نداء الوطن
سيلفانا أبي رميا
أبى رئيس «المجلس الثقافي اللبناني والإغترابي» الإعلامي فادي سعد إلّا أن يخرج أكبر كتاب في العالم من أحضان «عاصمة الإعلام العربي» بيروت، ليخوض مغامرة جديدة تُضاف إلى معارك اللبنانيين اليومية في الحفاظ على مكانة بلدهم الثقافية والتراثية. هكذا، انطلق تنفيذ مشروع كتاب «روّاد من بلاد الأرز» منذ 5 سنوات ليشقّ طريقه نحو موسوعة «غينيس» ويكون أرشيفاً مخلِّداً للأدوار التي أدّاها اللبنانيون في مختلف أقطار العالم. وفي حديث أجرَته «نداء الوطن» مع سعد الذي يضع اللمسات الأخيرة على عمله قبل طباعته، أطلعنا على مضامين هذا الكتاب وأهدافه وأسراره التي لم تخرج إلى العلن بعد.
كيف وُلدت فكرة الكتاب؟
وُلدت من خلال عملنا التوثيقي على مدى أكثر من عقدين ومن متابعتنا النشاطات الاغترابية محلياً ودولياً، ولا سيّما بعد صدور مجموعة من الأعمال التوثيقية عن الانتشار اللبناني (كتاب «اللبنانيون في الكويت» وكتاب «اللبنانيون في الإمارات» وأفريقيا وغيرها من البلدان)، التي نالت ثقة كلّ من اطّلع عليها، ما شكّل لنا حافزاً للاستمرار بشكلٍ أوسع.
ولأنّ هذا الإرث التاريخي الزاخر يحتّم علينا صونه والعمل على تطويره بإضافات جديدة، قرّرنا البدء من خلال وثيقة مميزة تتضمّن معلومات مستقاة من مصادر رسمية لا شكّ فيها، تدخل التاريخ والموسوعة القياسية وتنطلق من «أم الشرائع» و»عاصمة الإعلام العربي» بيروت.
متى انطلق التنفيذ؟
وُضعت فكرة «أكبر كتاب في العالم- روّاد من بلاد الأرز» حيّز التنفيذ في الفصل الأخير من العام 2018، إلّا أن الظروف التي استجدّت في العام 2019 بدءاً من «17 تشرين» مروراً بالانهيار وتوقّف دورة الحياة في العالم أجمع بسبب «كورونا»، حالت دون إمكانية تنفيذها. لكنّ إيماننا الراسخ بلبنان وتمسُّكنا بأصالته وجذوره العلمية والأدبية والفنية، دفعنا إلى استئناف العمل منتصف العام 2022 بعد انحسار الجائحة وعودة الحياة إلى طبيعتها.
وبالتزامن مع إعلان بيروت «عاصمة الإعلام العربي للعام 2023»، باشرنا العمل على المشروع تحت رعاية كلّ من وزارة الثقافة والإعلام والسياحة. وكان هدفنا الأول والأخير توثيق كلّ ما تقع عليه أيدي الباحثين لإدراجه في هذا الكتاب بعد التحقُّق من صحّته، ليصبح لغة تواصل وحلقة ربط الماضي بالحاضر.
ما المحاور التي يتضمّنها «روّاد من بلاد الأرز»؟
هذا الكتاب عملٌ توثيقي يسجّل الدور اللبناني الفاعل في العالم ويشمل معظم الإنجازات والإبداعات اللبنانية محلياً ودولياً، ويقع في أربعة محاور:
الأول «المعالم الأثرية والتاريخية والثقافية»، ويتضمّن نبذة عن المعالم الأثرية التاريخية والثقافة في معظم المناطق اللبنانية وفقاً لتصنيفات وزارتَي السياحة والثقافة، موزَّعةً أبجدياً بحسب اسم المنطقة.
الثاني يحمل عنوان «تاريخ الهجرة اللبنانية وأسبابها»، ويحكي تاريخ الهجرة اللبنانية وأسبابها ومراحلها منذ عهد الفينيقيين، معزَّزةً بالتواريخ والأرقام وفقاً للكثير من المراجع والكتب وبعض الدراسات التي تناولت هذه القضية.
وتحت عنوان «الصحافة المحلية والمهجرية» يتناول المحور الثالث اكتشاف الحرف والمطبعة، وما نتج عنهما، ولاسيما في عالم الصحافة من ثورة حقيقية في تاريخ الثقافة الإنسانية. كما يتطرّق إلى تاريخ نشأة الصحافة المحلية والمهجرية، منذ منتصف القرن التاسع مع صدور أول جريدة وهي «حديقة الأخبار» للصحافي خليل الخوري (1836 - 1907).
ويشكّل المحور الرابع بعنوان «الإبداعات اللبنانية في معظم مجالاتها الدولية والمحلية» رحلةً عبر تاريخ لبنان في أقدم الآثار المكتَشفة وأسماء مُبدعيه الذين رفعوا اسمه في سماء المجد بإنجازاتهم العالمية فكانوا عمالقة الأدب والشعر والفن والثقافة والعلم والطب.
كيف تمّ اختيار العنوان؟
لقد استوحينا العنوان من الأرزة التي تتوسّط علمنا ومن إبداعات الروّاد اللبنانيين الذين حملوا بلدهم رسالة حبّ وعطاء وسلام إلى مشارق الأرض ومغاربها، فكانوا خير سفراء في أصقاع الدنيا.
ما الذي يميّز هذا الكتاب؟
عندما نقول أكبر كتاب في العالم لا نعني الحجم والوزن وعدد الصفحات فحسب، بل أيضاً ما يتضمّنه من معلومات عن شخصيات برعت وأبدعت ودخلت التاريخ.
أولاً، هذا الكتاب سيكون الأكبر من حيث الحجم والوزن وعدد الصفحات وفقاً للمعايير الدولية المعتمدة في موسوعة «غينيس»، بحيث تتجاوز مقاساته ما سُجّل سابقاً. وعليه قمنا باعتماد قياس الصفحة لتكون بطول 4.40 أمتار، وارتفاع 5.40 أمتار ومقاس الكتاب وهو مفتوح 8.80 أمتار. كذلك، يتكوّن «روّاد من بلاد الأرز» من 440 صفحة مساحة كل منها 23.775 متراً مربّعاً، مع العلم أن مجموع كامل الصفحات هو 10452 متراً مربّعاً. على أن تُطبع نسخة مصغّرة منه بقياس 17× 24 سنتيمتراً، مطابقة له تماماً بالشكل والمضمون. مع الإشارة، الى أهمية الدور الذي يؤدّيه هذا العمل في تأكيد دور الكتاب الورقي والصحافة المكتوبة في عصر التحوّل الرقمي.
متى سيرى الكتاب النور؟
نحن الآن في المراحل النهائية من التنقيح وسندخل مرحلة الطباعة قريباً. وعليه، من المتوقَّع أن يُنجز الكتاب في شهر تشرين الثاني المقبل، حيث سيتمّ إطلاقه برعاية الوزارات والهيئات المعنية، وسيتمّ عرضه في إحدى المؤسسات التابعة لوزارة الثقافة مع ترجيح الكفّة للمكتبة الوطنية في الصنائع.
ماذا عن النشر والترجمة والتوزيع؟
سيصدر «روّاد من بلاد الأرز» باسمي (الناشر/ المؤلف)، بالتعاون مع «المجلس الثقافي اللبناني والإغترابي»، فيما يقوم بإعداده فريق عمل «ليبابيديا الثقافية» التي تضمّ «مجلة ليبابيديا نيوز». كما سنعمل على تحضير إصدارات جديدة باللغتين الفرنسية والإنكليزية، والتوسّع بالمواضيع التي يتضمّنها. كذلك، سيكون الكتاب متوفّراً في جميع المكتبات وفي مكاتبنا وفي عدة مراكز يتمّ الإعلان عنها لاحقاً.
كيف تتمّ عملية تمويل المشروع؟
إن كلفة هذا العمل مرتفعة جداً فصناعة الكتاب كغيرها من الصناعات تحتاج للمادة الأولية أو «الخام»، ومادتنا هنا كانت متوفّرة بشكل عشوائي ونادر أحياناً. وفي ما يخصّ التمويل، أتوجّه بالشكر إلى الشخصيات الاغترابية التي ساهمت بالرعاية والدعم لتنفيذ هذا العمل. أما ما تبقّى من تكاليف فقد تمّ تأمينها بتمويل ذاتي وجهود فردية، وطبعاً لا تزال الأبواب مفتوحة لمن يرغب في الانضمام إلى لائحة الشخصيات اللبنانية الداعمة والراعية لهذا الكتاب، وتدوين اسمه على اللوحات التذكارية وضمن السجّل الخاص بالرعايات الذي سيوزَّع بالتوازي مع الإعلان عن إطلاق العمل.
ما أصعب ما واجهتموه في تحضير الكتاب؟
الصعوبات والعقبات هي الرفيق الدائم لأي عمل جدّي، وأصعب ما واجهناه هو البحث عن المعلومة الدقيقة والصحيحة والتحقق منها، ولكنّ إصرارنا على إنجاز هذا العمل دفعنا لوصل الليل بالنهار يحيث استغرق إصداره حوالي الأربع سنوات تقريباً. وكان إختصارها إلى أقل من ذلك مستحيلاً، بسبب انتشار المعلومات وتوزّعها في أكثر من ناحية، فقد لجأنا إلى الزيارات المباشرة، لكافة الهيئات والمؤسسات والأشخاص المعنيين، كأساس لمصادر المعلومات الصحيحة والدقيقة، وفقاً لنماذج أُعدت خصيصاً لهذا الغرض، الأمر الذي تتطلب وقتاً وجهداً كبيرين، وكلفة مادية باهظة.
ما الذي يوفي فريق العمل حقه ويشعره أنه حقق المطلوب؟
برأيي النجاح هو قرار، تماماً كالسعادة. فإنجاز العمل بحد ذاته هو من يفي فريق العمل حقه. وقمة الرضى هو تحقيق أحد الأهداف التي نطمح إليها، ولا تقتصر على إنجاز هذا العمل وحسب، بل تتعداها إلى أهداف أسمى تحمل في طياتها أبعاداً ثقافية واجتماعية ووطنية.
وبالتوازي مع هذا العمل باشرنا التحضير لعدة نشاطات برعاية وزارة الثقافة والوزارات المعنية وبالتعاون والتنسيق مع الهيئات والمجالس الإغترابية والنقابات في لبنان والعالم، نتوخى من خلالها ربط لبنان المقيم بلبنان المغترب إنمائياً في كافة المجالات يُعلن عنها تباعاً حينه.