إلى معلومة للاستفادة منها، ثالثاً الشركات التي تعمل عليها".

أما العامل الرابع وهو "الموهبة"، حيث قال الخبير الاستراتيجي إن "روسيا ليست متقدمة بالقدر الذي نظنه لأنها كانت تستورد الكثير من الرقائق ومعظم الأسلحة تحوي على هذه الشرائح المستوردة في تركيبتها من الغرب، أما اليوم بعد العقوبات على موسكو تغيّر هذا الموضوع، وأصبحت روسيا تعتمد على نفسها وعلى أشباه الموصلات من الصين".

وأكّد حنا على أهمية تايوان في هذه الحرب الجديدة من نوعها قائلاً إن "تايوان تصنع أكثر من 60% من الشرائح الذكية في العالم، إلا أنها تستحوذ على صناعة 90% من الشرائح الأكثر تعقيداً والأكثر تقدماً"، وتابع: "من هنا يمكن القول إن تايوان جزء لا يتجزأ من أهداف الصين".

ووفق ما جاء في تقرير لـ "الجزيرة"، فإن تايوان تمثل نحو 92% من الإنتاج العالمي لصناعة أشباه الموصلات هذه، مما يجعلها المزود الرئيسي لمعظم الرقائق التي تشغل أكثر الأجهزة تقدماً في العالم، بدءاً من الـ "iPhone" وصولاً إلى الطائرات المقاتلة "F-35"، وتعتبر شركة "TSMC" الرائدة في العالم بهذا المجال. كما يفيد تقرير "الجزيرة" عينه، بأن حوالي 60% من الرقائق التي تصنعها شركة "TSMC" هي لشركات أميركية.

من هنا تتجلّى أهمية تايوان ودورها الحيوي جداً بالنسبة للولايات المتحدة كما هي للصين، فالدولة التي تتحكم بالرقائق المتقدمة ستتحكم في مستقبل التكنولوجيا.

ولعلّ أكثر ما يثير قلق أميركا هو النجاح في إعادة التوحيد بين البرّ الرئيسي (أي الصين) وتايوان، كون ذلك من شأنه أن يمنح "التنين" احتكاراً فعلياً لأكثر الصناعات تقدماً. لكن في المقابل فإن خسارة "TSMC" ستدفع "العم سام" نحو البحث عن مصادر بديلة، لكن التحول إلى مصادر رديفة سيستغرق سنوات ومعها مليارات الدولارات التي ستنفقها أميركا كالمعتاد على الحروب للتوغل هذه المرّة في الأسواق التكنولوجية والهيمنة عليها.

لذا، نجد أن الصراع على تايوان أكبر من مجرد رغبة صينية في إعادة ضم تايوان بعد انفصالها عام 1949، أو "حب" الولايات المتحدة للسلام أو حرصاً منها على الديمقراطية وحرية الشعوب عن طريق منع الصين من "غزو" تايوان، فجذور الصراع أعمق بكثير مما نتخيل، وتدخل صناعة الرقائق المتقدمة في صلبها، إن لم تكن جوهرها.

ما هو حدود هذه الحرب التكنولوجية المستجدّة؟ وهل من الممكن أن نشهد قوى اقتصادية وصناعية صاعدة كالهند مثلاً، تدخل على خط المنافسة؟

وهل هناك ما يدعو للقلق حيال الأمن السيبراني العالمي وخصوصية الداتا (البيانات) في حرب نعلم كيف ومتى بدأت ولا ندري كيف ومتى تنتهي؟   

 

 

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني