محمد دهشة - نداء الوطن
إتفاق وقف إطلاق النار في مخيم عين الحلوة صمد ولكنه بقي يتأرجح على حبال الالتزام حيناً والخرق أحياناً وإن كان محدوداً، وتجري معالجته سريعاً بإشراف ميداني من هيئة العمل المشترك الفلسطيني في لبنان على اعتباره طوق نجاة بعد ثلاثة أيام من الاشتباكات بين حركة «فتح» والناشطين الإسلاميين، وقد أسفرت عن سقوط 10 قتلى وأكثر من 60 جريحاً.
وأوضح مسؤول فلسطيني لـ»نداء الوطن» أنّ الجهود تركّزت على أمرين: تحصين وقف إطلاق النار وسحب المسلحين، وتشكيل لجنة التحقيق في جريمة الاغتيال التي تعرّض لها قائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني في منطقة صيدا اللواء محمد العرموشي ومرافقيه الأربعة، وكذلك جريمة قتل عبد الرحمن فرهود عند مفرق سوق الخضار قبل يوم واحد.
وفي المعلومات، فإنّ الاتصالات بوشرت مع الأطر الفلسطينية المعنية، حركة «فتح» ومعها فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، تحالف القوى الفلسطينية بما فيها حركة «حماس» و»الجهاد»، والقوى الإسلامية (عصبة الأنصار والحركة المجاهدة) لتسمية مندوب لكلّ منهم كي تباشر عملها، حيث تقرر ان تكون برئاسة اللواء معين كعوش وبمشاركة وبمشاركة قائد القوة المشتركة الفلسطينية اللواء محمود العجوري، لتباشر عملها على الفور.
ميدانياً، ورغم هدوء المخيم الذي خرق بشكل محدود، تبيّن أنّ الحركة بقيت حذرة وخفيفة في شوارع المخيم وأحيائه، خاصة في تلك التي شهدت اشتباكات بين الطوارئ والبركسات والصفصاف وحطّين وجبل الحليب، كما تبيّن انكفاء المسلحين من الشوارع إلى مواقعهم ومكاتبهم مع بقائهم على جهوزيتهم العسكرية، وقيام المئات من النازحين بتفقد منازلهم وممتلكاتهم والعودة إلى صيدا بعد أخذ احتياجاتهم بانتظار المزيد من الاطمئنان واستقرار الأوضاع الأمنية. كذلك تبيّن حجم الأضرار الكبيرة التي لحقت بالممتلكات، إذ تضررّت مئات المنازل والسيارات والمحال التجارية، وسط تساؤلات عمن سيعوّض عليهم في ظلّ الأزمة المعيشية والاقتصادية الخانقة، واستمرار وكالة «الأونروا» بإيواء النازحين في مدرستين من مدارسها في صيدا (نابلس) ومخيم المية ومية (عسقلان)، وقد تعاونت مع الجمعيات الأهلية والمؤسسات المدنية عبر جمعية «عمل تنموي بلا حدود» – نبع، لتأمين كافة احتياجاتهم الإغاثية والإنسانية والغذائية.
سياسياً، أكّد مسؤول «حزب الشعب الفلسطيني» في لبنان غسان أيوب لـ»نداء الوطن» أنّ اتفاق وقف إطلاق النار داخل مخيم عين الحلوة طبّق بنسبة 99 في المئة، وأنّ السفير الفلسطيني أشرف دبور أعطى قراراً لقيادة الأمن الوطني الفلسطيني بالالتزام، كاشفاً عن تشكيل لجنتين من هيئة العمل المشترك، كل واحدة منهما مؤلفة من أربعة مسؤولين لمتابعة أي خرق مع طرفي الاشتباك. واعتبر عضو قيادة حركة «حماس» في الخارج علي بركة أنّ استمرار الاقتتال يضرّ بالمصلحة الفلسطينية، والعلاقات الأخوية اللبنانية – الفلسطينية، ويشكّل خطورة كبيرة على صعيد قضيتنا الوطنية الفلسطينية، وهي ليست بعيدة عن استهداف قضية اللاجئين الفلسطينيين ونضالهم من أجل العودة، مشيراً إلى أنّ الحركة ومنذ اندلاع الاشتباكات أعلنت رفضها لها ودعت الى تغليب لغة الحوار، حقناً لدماء الشعب الفلسطيني وحفاظاً على السلم الأهلي اللبناني.
صيداوياً، وعلى وقع إقفال سراي صيدا الحكومي والكثير من المؤسسات، تمّ تأجيل جلسة لأعضاء مجلس بلدية صيدا، كان مقرّراً انعقادها اليوم الخميس، لانتخاب رئيس جديد لها، بعدما قدم رئيسها السابق المهندس محمد السعودي استقالته وتمّ قبولها رسمياً، على أن يتمّ تحديد موعد جديد. كما تمّ تأجيل زيارة وزير الصحة العامة الدكتور فراس أبيض إلى مستشفى صيدا الحكومي، حيث كان من المقرر تفقده للاطلاع على حجم الأضرار التي لحقت به.
وتابعت القوى السياسية الصيداوية تطبيق الاتفاق بينما بقيت الحركة خفيفة في الطرف الجنوبي المحاذي للمخيم، وبدت ناشطة في الطرف الشمالي وفي الوسط، حيث السوق التجاري وشارع المصارف والصيرفة. وجال الأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري النائب الدكتور أسامة سعد في السوق التجاري، والتقى الأهالي وأصحاب المحال التجارية والعاملين فيها، قبل أن يزور سوق الخضار ويلتقي أصحاب البسطات، حيث اطمأن عليهم وعلى أوضاعهم في ظل الأحداث في المخيم التي أثرت على المدينة بشكل كبير، ونتج عنها أضرار مادية واقتصادية ومعنوية في المدينة على اللبنانيين والفلسطينيين على حد سواء.
وعقدت أمانة سرّ تجمع المؤسسات الأهلية اجتماعاً في مركز جمعية التنمية للإنسان والبيئة، تناولت فيه متابعة ما تقرر في الاجتماع الموسع الذي انعقد في جمعية النجدة الشعبية اللبنانية والأحداث الأليمة التي جرت في مخيم عين الحلوة وما سببته من ضحايا ونزوح وأضرار، مؤكدة استمرار الجهود المبذولة لوقف هذه الاشتباكات العبثية.
ومساءً، تجددت الاشتباكات واشتدت حدّة إطلاق النار والقذائف ووصل الرصاص الطائش إلى صيدا.