شارك وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب في الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي لمحاربة داعش المنعقد يوم ٨ حزيران ٢٠٢٣ في الرياض بدعوة من وزيري خارجية المملكة العربية السعودية الامير فيصل بن فرحان والولايات المتحدة الاميركية انطوني بلينكن.
وبعد مداخلتي الوزيرين السعودي والاميركي، القى الوزير بوحبيب كلمة لبنان أشاد فيها بجهود السلطات العسكرية والامنية اللبنانية بمحاربة وهزيمة داعش وحرمانها من ملاذ آمن في المجتمع اللبناني. كما نبه من خطورة استمرار سياسة ابقاء النازحين السوريين على الاراضي اللبنانية في ظل الظروف الحالية الصعبة، محذرا من استغلال الفقر، لاسيما في اماكن تواجدهم لتجنيدهم وتهديد الامن والاستقرار. ودعا الى عودة النازحين الى بلادهم بأمان وكرامة مع تأمين متطلبات الحياة الاساسية والبنية التحتية اللازمة.
وهذا نص كلمة بوحبيب:
"بدايةً أشكر المملكة العربية السعودية على حسن الضيافة والتنظيم، كما وأعرب عن شكري الجزيل للمملكة وللولايات المتّحدة الأميركية على مبادرتهما لعقد هذا الاجتماع، وأحييّ جهود كافّة الشركاء في سبيل القضاء على داعش وما تمثّله من إرهاب بوجه دولنا ومجتمعاتنا وقيمنا وحرياتنا وإرثنا الثقافي والتاريخي والإنساني.
لقد ساهم لبنان، المعروف بتقديسه للحريات وبتعايش أبنائه بتنوّعهم الديني، بهذه المواجهة كونه دفع ثمن موقعه الجغرافي وحدوده المشتركة مع سوريا. فواجه لبنان بحزم تحدّيات كبيرة تمثّلت بتفجيرات متنقلة في المناطق المأهولة ومعارك ميدانية طالت شعبه الآمن ومراكز جيشه الوطني، فاستطاع تفكيك شبكات داعش وتوقيف ومحاسبة أعضائها وكشف خلاياها وهزيمتها عسكرياً، وذلك بفضل جهود السلطات العسكرية والأمنية فيه وفي طليعتها الجيش اللبناني، وبفضل تبادل المعلومات الإستخباراتية والتجارب الناجحة مع دول التحالف والدول الصديقة. كما اتّخذ لبنان إجراءات تشريعية وتنظيمية لصد حركة تمويل هذه الشبكات الإرهابية وقطع مواردها المالية والمادية ونشاطاتها المصرفية، وشدّد الرقابة على حدوده لمنع تسلل المقاتلين الارهابيين الى اراضيه.
وقد نجح لبنان لغاية اليوم بأن يحرم الإرهاب الداعشي من أن يجد ملاذَا آمنًا له في بلدنا او أن يراهن على الجغرافيا وتعددية بلدنا ليتسلّل إلى مجتمعنا، أو أن يستغلّ الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يشهدها لبنان لا سيّما في أماكن تجمّع النازحين واللاجئين لاستقطاب الضعفاء مادياً او فكرياً والافراد الاكثر تهميشاً. لاّأنّه، من الضروري التنبيه أنّ إستمرار سياسة إبقاء النازحين السوريين اللذين قارب عددهم المليونين المتواجدين بصورة خاصّة في شمال وشرق لبنان، في ظروف إنسانية صعبة وتزداد صعوبة في ظلّ أسوأ أزمة منذ تأسيسه، من شأنها أن تسهّل تجنيدهم وإستقطابهم من قبل الإرهابيين وتحويلهم إلى قنابل موقوتة وخلايا ناشطة تهدّد الأمن والاستقرار، سواءً في أماكن تجمّع النازحين، أو حتّى في بؤر تواجدهم داخل المناطق اللبنانية الفقيرة التي تستضيفهم.
في هذا الاطار، نشكر الدول التي دعمتنا أمام تلك التحديات ونذكّر بضرورة إستمرار دعم الجيش والقوى الأمنية اللبنانية ومدّها بالاسلحة والتقنيات اللازمة لتستمرّ في مهمّتها، وبضرورة تقديم الدعم للإقتصاد الوطني وللمرافق العامة تفاديًا لإنهيار مؤسساتي يخلق ظروفًا مثالية لنمو وتزايد الخلايا الإرهابية ونشاطاتها.
لقد ساهم التحالف الدولي بإلحاق هزيمة كبيرة بداعش في العراق وسوريا وعلى العديد من الجبهات، لكنّ الحرب على داعش لم تنتهِ. فما زال لدينا تحدّي إنهاء تخريبه الذي يتنقل من بلدٍ إلى آخر ومن قارة إلى أخرى، لا سيما في افريقيا وآسيا الوسطى، بالإضافة إلى الحاجة لتحرير ما تبقى من مناطق تحت نفوذ هذا التنظيم، وإعادة من تهجّر من سوريا والعراق إلى أرضه بأمان وكرامة وأن تعود إلى هذه المناطق متطلبات الاستقرار والنهوض والحياة ضمن جدول زمني محدّد. كما علينا جميعا العمل لمنع عودة ظهور تنظيم داعش او مثيله لاسيما عبر مكافحة الدعاية الداعشية والتصدي لنشر الفكر الإرهابي.
إن تضامننا وتوحيد جهودنا كدول ومنظمات اقليمية ودولية ومجتمعات في معركتنا بوجه الارهاب الذي يهددنا جميعاً، والذي نكرر انه لا طائفة له ولا جنسية، سيصب حتماً في خدمة السلام والإستقرار الذي يحتاجه عالمنا وشعوبنا اليوم.
ختامًا، نستذكر الأبرياء الذين سقطوا جرّاء الإرهاب الداعشي، ونؤكّد تضامننا مع أهلهم وذويهم، ونقدم تحية إحترام وإجلال للأبطال الذين ضحّوا بحياتهم لهزيمة داعش وكي نعيش نحن بكرامة وحرية وأمان.
شكراً".