الجمهورية
فادي عبود
كتب المحامي الدكتور عبد الحميد الأحدب في جريدة «الاوريان»، انّ الحل يكمن في ولاء جميع الطوائف للبنان، ونحن نؤيّد هذا الطرح ونسأل: ألا يبدأ ذلك بولاء المسيحي اللبناني لأخيه المسلم اللبناني، وولاء المسلم اللبناني لأخيه المسيحي اللبناني؟
يجب ان نقتنع انّ مصلحة شريكي في الوطن هي مصلحتي، فحين تأخذ كل طائفة في الاعتبار مخاوف ومطالب الطائفة الاخرى قبل كل شيء، حينها نحقق الوحدة الحقيقية.
حين تسعى كل طائفة للانفتاح على مخاوف الطائفة الأخرى، وتبدأ بمراعاة ذلك بانفتاح مطلق، نصل إلى وحدة حقيقية، وقبل القيام بأي خطوة او التزام نفكر كيف ستنعكس هذه الخطوة على شريكي في الوطن، نكون بدأنا بالتأسيس لوطن حقيقي. وحين تكون المخاوف متضاربة علينا ان نتقبّل الاختلاف، وانّ نتقبّل طريقة عيش الآخر بحيث اعيش بحسب عاداتي وتقاليدي، ولكن لا افرضها على الآخر ولا انتقد طريقة الآخر في العيش.
مع الأسف، انّ البعض في الطوائف يعتبرون انّهم موكلون من الله لتطبيق قواعد دينهم على الجميع، الله ليس في حاجة الى وكيل على الارض، فهو القدير، ومهما بلغت معرفة الإنسان يبقى بعيد جداً عن إدراك كثير من الامور الإلهية، لذلك يجب ان نتمتع بالتواضع الكافي، ولا يجوز ان يسمح الانسان لنفسه بادّعاء إرادة الله. وكلنا نعرف انّ هناك منافقين يدّعون التقوى والايمان خدمة لمصالحهم الشخصية.
إنّ الأديان السماوية تشدّد على التقرّب من الآخر واحترام الحرّية الفردية. ففي سورة البقرة: «لا إكراه في الدين فقد تبين الرشد من الغي…». اما السيد المسيح حين سأله أحد من الجموع: من هو قريبي؟ روى له قصة السامري الصالح، والتي تؤكّد انّ معيار التقارب الإنساني هو الرحمة والمحبة. اما تعاليم الموحّدين الدروز فترتكز على تحقيق الإنسانية في الانسان، فهي تحرّر الإنسان وتحكم العقل وتوجّهه في اتجاه العلم والمعرفة. أين نحن من سمو هذه الأقوال؟ يجب ان تكون العلاقة الإيمانية مع الله هي جسر لتقريبه من الآخر ومن جاره ومن شريكه في الوطن وليس العكس.
تعيش الطوائف اليوم في وديان مختلفة، متباعدة، تبتدع مخاوف من الطرف الآخر، وتبتدع آلية دفاعية، وتدافع عن فاسد لأنّه من الطائفة نفسها. وهذا خطأ، علينا ان نخلق تجمعاً للأوادم لكي نبني البلد، ونؤمن انّ اي آدمي من طائفة اخرى قربه لي وكأنّه من طائفتي، اما الفاسد من طائفتي فهو عدوي وعدو الجميع.
ولتعميق ولاءاتنا بعضنا لبعض، يجب تحقيق خطوات تساهم في انفتاح الطوائف واندماجها، اولاً عبر الزواج المدني الاختياري، او ان نقرّ قوانين جديدة تسمح بالزواج الديني المختلط، بمعنى إذا اراد فتاة وشاب من طائفتين مختلفتين ان يرتبطا، يمكنهما القيام بذلك لدى كاهن او شيخ، وهذا مطلب اساسي في بلد متعدّد الطوائف. فكيف يُعقل انني استطيع تزويج ابني من اي فتاة حول العالم من طائفة معينة وأعجز عن تزويجه لابنة جارنا الذي تجمعني به عشرة عمر لأنّها من طائفة مختلفة. كيف سمحنا بتكبير هذه الحواجز الى هذا الحدّ؟ وكيف ينطلق بعض النواب باقتراح قانون عدم تجريم المثلية الجنسية ويتناسون قانون الزواج المدني الاختياري؟ اليس الأجدى منح الحقوق الفردية لمن يريد الزواج في وطنه من طائفة اخرى قبل السير بمطالب اخرى جدلية؟
ولاؤنا بعضنا لبعض يتطلّب عملاً جاداً والتزاماً من الجميع، فيما تبقى الشفافية الحامي الرئيسي للجميع والقادرة على تعزيز الثقة بين كافة الاطراف.