تُشكّل أزمة المناخ تحديّاً جديّاً يتطلب تعاوناً دوليّاً وذلك لمواجهة التداعيات التي تنجم عن الإحتباس الحراري. تُشير الوقائع الحالية بأن تبدّل المناخ أصبح يحتّل الاولوية لدى الدول، المنظمات الدولية والمجتمع الاهلي، إذ أدرك الجميع، مواطنين ومشرّعين، أن موارد كوكب الأرض ليست أبدية، بل يتم إستنزافها بسرعة كبيرة وهذا يشكّل أكبر خطر على الحياة البشرية.

يبذل المجتمع الدولي ومنذ سبيعينات القرن الماضي جهوداً حثيثة لتخفيض نسبة الإنبعاثات وتنعقد لهذه الغاية مشاورات ومفاوضات تحت عنوان دبلوماسية المناخ وعلى عدة مستويات ومن أهمها تلك المفاوضات التي يجريها بين قادة الدول والخبراء في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ – مؤتمر الأطراف COP، وتنعقد الدورة ال 28 في دبي خلال شهر كانون الأول 2023 .

تماشياً مع الاهمية التي تتصدرها أزمة المناخ في الأروقة الدولية وبين الخبراء، صدر حديثاً عن دار أبعاد في بيروت، كتاباً تحت عنوان " دبلوماسية المناخ – الحلول الدولية والوطنية " للدبلوماسي اللبناني د. حمزة جمّول وهو يشغل منصب نائب السفير اللبناني في برلين، والباحثة في جامعة تورينو الإيطالية د. إيمانويلا لوتشي ويُعالج الكتاب دور الدبلوماسية الدولية في التوصل إلى حلول عملية وعالمية موحّدة لأزمة تبدّل المناخ ويعرض كافة الإتفاقات الدولية التي عالجت ازمة المناخ بما فيها اتفاقية باريس.

يعتبر الباحثان في الكتاب انه يمكن لوزارات الخارجية أن تلعب دورًا حاسمًا في الجهد العالمي للتصدي لتغيّر المناخ وذلك من خلال تأسيس مديريات جديدة في هياكل وزارات الخارجية، خصوصاً في الدول النامية، إذ تهتم هذه المديريات المبتكرة حصراً بدبلوماسية تبدّل المناخ بالإضافة إلى تعيين مبعوث خاص للمناخ، ويشير الكتاب الى تجربة عدة دول قامت بهذه الخطوة مثل ألمانيا وإيطاليا وأميركا والمملكة العربية السعودية والإمارات وقطر على سبيل المثال وليس الحصر.

يعالج الكتاب أيضاً العلاقة السببية المتنامية بين تبدّل المناخ والحروب والهجرة، إذ توفّر محدودية الموارد الطبيعية أرضًا خصبة للعنف ولإزدهار الجماعات المتطرفة والإرهابية لتوسيع نطاق تأثيرها. إن تأثير تغير المناخ على النزاعات المسلحة وعلى الأمن البشري هو حقيقة مؤكدة، وبدأ يحتلّ هذا الموضوع منذ فترة حيّزاً هاماً في نقاشات الدول وداخل المنظمات الدولية خصوصاً الأمم المتحدة خصوصاً أن الدراسات تشير إلى أن ما بين 3 في % و 20 في % من نزاعات القرن الماضي نتجت عن عوامل مرتبطة بالمناخ وستزداد النزاعات مع إستمرار إرتفاع الإحتباس الحراري.