طوني كرم - نداء الوطن
ما كان ينقص رئيس حكومة تصريف الأعمال المعتبرة مستقيلة نجيب ميقاتي، سوى قرار المجلس الدستوري- السياسي - وليس القانوني، المرتبط بردّ مراجعات الطعن في قانون التمديد للمجالس البلديّة والاختياريّة، لكي تعمد حكومته إلى تخطي كل الإعتبارات القانونيّة الناجمة عن شغور سدّة الرئاسة الأولى، والتي تحصر صلاحيات حكومة تصريف الأعمال في إطارها الضيّق، بعيداً عن إتخاذ القرارات «التصرفية» وما يترتب عليها من آثار ماليّة او قانونية تبدل في الأوضاع القائمة بصورة جذريّة.
وبعد ترجيح المجلس الدستوري الطبيعة الدستورية للضرر الناجم عن إبطال الطعن الذي يَمسّ مبدأ إستمراريّة المِرفق العام، على الضّرر النّاجم عن المُخالفة الدستوريّة، واعتبار أنّ انتظام أداء المؤسّسات الدستوريّة هو أساس الانتظام العام في الدولة، وأنّ الفراغ في المؤسسات الدستوريّة يَتعارض والغاية التي وجِدَ من أجلها الدّستور، ويُهدِد النظام بالسقوط ويَضع البلاد في المَجهول، إلى جانب بتّ مدى دستوريّة مُمارسة حكومة تصريف الأعمال صلاحيات رئيس الجمهورية وكالةً، عملاً بأحكام المادة /62/ من الدستور وآليّة عقد جلساتها وإتّخاذ قراراتها... وبعد هذه الاعتبارات بدا لافتاً جدول أعمال «مبهبط» لجلسة مجلس الوزراء، من خلال تضمنه «بنوداً تتخطى كثيراً ما يحق لحكومة تصريف أعمال القيام به»، وفق ما أعلن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي حمّل بدوره «مسؤولية تدهور أوضاع البلاد وجرّ الشعب اللبناني إلى ما هو أسوأ مما يعيشه اليوم، لإصرار الأكثريّة الوزارية الحاليّة المكوّنة من أحزاب الممانعة وحلفائها على تجاوز الدستور على الصعيدين الوزاري والنيابي».
وفي هذا السياق، كشف المحامي الدكتور عادل يمين لـ»نداء الوطن» عن أن المجلس الدستوري «لا يستطيع مراقبة مدى دستوريّة إجتماعات الحكومة أو عدم دستوريتها، نظراً لاختصاصه بالطعون الناشئة عن الإنتخابات النيابيّة والرئاسيّة، وبمراقبة مدى دستوريّة القوانين عندما ترد مراجعة إليه». وأوضح أنّ صلاحيّة النظر في مدى شرعيّة قرارات الحكومة، «تعود إلى مجلس شورى الدولة في ما يتعلق بالقرارات الإداريّة، من دون أن يكون لمجلس الشورى حق النظر في الأعمال الحكوميّة، أي التي تتعلق بممارسة السيادة».
ولفت إلى أنّه «لا يجوز القول إن المجلس الدستوري أجاز للحكومة الإجتماع من عدمه، في ظلّ عدم إناطة الدستور أي صلاحيّة له بذلك، ولا بما يتعلّق بأعمال الحكومة، نظراً لخروج هذا الأمر عن اختصاصه».
ورأى يمين أنّ الواقع يقتضي وضع الأمور في نصابها، والقول إن المجلس الدستوري «غير مخول التوسع بما ذهب إليه في قراره خارج إطار النظر في قانون التمديد للمجالس البلدية والإختياريّة». ومع بتّ «المجلس» في قراره اجتماعات الحكومة وتوليها صلاحيات رئيس الجمهورية بالوكالة، أشار يميّن إلى «أن الدستور أناط بحكومة تصريف الأعمال، تصريف أعمالها هي، بالمعنى الضيّق، وليس تصريف أعمال رئيس الجمهورية». وأضاف «إذا كانت صلاحياتها محصورة بتصريف أعمالها هي وبالمعنى الضيّق، فلا يعقل أن تتولى صلاحيات مرجعٍ دستوريٍّ آخر». واكّد أنّ أي إجتماع تعقده حكومة تصريف الأعمال بصيغة مجلس الوزراء، «هو ذو طبيعة إستثنائيّة، وليس طبيعة دوريّة». ولفت إلى أنّ الإجتماعات الإستثنائيّة لمجلس الوزراء، يدعو إليها رئيس الجمهورية بالإتفاق مع رئيس الحكومة، «وفي ظل غياب رئيس الجمهورية، لا وجود لمرجعٍ دستوريٍ قادر على النظر أو توجيه دعوة لإنعقاد مجلس الوزراء إستثنائياً».
وأضاف: أنّ إجتماع مجلس الوزراء في ظلّ تصريف الأعمال، «يحوّل الحكومة جسماً خارج توازن السلطات وفصلها وتعاونها، لغياب سلطة مقابلة تردعها جرّاء فقدان رقابتي البرلمان ورئاسة الجمهورية الناجمة عن الشغور الرئاسي». الأمر الذي دفع يمين إلى الجزم بعدم إمكانية مجلس الوزراء تولّي صلاحيات رئيس الجمهورية بالوكالة، ولا الإجتماع. ودعا إلى البحث عن «صيغ خلّاقة، (المراسيم الجوالة)، نظراً لأن الصيغة المعتمدة في المادة 65 من الدستور لإجتماعات مجلس الوزراء، موضوعة لحالة وجود رئيس جمهورية في الحكم. أمّا غيابه، فيدفع إلى إعتماد حلول خلّاقة، أبرزها التوافق في إتخاذ القرارات فقط في حالة الضرورة القصوى وتحت عنوان الإستثناء، على أن تصدر بمراسيم جوالة يوقّعها رئيس الحكومة وجميع الوزراء».