محمد دهشة - نداء الوطن
أن تجد امرأة تساعد زوجها في الزراعة في عكار حالة مألوفة، لكن أن تكون ربّة العمل وصاحبة بيوت بلاستيكية، تدير بنفسها العمل وتشرف عليه، فهو أمرٌ مستجدّ على الحياة الزراعية في محافظة عكار، حيث الزراعة محسوبة أكثر على فئة الرجال.
فكما دفعت الأزمات التي تتوالى على المزارعين وعلى القطاع الزراعي في السنوات الأخيرة، ببعضهم مرغمين على هجران المواسم، فإنّ الأوضاع في باقي القطاعات ليست أفضل.
فيفيان ديب سيدة من بلدة تلعباس الغربي في عكار تمتلك عدداً من مشاريع النايلون أو ما يعرف بالبيوت البلاستيكية من أجل الزراعة، ويعمل لديها عدد من العمال والعاملات، الذين يزرعون الخيار والبندورة واللوبياء والباذنجان والملوخية وغيرها. فالموظفة الإدارية سابقاً في مؤسسة خاصة بحكم اختصاصها، انتقلت حالياً إلى العمل في الأرض ومهنة الزراعة تحديداً. تزور بيوتها البلاستيكية في تلعباس الغربي يومياً، تتفقّد المزروعات، وتتحدّث إلى العمال والعاملات، وتسأل عن كل مشروع وزراعة، تعتبر هذا العمل حياتها وشغلها الشاغل عن أي شيء آخر.
تقول فيفيان لـ»نداء الوطن»: «الزراعة مصدر اكتفاء للناس فالأمن الغذائي هو الأولوية، ولا تؤمّنه إلا الزراعة بشكل أساسي. هذه المشاريع جنى العمر بالنسبة إليّ، ولا تمتلك كل النساء الجرأة لكي يقمن بمثل هذه الخطوة. فهذا العمل هو حياتي وأمضي فيه كل وقتي». وبما أنها دخلت معترك الزراعة من بابه الواسع فإنّها تواجه مشكلات كغيرها من المزارعين. وتقول في هذا الصدد: «مشكلاتي كثيرة ككل المزارعين، خصوصاً ارتفاع أسعار الأسمدة والأدوية مقابل تدنّي أسعار المبيع في السوق، إلى جانب عدم اهتمام الدولة فينا كمزارعين، إذ ليس هناك أي دعم رسمي نحصل عليه كي نستمر».
وتطالب ديب الدولة ووزارة الزراعة «بدعم المزارع في عكار وتشجيعه من أجل تحسين نوعية إنتاجه والاستمرار في العمل بالأرض، وذلك تأميناً لحمايته، ومنعاً للمضاربة التي يتعرّض لها من الخارج». وتحض سيدات عكار وكل المناطق التي ينشط فيها القطاع الزراعي، على العمل في الزراعة لأنّ «الأرض بالنسبة إلينا هي الحنين والماضي والحاضر والمستقبل. علينا أن نتمسّك بها فهي تصنع من المرأة إنسانة مكافحة في سبيل نفسها وعائلتها، فتحقق ذاتها وتصنع مستقبلها».
تروي فيفيان قصتها وشغفها بالزراعة على أمل أن تشكّل قصتها حافزاً لنساء أخريات، يبحثن عن العمل أو يجتهدن في إيجاد مشاريع ولا يجدن الطريقة والبداية.