مرلين وهبة - الجمهورية
يترقّب اللبنانيون القرار النهائي للمجلس الدستوري بعد ان عُلّقت الانتخابات البلدية بقرار صادر عنه، علماً انّ عاملين أساسيين يحدّدان قرار تعليق العمل بالقانون، الاول: الجدّية، أي عندما يرى المجلس انّ الطعون المقدّمة تتضمن اسباباً جدّية وقابلة للبحث، والثاني، إذا كان هناك ضرر يتأتى من عدم تعليق القانون المطعون فيه، ولكن ليس بالضرورة ان يستتبع إبطال مؤكّد قرار التعليق، لأنّ القرار لم يُتخذ «بالأساس»، اي يجب الانتظار حتى اتخاذ المجلس قراره النهائي.
في السياق، ترجح مصادر سياسية مطلعة، انّ القرار لن يكون سهلاً على المجلس المؤلف من بعض القضاة الموالين لجهات سياسية معروفة، وانّ تلك الجهات ستبذل جهدها كالعادة لعدم قبول الطعن بقرارها! والذي اتخذته عن سابق تخطيط، درس وتصميم، نظراً لظروف البلد والوضع المالي المنهار. ولذلك استطاعت إقناع اطراف معارضة لها بالسير في تأجيل تلك الانتخابات والتصويت لصالح التأجيل في مجلس النواب.
ولذلك، تعتبر تلك المصادر، انّ تلك الجهات السياسية ستحاول إخراج «الأرانب» لتمرير التأجيل، ومن بين تلك الأرانب، العمل على منع اكتمال نصاب الجلسة التي سيعيّن تاريخها رئيس المجلس الدستوري الحالي طنوس مشلب، سواء للتصويت على القرار او لإعلان القرار النهائي. هذا في حال تمّ قبول أحد الطعون الثلاثة المقدّمة اليه من قِبل كتلة «القوات اللبنانية»، «الكتائب»، «التغييريون»، وبعض المستقلين. بمعنى آخر، ستحاول ربما الجهات التي ضغطت لتأجيل الانتخابات الضغط باتجاه عدم تأمين النصاب عند تعيين تاريخ انعقاد جلسة هيئة المجلس، وذلك بعد استلام رئاسة المجلس التقرير النهائي من قِبل المُقرِّر الذي تمّ تعيينه، وفي هذه الحالة من عدم اكتمال النصاب، يصبح القانون الحالي ساري المفعول.
من جهة اخرى، تؤكّد مصادر قضائية رفيعة لـ«الجمهورية»، أنّ الانتخابات البلدية كان يتوجب إجراؤها في شهر ايار، وإبطال القرار من قِبل المجلس الدستوري من شأنه إجبار الحكومة على إتمام الانتخابات في اسرع وقت ممكن، ومن المرجح في بداية الشتاء...
وتضيف المصادر: «يعلم القاصي والداني انّه دائماً وفي كل قرار مصيري، سيناريو حصّة بعض الأطراف السياسية محفوظ ودائماً مطروح، انما في ملف الانتخابات البلدية الوضع مختلف، فهناك قانون دقيق ومجتمع دولي يضغط باتجاه إجراء الانتخابات، وهذا مبدأ دستوري. فإذا خضع المجلس الدستوري أمام هذا الاستحقاق ينهي نفسه، اي يقضي على ما تبقّى من صدقيته، لأنّه لا يستطيع تعطيل النصاب لسنة كاملة، علماً انّ مجلس الشورى يتبع الاصول نفسها لإيقاف تنفيذ المراسيم قبل إبطالها، بمعنى انّه يجب ان تكون لدى المجلس اسباب جديّة لاتخاذ قرار الإبطال. وترى تلك المصادر، انّ «المجلس الدستوري لم يكن ليوقف التنفيذ مسبقاً لو لم يكن متّجهاً إلى قرار القبول بالطعن في حكمه النهائي، وإبطال القانون الصادر بتأجيل الانتخابات البلدية. بمعنى اوضح، لو كانت هناك نوايا للرضوخ إلى مشيئة اي طرف سياسي لما أوقف المجلس الدستوري التنفيذ منذ البداية، او بالأحرى لما علّق التنفيذ».
حتى الساعة لا يمكن لأحد تكهّن السيناريو والقرار الاخير، إنما بحسب المصادر القضائية الرفيعة «فإنّ الإبطال سيصبح واقعاً».
مصادر الدستوري: المجلس متلائم
من جهتها، تقرّ مصادر المجلس الدستوري، انّه في عهد الرئيس السابق عصام سليمان، تمّ اعتماد تعطيل النصاب عبر العضو الدرزي، علماً انّ القرار يُتخذ بأكثرية 8 اعضاء على 10. بمعنى اوضح، لانعقاد الجلسة يجب توفّر 8 أعضاء، اما لاتخاذ القرار فيجب ان يوافق 7 اعضاء، فالنصاب ليس الغالبية. فإذا تغيّب ثلاثة اعضاء لا تُعقد جلسة كي يُتخذ القرار، وهذا هو السيناريو الذي حصل في عهد الرئيس سليمان، انما لم يحصل هذا السيناريو حتى اليوم في عهد الرئيس الحالي طنوس مشلب... فيما تستبعد مصادر المجلس الدستوري سيناريو التعطيل، كاشفة أن ليس هناك جو تعطيل بين اعضاء المجلس، بل العكس، هناك تلاؤم إيجابي للمجلس بحسب تعبير المصادر، مضيفة: «حتى عند اختلاف الآراء فالأجواء لا تكون متشنجة داخل الجلسة».
وتجدر الإشارة، انّه وبحسب النظام الداخلي للمجلس الدستوري، يعيّن رئيس المجلس جلسة خلال 5 ايام من تقديم التقرير من قِبل المقرِّر، وتكون المهلة لإصدار القرار النهائي 15 يوماً ابتداء من اول جلسة تُعقد، فإذا لم يصدر قرار خلال الـ15 يوماً يُعتبر القانون الحالي ساري المفعول كما حصل بالنسبة لقانون الانتخابات النيابية.
في المختصر، لدى اعضاء المجلس 15 يوماً كحدّ أقصى من تاريخ انعقاد الجلسة الاولى لاتخاذ قراره النهائي. اما المقرّر فلديه مدة 10 ايام من تاريخ تعيينه لإرسال تقريره. وبحسب المعلومات، فقد تمّ تسمية المقرّر وتعيينه من قِبل رئيس المجلس الدستوري، وفي هذه الحالة من المفترض ان يقدّم المقرّر المُعيَّن تقريره خلال مدة اسبوع حدّ أقصى.
اوساط قضائية مراقبة تعلّق على المشهد البلدي العام بالقول: «لم يكن يتوقع احد الحالة التي وصلت اليها البلديات، فمعظمها استقال وتشرذم، وإعادة صلابة البلديات تتطلب عهداً جديداً ترافقه خطة ورؤية شبابية متقدّمة، ولا يمكن للمنظومة الحالية المتصارعة تحقيق تلك الرؤية، بخاصة بغياب التمويل وثقة المجتمع الدولي». ولذلك، ترى تلك الاوساط، استحالة إتمام الانتخابات البلدية في خضم الصراع القائم، وستكون مؤجّلة حتى إشعار آخر.