سامر الحسيني - الأخبار
على جانبَي الطريق الدولي بين شتورا والمصنع، تصطفّ نحو 1700 شاحنة مبرّدة وعادية، وقد اختفت معالمها تحت طبقة سميكة من الغبار، ما يشير بوضوح إلى آثار الكارثة الاقتصادية التي لحقت بهذا القطاع منذ قرار المملكة العربية السعودية حظر الاستيراد من لبنان قبل ثلاث سنوات. يقول أحد السائقين: «منذ ثلاث سنوات، لم أحرّك الشاحنة متراً واحداً، واليوم تطالبنا الدولة ببدل ميكانيك يزيد على 11 مليون ليرة لكل شاحنة».
غير أن أزمة قطاع النقل الخارجي لا تتعلق بالقرار السعودي حصراً، وإنما بـ«تنكيل» مالي يتعرّض له هذا القطاع عبر الرسوم التي تفرضها سلطات الدول العربية التي يسلكها. ففي عام 2015، قررت السلطات السورية استيفاء ضريبة مرور، تحدد قيمتها بحسب وزن الشاحنة والمسافة التي تقطعها داخل أراضيها. فاذا كانت الشاحنة، مثلاً، تزن 40 طناً وتتجه الى معبر نصيب على الحدود مع الأردن، أي أنها تقطع 150 كيلومتراً في الأراضي السورية، تصل قيمة الضريبة إلى 600 دولار ذهاباً و300 دولار في طريق عودتها الى الأراضي اللبنانية. أما الشاحنات التي تتجه إلى الحدود العراقية، على مسافة 800 كيلومتر، فتتكبّد ضريبة تصل إلى 5000 دولار، تقلّ أو تزيد بحسب حجم الحمولة. وأشار المصدّر علي فاضل إلى أن «الضريبة السورية تحرق كل الأرباح وتعدم أيّ إمكانية لبيع إنتاجنا».
وعلى الحدود الأردنية، يتوجّب على كل شاحنة دفع نحو 600 دولار على الأقل رسوم تخليص جمركي، فيما لا يكلف لبنان أي شاحنة أردنية أكثر من 100 دولار.
كما تُفرض على الشاحنات اللبنانية التي تدخل الأراضي الأردنية ضريبة مبيعات تُحدّد وفق حجم الحمولة وتسعيرة المنتج. فالشاحنة المحمّلة بـ 25 طناً من التفاح، مثلاً، تتوجب عليها ضريبة مبيعات تصل الى 1200 دولار يدفعها المصدّر اللبناني ويستعيد نحو 80% من قيمتها بعد بيعها من قبل التاجر الأردني. ويؤكد مصدّرون أن قيمة هذه الضريبة تصل أحياناً إلى نحو عشرة آلاف دولار لبعض أنواع الفواكه كالأفوكادو. كذلك، تتكبّد كل شاحنة لبنانية نحو 1000 دولار رسوماً على الحدود العراقية. وقد أدّى ذلك إلى لجوء المصدّرين إلى اعتماد شاحنات النقل السورية فقط باتجاه العراق، الذي يستقبل يومياً أكثر من 25 شاحنة سورية محملة بمختلف أنواع الفواكه والخضر اللبنانية، علماً أن القانون يلزم المصدّرين، لحماية قطاع النقل الخارجي، الاستعانة بشاحنة لبنانية في التصدير مقابل إجازة الدخول للشاحنة السورية أو سواها من الشاحنات غير اللبنانية. وقد دفع ذلك بكثيرين الى التحايل عبر نقل بضائعهم بشاحنات لبنانية الى الحدود السورية، حيث تفرغ حمولتها لتعبئتها في شاحنات سورية.
السفارة السورية في بيروت أعلنت، أمس، عن قرار رسمي بخفض رسوم العبور بنسبة 50% على الشاحنات اللبنانية المحملة حصراً بمنتجات لبنانية، وجرى إبلاغ وزير الأشغال العامة والنقل علي حمية بمضمون هذا القرار. وهو ما قوبل، بترحيب المصدّرين وأصحاب الشاحنات، آملين باستمرار التواصل مع الجانب السوري لرفع كامل لهذه الضريبة، إذ إن الضريبة لا تزال مرتفعة، وخصوصاً للمصدّرين الى العراق بسبب طول المسافة.
ودعا رئيس تجمع مزارعي وفلاحي البقاع إبراهيم الترشيشي الحكومة إلى إطلاق ورشة حوار مع سوريا والأردن والعراق لخفض الرسوم على الصادرات الزراعية، لافتاً إلى أن «تخفيض الضريبة السورية يرفع حجم التصدير الى الأردن، أما بالنسبة إلى العراق، فإن كلفة الضريبة لا تزال مرتفعة، ولا يزال الحظر السعودي سارياً على المنتجات اللبنانية، فضلاً عن رسوم تحت تسميات مختلفة بهدف الهروب من شروط بنود اتفاقية التيسير العربية». وأكّد أن «كل ما يروّج من جهد رسمي يبقى في إطار البروباغندا الإعلامية»، إذ يقف لبنان مكتوف اليدين أمام العراقيل التي تعترض إنتاجه الزراعي وتشلّ قطاع النقل البري المخصص للتصدير، فيما تدخل الشاحنات العربية لبنان من دون أيّ عقبات.