بعدما تعددت "صفاتها"... هل ينأى عرب "قمة جدة" بأنفسهم عن الأزمات الدولية؟
بعدما تعددت "صفاتها"... هل ينأى عرب "قمة جدة" بأنفسهم عن الأزمات الدولية؟

أخبار البلد - Saturday, May 20, 2023 4:54:00 PM

طوني جبران - المركزية 

سيسيل حبر كثير في توصيف القمة العربية الدورية السنوية الثانية والثلاثين التي عقدت في مدينة جدة في المملكة العربية السعودية أمس، وسميت بقمة "المصالحة الكاملة" وقمة "لم الشمل" وقمة "تصفير الأزمات" وقمة "محمد بن سلمان" وقمة اعتراف العرب بـ "زعامة المملكة" للعالم العربي بعد ان تزعمتها كل من مصر و"محور دول الصمود والتصدي" للعدو الصهيوني" قبل ان تتكشف اعمال القمة عن وجه جديد للعالم العربي ولا سيما التوجه الذي قادته "السعودية الجديدة" التي عبرت الثلث الأول من "رؤية" ولي عهدها الأمير محمد بن سلمان على طريق الـ "20 – 30". وهو الذي جمع المتناقضات على أرض المملكة وفي احدى قاعات "الريتز اوتيل" ما يؤدي في حال التزم جميع الملوك والأمراء والقادة والرؤساء العرب بالنهج السعودي بما انتهت اليه القمة من "نأي شامل" ليس للمملكة فحسب انما للعالم العربي عن مختلف الأزمات الدولية.

في ضوء هذه المعادلة التي عبرت عنها اولى القراءات حول اعمالها بانتظار النتائج التي يمكن ان تقود اليها في المراحل المقبلة،اشارت مصادر ديبلوماسية عربية عبر "المركزية" الى تفهمها لهذه القراءة الاولية ولفتت الى صوابيتها، إن نجحت الديبلوماسيتان السعودية والعربية في ترميم العلاقات بين الدول العربية ومعالجة الأزمات الكبرى التي تعصف بالعديد منها في ضوء ما سمي بالمصالحة السعودية – الايرانية بوجهها المزدوج العربي – الفارسي فكيف بالنسبة الى الوجه العربي والإسلامي للعالم العربي.

وأضافت المصادر، على هذه الخلفيات يمكن فهم إصرار المملكة من دون ان تمانع الامانة العامة للجامعة العربية على دعوة الرئيس السوري بشار الأسد الى المشاركة في أعمالها رغم رفض مجموعة من الدول من أصدقاء المملكة وبرودة القادة الآخرين في التعاطي مع بشار الأسد، بمعزل عن ردات الفعل الرافضة لهذه المشاركة التي عبرت عنها الادارة الاميركية ومجموعة من الدول الغربية التي لم ترحب بها على وقع التظاهرات التي عمت أكثر من ثلث الأراضي السورية التي تتوزع ولاءاتها بين الأميركيين والأتراك والمجموعات الكردية التي تظاهرت رفضا لهذه الخطوة.

والى هذه الملاحظات، لا تتجاهل المصادر ضرورة التوقف عند ما تحقق على مستوى ترميم العلاقات العربية - العربية ومعالجة الأزمات الداخلية في سوريا ولبنان والسودان وليبيا كما جزئيا في اليمن والبحرين . فهي أزمات تحتاج الى مهل غير قصيرة للمعالجة. وقد كان لافتا ما رافق عودة الاسد الى الحضن العربي على وقع انتقاده لدور الجامعة العربية وضرورة تفعيل دورها كما بالنسبة الى مفهومه "للحضن العربي" ومطالبته بـ "الالتزام بالعروبة" مثلا – فهي لم تمنع رافضي هذه العودة من التعبير عن مضيهم في موقفهم من وجود الاسد، والدليل كان واضحا بطريقة تعاطي ولي عهد الكويت وممثل المملكة المغربية معه ببرودة . كما بالنسبة الى أمير قطر الذي غادر مقر القمة قبل ان يلقي الاسد كلمته، ولم يكتفِ بمقاطعتها وحسب لا بل غادر المملكة عائدا الى بلاده.

وفي الاطار عينه، لم يظهر ان القمة قد لامست الازمة السودانية، وهو ما شكل اعترافا بتورط العديد من قادة الخليج والعالم العربي الحاضرين في القمة في هذه الازمة الداخلية. وتنسحب المعطيات عينها عند ملامسة الازمة اللبنانية بتفعيل اللجان الخاصة بالازمة السورية والقرار بمعالجة بعض أوجه الازمة ولا سيما الوجه المتصل باستمرار تشريد وإقامة أكثر من سبعة ملايين نازح سوري خارج أراضيهم ودولتهم ومعظمهم من السنة العرب بعد ان سددت المملكة للنظام السوري ثمن ومردود تجارة الكبتاغون باتجاه أراضيها خاصة والدول الخليجية عموما لسنة كاملة بطريقة مسبقة، ان صحت المعلومات التي تحدثت عن حصوله على 4 مليارات دولار قبل البحث بآلية التعاطي بمنطق "الخطوة – مقابل خطوة" كما قال البيان الذي انهى القطيعة بين الجامعة وسوريا.

والى الملاحظات التي تعني العالم العربي، فإن ما شهدته القمة شكل اكثر من رسالة الى اكثر من قوة دولية تحرص المملكة على الاحتفاظ بعلاقاتها الشاملة معها، فدعوة الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي الى الحضور مباشرة وهو ما لم يتحقق في مؤتمر للحلف الاطلسي والاتحاد الاوروبي ولا قمة الدول الصناعية من قبل عندما خاطبهم بالفيديو . وفي وقت عدت الخطوة اكراما للشريك الأميركي للمملكة، فقد استقبلت بالترحيب برقية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومعها موجات الترحيب بالأسد رغم انتقاده العنيف في خطابه ليس لواشنطن فحسب انما طالت انتقاداته اللاذعة الصديق الجديد للمملكة ومصر وقطر العثماني "الجديد في تركيا وحملته التي طالت قطر مباشرة بهجومه على المسلمين "الاخوانجيين".

عند هذه المؤشرات، يثبت للمصادر الديبلوماسية عينها ان العالم العربي _ ان نجحت السعودية في قيادته - يمكنها ان تقودهم الى نوع غير مسبوق من الحياد والنأي بالنفس عن القوى العظمى وما تعانيه من ازماتها الدولية. وان نجح ولي العهد بقيادة المملكة في هذا الإتجاه فهل سيكون بامكانه ترجمة التفاهم مع ايران بطريقة تعيد الاستقرار الى حيث المواجهة كانت قائمة بينهما في اكثر من دولة عربية واسلامية كما في تسوية وانهاء الازمات الداخلية وتطويق تردداتها الخطيرة على الوحدة في البعض منها، تمهيدا للانتقال الى حيث يطمح اليه ويرغب بتحقيقه من نمو اقتصادي واستقرار امني شامل يحيي مشاريع الوحدة العربية الشاملة لإنشاء القارة الجديدة التي يمكنها بثرواتها التي لا سقوف ولا حدود لها ان تنافس المجموعات العالمية الاخرى. كل ذلك يجري تحت سقف الرؤية الجديدة للمنطقة كما وعد الأمير محمد بن سلمان تحت رعاية، وفي ظل ولاية والده "الملك – الشيخ الكبير" الذي احتجب عن الانظار في الفترة الاخيرة، قبل ان يتسلم ولي العهد زمام القيادة العليا في المملكة لوراثته في التوقيت والشكل المناسبين.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني