كتب المحرر السياسي:
يتنقل الملف الرئاسي بين مقرات القرار الداخلي وعواصم القرار الخارجي، بينما يستمر الفراغ الرئاسي على حاله، وهو دخل شهره الثامن من دون تسجيل أي خرق جدي على صعيد هذا الاستحقاق.
وبينما تسعى الأحزاب المسيحية وبعض نواب المعارضة، على التوافق على اسم مرشح يواجه رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية مرشح “الثنائي الشيعي” دون أي منازع، كان اللافت هو عدم البحث عن الرئيس الجدي السيادي صاحب القرار الحر، حيث بات هدف القوى السياسية مُنصب على الكيدية والمصلحة الطائفية الضيقة، وكأن المشكلة باتت فقط بكيفية تعبئة المركز الأول في الجمهورية اللبنانية كي لا يبقى شاغرا.
فصيغة لبنان الفريدة قد تكون ذاهبة نحو الزوال طالما ان الطائفية هي المسيطرة على المشهد الداخلي اللبناني، ومن هذا المنطلق اصدر الشيخ بهاء الحريري بيانه الأخير، والذي يُعتبر بمثابة دق ناقوس الخطر لوقف كل التسويات والصفقات التي تسعى الطبقة السياسية لتنفيذها بناءً على مصالحها الشخصية والضيقة.
فالشيخ بهاء الحريري درج وخلال كل مواقفه المعلنة والواضحة وفي كل المناسبات، على التشديد بضرورة الالتزام باتفاق الطائف وتنفيذ كل مندرجاته، باعتبار انه يبقى هو الأساس لبناء الدولة الحرة السيدة المستقلة، التي يمكنها المحافظة على حقوق جميع اللبنانيين بالتساوي والتضامن ضمن الشراكة الإسلامية –المسيحية والذي يؤكد على وجوب التمسك بها، وذلك استكمالا لمسيرة والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري عراب اتفاق الطائف والذي دفع حياته ثمنا للمحافظة عليه وصونه، بالشراكة مع البطريرك الماروني الوطني الراحل مار نصر الله بطرس صفير الذي كان من اشرس الداعمين والمدافعين عن هذا الاتفاق، الذي وضع حدا لحرب أهلية دفع لبنان وشعبه غاليا بسببها ولا يزالان حتى اليوم.
من هنا، استذكر الحريري الابن في بيانه والده والبطريرك صفير في هذه المرحلة التي تنشط فيها الصفقات السياسية، بينما المطلوب من كافة المسؤولين الروحيين والسياسيين، وضع مصلحة لبنان ومستقبله كأولوية والابتعاد عن منطق الكيدية والتسويات والصفقات الضيقة، والبحث عن الشخصية التي يمكنها ملء الشغور الرئاسي بمواقفها التاريخية الوطنية، وإخراج لبنان من جهنم الرئيس السابق ميشال عون وامثاله.
ويبقى الأهم ان ما أشار اليه الحريري في بيانه يُعبر عن موقف شريحة كبيرة من اللبنانيين الصامتين، الذين يحلمون بالوصول الى وطن يشبه احلامهم وتطلعاتهم خارج منطق الصفقات والتسويات.
لذلك يبدو ان بهاء الحريري سيواصل مواجهته مع الطبقة السياسية الفاسدة ضمن برنامجه السيادي الاستقلالي الذي بات واضحا ومعروفا.
المصدر :صوت بيروت إنترناشونال