الغجر السورية والمزارع اللبنانية
الغجر السورية والمزارع اللبنانية

أخبار البلد - Saturday, July 8, 2023 6:46:00 AM

نداء الوطن 

طوني فرنسيس


يروي أبناء بلدة الغجر التي احتلتها إسرائيل خلال حرب حزيران 1967 أنّ قوات الاحتلال تجنبتها في البداية باعتبارها بلدة لبنانية، ثم عادت واحتلتها بوصفها سورية تابعة للجولان ومحافظة القنيطرة تحديداً. السكان، وجميعهم من الطائفة العلوية كانوا يومها في حدود الـ600 نسمة، بعضهم انتقل إلى سوريا ومن تبقى منهم استمر في أرضه، سورياً، إلى أن فرضت عليه إسرائيل جنسيتها غداة قرارها بضم الجولان عام 1981.

كبرت الغجر منذ ذلك الحين. بات عدد سكانها يناهز الثلاثة آلاف نسمة. وفي زمن الاجتياحات الإسرائيلية للبنان منذ عام 1978 ثم الاحتلال المديد حتى عام 2000، بنى الغجريون السوريون حَمَلَة الجنسية الإسرائيلية منازل إضافية في الأراضي الشمالية للبلدة التي هي جزء من الأراضي اللبنانية. وبات على لبنان أن يتحمل مسؤولية مواطنين سوريين يحملون الجنسية الاسرائيلية يقيمون على أرضه، وتصنفهم إسرائيل كـ»مواطنين اسرائيليين يقيمون على أرض العدو!».

قد لا يريد الغجريون التخلي عن سوريتهم، وهم يبدون اهتماماً خاصاً بتطوير بلدتهم التي تحولت إلى مركز استقطاب سياحي، لكنهم كما يقولون لا يريدون الالتحاق بلبنان ولا هو يريد ذلك.

المشكلة أنّ جزءاً منهم يقيم على أرضه بمقتضى خط الانسحاب الإسرائيلي عام 2000. وهذه الأرض لبنانية وستبقى، لكن السلطات اللبنانية لم تفعل شيئاً لحفظها، كما أنّ صوتاً سورياً رسمياً لم يرتفع دفاعاً عن حق سوريا بالغجر وحق سكانها بالتحرر من الاحتلال والعودة إلى الوطن الأم كجزء من الجولان الذي يفترض أن يعود إلى سوريا.

تواطأ كثيرون للبقاء على زاوية مثلث الحدود اللبنانية - السورية- الفلسطينية حالةً غريبة وحقل تجارب للتوترات المدروسة. وضعية الغجر السورية المحتلة مع لبنان تشبه وضعية مزارع شبعا اللبنانية مع سوريا، ويجمع المنطقتين احتلال إسرائيلي بحكم الأمر الواقع القائم على توازن القوة.

في الغجر أملاك سورية على أرض لبنانية تعترف بها الأمم المتحدة، وفي تلال شبعا مزارع لبنانية على أرض سورية تنتظر ترسيماً للحدود بين لبنان وسوريا، وفي كل تلك الأنحاء انتشار إسرائيلي وفرزٌ وضمٌ يحتمي بتقصير دولتي لبنان وسوريا.

كان الأجدر أن تتقدم مؤسسات السلطة اللبنانية فتمسك بحدودها بيدها، ولا يزال الأمر متاحاً، فتنتهي قصة الغجر وهي الأبسط، وتتابع في الوقت نفسه مسألة المزارع مع سوريا والأمم المتحدة، لكن ذلك يبدو ممنوعاً، فهذه الزاوية الجغرافية الجنوبية مطلوب منها أن تبقى صورةً لأكثر مشاهد صراعات المنطقة غرائبيةً.

 

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني