مرلين وهبة - الجمهورية
في غياب أي خرق داخلي في جدار الاستحقاق الرئاسي المعطَّل، ما زالت مبادرة فرنسا قائمة وهي، بحسب مصدر ديبلوماسي فرنسي، ليست تبنّي مرشح ضدّ آخر، بل هدفها إيصال رئيسي جمهورية وحكومة وتنفيذ الاصلاحات المطلوبة في الوقت نفسه.
وعن تبدّل المفاوضين لفت المصدر نفسه لـ«الجمهورية»، الى أنّ السفير بيار دوكان انتهت مهمّته وتقاعد منذ شهرين، والامر ليس تبدّلاً في الموقف الفرنسي، موضحاً أنّ مهمّة دوكان اقتصرت على الملف الاقتصادي كما كانت سابقاً في ملف «cedre» وغيره من الملفات الاقتصادية، بالاضافة الى انّ دوكان كان سفيراً معيّناً من الوزارة، فيما انّ جان ايف لودريان هو موفد رئاسي خاص ولا تقتصر مهمّته على الملف الاقتصادي، بل انّ مهمّته اوسع بكثير.
وكشف المصدر نفسه، ان لودريان وبعد عملية مسح سياسية شاملة في لبنان، سيغادر الى باريس ليعود الى بيروت في غضون اسابيع حاملاً طرحاً ضمن سيناريوهات عدة ايجابية تتماهى مع المسعى الفرنسي.
وفي السياق، يعوّل الفرنسيون على زيارة لودريان، ويأملون ان يكون تحرّكه بمثابة قيمة مضافة لحلحلة الملف اللبناني، بحكم شخصيته واضطلاعه على هذا الملف، حين كان وزير خارجية ووزير دفاع ايضاً في حكومة فرنسوا هولاند قبل 7 سنوات، اي انّ خبرته في الملف اللبناني ستشكّل عاملاً اضافياً ايجابياً الى امكانية إيجاد الحل.
ولم يعد خافياً على اي مكوّن لبناني الاهتمام البالغ الذي تبديه الدولة الفرنسية تجاه الوضع اللبناني، وليس حصراً على صعيد الملف الرئاسي فقط، بل على صعيد الملفات القضائية، الاقتصادية، الأمنية والسياسية كافة. كذلك لم يعد خافياً عمق تراجع الاهتمام العربي بلبنان، إن لم نعترف بتراجع الاهتمام السعودي تحديداً بالملف اللبناني عموماً، بعدما لمست كل المكونات «البرودة» التي تعاطت بها المملكة إزاء الجلسة الانتخابية الرئاسية الاخيرة.
ولتأكيد المؤكّد، كشفت مصادر ديبلوماسية فرنسية لـ»الجمهورية»، انّ ولي العهد السعودي لم يفاتح الرئيس الفرنسي في الملف اللبناني مطلقاً، لو لم يبادر ماكرون إلى الطلب منه إيلاء الملف اللبناني الاهتمام اللازم وضرورة الاستفادة من الاتفاق السعودي ـ الايراني وترجمته ايجاباً على ارض لبنان، الامر الذي وافق عليه ولي العهد السعودي، فوعد ماكرون بالمتابعة والعودة اليه.
وفي هذا السياق كشف المصدر الديبلوماسي الفرنسي ان العلاقة بين ماكرون وبن سلمان قديمة وشخصية وهي ضمن العلاقات الاستراتيجية الوطيدة بين الرجلين والبلدين وليست المرة الاولى التي يطلب فيها ماكرون من ولي العهد التدخل لحلحلة ملفات معينة، والى ذلك يحاول ماكرون حاليا الاستثمار في علاقته مع بن سلمان لحلحلة الملف اللبناني عموما.
ويؤكد المصدر الديبلوماسي ان ما سمعه ماكرون من بن سلمان هو أن الجانب السعودي سيولي الملف اللبناني اهتماماً اكبر . واضاف: «في وقت ان اللبنانيين يعتقدون ان العالم يدور حولهم، تعتبر الادارة السعودية ان الملف اللبناني ملف ثانوي مقارنة مع مشكلات المنطقة». وفي السياق يؤكد المصدر «ان عواصم القرار ملّت من الملف اللبناني بعدما تأكدت من ان الحل واضح وهو ينبع من الداخل وهو سهل انما على اللبنانيين المبادرة».
واكد المصدر الفرنسي نفسه ان الدولة الفرنسية موجودة على الارض في لبنان وتتابع تفاصيل الحركة البرلمانية والسياسية تجاه الملف الرئاسي الذي ما زالت توليه اهمية قصوى وهي على موقفها منه. واضاف «ان الديناميكية السياسية والوضع السياسي اللبناني يؤخذان في الاعتبار وفرنسا تحسب لها حساب لأنها تريد اكل العنب وتريد انتخاب رئيس وايجاد حل اليوم قبل غد وقبل الانهيار».
مهمة لو دريان
عن مهمة لودريان قال المصدر الديبلوماسي الفرنسي: لن يقدم لودريان في البدء طرحاً معيناً انما سيجري جولة استطلاع مع كافة الفرقاء السياسيين والشخصيات الرسمية والكتل النيابية، ولن يلتقي كافة الشخصيات السياسية المعنية بالملف الرئاسي إلا ان الامر لا يعني أنه لن يلتقيهم في مواعيد ستحدد لاحقاً بعد عودته الثانية الى بيروت. إذ كشف المصدر نفسه ان لو دريان سيعود الى باريس بعد ثلاثة ايام ويقدم تقريرا مفصلا عن لقاءاته الى الرئيس الفرنسي ثم يعود الى لبنان مجددا في غضون اسابيع قليلة ليلتقي ربما من لم يلتقهم في زيارته الاولى.
وعلمت «الجمهورية» ان المرشح سليمان فرنجية سيكون بالتأكيد من بين المرشحين الذين سيلتقيهم لودريان، بحسب المصدر الفرنسي، فيما لن يلتقي في المقابل بالمرشح جهاد ازعور... ولكن عدم لقاء ازعور ليس بسبب موقف فرنسي معين منه بل لأن الاخير مقيم خارج البلاد، اي في الولايات المتحدة. وتمنى المصدر من الوسائل الاعلامية عدم الاسترسال وتحليل موقف فرنسا بسبب قرار لودريان بلقاء البعض وعدم لقاء البعض الآخر في زيارته الحالية الى لبنان مرجحاً انه سيلتقيهم عند عودته الثانية القريبة جداً.
طرح بعد الجولة!؟
وفي السياق نفسه كشف المصدر الفرنسي انه وبعد جولة لودريان سواء طرح مبادرة ام لم يفعل او سواء اكد ثبات المبادرة الفرنسية القديمة أم لم يفعل سيكون له تواصل مع عواصم القرار في المنطقة وليس فقط في لبنان وعلى ضوئها سيقدم طرحا سيأتي من ضمن طروحات عدة لكن من دون الغاء فكرة الطرح الفرنسي الاول اي ان يتم تسمية رئيس الجمهورية من قبل فريق وتسمية رئيس الحكومة من قبل الفريق الآخر، لافتاً الى ان لودريان قد يصل الى هذه النتيجة نفسها بعد لقاء المعنيين، اي انه لم يلغِ ابدا فرضية وصوله الى هذا الاحتمال بعد جولته.
في المعلومات ان لودريان لن يعقد مؤتمرا صحفيا للاعلاميين خلال زيارته الاولى بل سيعقد لقاء مع الوسائل الاعلامية خلال زيارته الثانية للبنان.